الثلاثاء، 12 مارس 2019

جدلية النور والعتمة


جدليةُ النورِ والعتمة
شعر: علاء نعيم الغول 

ماذا أرادَ الأنبياءُ
 وما الذي في الغيبِ
 دومًا لي سؤالٌ لا يُرَدُّ عليهِ 
واعلمْ أنهُ ما صابني ضجرُ انتظارٍ
 دائمٍ مَنْ ليس مِنَّا غير منتظِرٍ
 ومَنْ منَّا أتتهُ إشارةٌ من خلفِ
 هذي الزرقةِ الصمَّاءِ
 نقرأُ ما تناقلهُ الرواةُ ولم يكنْ
 في الأرضِ بابٌ جاءَ منهُ العارفونَ
 ومَنْ سيثبتُ صِدْقَ ما نقلوهُ 
أبدأُ من هنا من نقطةِ الصفرِ التي 
بدأتْ بها أسطورةُ الخَلْقِ التي نُسِجَتْ 
بأطيافِ الخيالِ وما الذي سحبَ الخيالَ
 إلى الأماكنِ نفسها وكيف تجرؤ أيها
 الفاني على تحميلِ نفسكَ عبءَ هذا الكشفِ
 كشفِ السرِّ عن أشياءَ يمكنُ أنْ تكونَ 
مريحةً ما أُخْفِيَتْ والقطُّ أرداهُ الفضولُ 
ونحنُ يُهلكُنا الكثيرُ وما الذي نجني معًا
 في الحالتينِ وفي السما تقفُ الثريا في سوادٍ
 ليسَ مختلفًا عن القلبِ الذي أعماهُ غِلٌّ 
والأماني البائساتُ وفي الثريا وعدُ هذا
 الليلِ في أنْ يجعلَ المدنَ الصغيرةَ ضِفَّةً
 أخرى لهُ منحوتةً في الضوءِ والدنيا مكانٌ 
واحدٌ صورٌ مقطعةٌ كألبسةٍ على حبل الغسيلِ
 كما الطيورُ على خطوطِ الكهرباءِ مراك
 الصيدِ القديمةُ في مرافىءَ أجهدَتها 
الشمسُ ثمَّ أرى السماءَ نهايةً بيضاءَ
 واسعةً بما يكفي لتجزئةِ الخيالِ إلى ممراتٍ
 كمضمارِ السباقِ بفارسَينِ تنافسا في لعبةِ البولو
 أرى كلَّ الخيوطِ تلفني فيها نسيجًا مُرْبِكًا 
أما الثريا فهي عنقودٌ على كتْفِ الفراغِ
 يضيءُ وجهَ الخائفينَ ويغسلُ الموتى
 ويمحو البؤسَ عن حوضِ القرنفلِ ثمَّ
 يدفعني بعيدًا في سكونِ الروحِ يجعلني
 سماويَّ المزاجِ مؤلَّفا من أغنياتٍ لا تقلُّ 
براعةً عن صوتِ فيروزَ الأثيريِّ المعتقِ مثلما
 الإسفِنْطُ هذا الكونُ لي وأنا الفريدُ على
 ثريَّاهُ البعيدةِ أعرفُ الشبهَ الذي بيني وبينَ
 الشُّهْبِ أسندُ حائطَ الليلِ الطويلَ بنافذاتِ الحبِّ 
أفتحها لتندلقَ السخونةُ من أسرَّتِها
 على عشبٍ سقتهُ منابعُ القمرِ المنيرةُ 
بالحكايا الوارفاتِ كشجرةِ التوتِ الكبيرةِ 
في سوافي الروحِ كم من غائبٍ سيموتُ 
كم من قصةٍ ستصيرُ ذاكرةً وكم من مرأةٍ 
ستحبُّ فارسَها المُخلِّصَ ثم يكسرُها الفراقُ 
على غصونِ الإنتظارِ وكم سأحلمُ بالثريا 
أنْ تطيعَ تأملاتي في عيونِ الطيرِ تعطيني 
الذي ما كانَ لي فأنا أنا والحبُّ لائحةُ اتهامٍ 
طفلةٌ تعدو على رملِ الشواطىءِ وحدها والنومُ
 نومٌ والكلامُ حبيبتي صوتُ المرايا فوقَ أرضٍ
 من رخامٍ باردٍ هل صافراتُ الوعدِ تُسمَعُ 
من وراءِ  الغابةِ العمياءِ من بين الحقولِ وحين 
تتسعُ المحطةُ للرحيلِ أظلُّ وحدي أحرسُ الماضي
 هنا وأذبُّ عن نفسي التجمُّلَ والتظاهرَ 
أيها الدَّبَرانُ يُشبهُني وفاؤكَ ظلَّ عشقُكَ للثريا
 قائمًا ترعى خِرافَكَ خلفها طلَبًا لها ستظلُّ 
تتبعها وهذا حالُنا لاأنتَ مدركها ولا هي تستطيعُ 
الإلتفاتَ إليكَ فانظرْ ما ترى لا وقتَ مهما 
طالَ ينفعُ أنْ يعيدَ لنا الذي قد فاتَ مِنَّا 
يا رفيقتيٍ البعيدةَ يا صباحَ اللوزِ والدردارِ
 يا صوتَ احتكاكِ الريحِ بالسرواتِ هل عيناكِ
 واسعتانِ هل قلبي كما ورقُ الخريفِ مسالمٌ
 أم يشبهُ الشوكَ القصيرَ على حوافِّ الأليوفيرا
 داعَبَتْكِ شفاهُ هذا الوردِ أرْضاكِ الحريرُ بلينِهِ 
ولثمتُ في هذا الخيالِ شفاهَكِ الظمياءَ وعشقتُ
 وهمَكِ تاركًا قلبي يلملمُ من شظايا الإنكسارِ 
بقيةً تكفي ليبدأَ من جديدٍ ما الهواءُ وما السماءُ
 سوى احتياجكَ للتعلقِ بالحياةِ بدونِ وعيٍ منكَ
 كان البحرُ بعدَ الظهرِ أزرقَ واضحًا والنورساتُ
 على المراكبِ يبتلعنَ الشمسَ والميناءُ يشبهُ 
وقتَها منحوتةً مائيةً لا شيءَ يشبهها سوى قلبي
 المقسمِ بين عينيكِ اللتينِ أراهما من خلفِ هذي 
الزرقةِ العجماءِ والصمتِ الذي ابتلعَ المكانَ 
كأننا جئنا على بدءِ الخليقةِ وهي تنمو في قشورِ
 اللونِ في صِدْقِ المعاني غيرَ أنَّ الوقتَ يفسدُ
 ما تعودنا عليهِ معًا أراكِ تحاولينَ الحبَّ
 تنتحلينَ أسماءَ الزهورِ لكي نصدقَ كل شيءٍ
 عن ملامحنا وما قلناهُ لم تفقِ الثريامن سباتِ 
الوقتِ من بذخِ التناسي والهدوءِ وشعرُها دَفْقُ الغمامةِ
 في الليالي الحالكاتِ وشهوةُ الخروبِ في
 أنْ يجعلَ الماءَ الزلالَ شهيةً أخرى وإنكِ تعرفينَ 
شهيتي للإعتراف بأنني قلبٌ وماءٌ فكرةٌ وتمنياتٌ 
رحلةٌ بين النجومِ وفي هوائكِ يا زهيراتِ البراري 
وانفتاحِ الشمسِ في آذارَ في ألوانِ هذا 
الصيفِ ما من صحوةٍ للروحِ من غير اعتناقٍ صادقٍ
 لتوجساتِ القلبِ والخوفُ الذي قطعَ المدينةَ 
قطعتَيْنِ يمرُّ من بين البيوتِ يخلخلُ الأحلامَ
 يربكها ويجعلنا رهائنَ زمرةٍ مأجورةٍ ترعى مواشي
 غيرنا في أرضنا ونرى وجوهًا لا نراها بيننا
 من أين جاؤونا فهل كنا نيامًا عاطلينَ عن الحياةِ 
مجازفينَ بما لدينا من قرىً مملوءةٍ بصغارِنا وشعائرِ
 الحبِّ القديمةِ والطقوسِ ومفرداتِ الشوقِ لستُ مبالغًا 
في الوصفِ في تعليلِ ما يجري لنا وهنا هنا 
قلبي وفي قلبِ المدينةِ شارعٌ متناثرٌ كالشَّعْرِ يحتاجُ 
اتجاهًا غير هذا هكذا الدنيا هنا عبثٌ على وترِ الضحايا
 المؤمنين بأنهم ليسوا ضحايا بين غزةَ والقيامةِ فجوةٌ
 تسعُ الذنوبَ وفاعليها والجنونَ ومن له هدفٌ
 لتغييرِ المدينةِ حسبما يحتاجُها تقفُ الثريا في
 عيونِ الحالمين على حدودِ الروحِ تحتاجين لي وأنا
 كذلكَ بيننا عمرٌ من الوجعِ الطويلِ كم ابتعدنا
 وابتعدنا في جنونِ مسافةٍ ما مرةً عدلتْ ونادَتنا 
السماءُ ولم نجبها واغتسلنا بالغيابِ وأمطرتنا
 الأمنياتُ بأغنياتٍ لا تموتُ و "يا ظالمني" حين
 أسمعها أُصيلانًا أرى نفسي قريبًا من غشاءِ
 الكونِ أطرقُ بابَ هذا الليلِ أسبحُ في زوايا
 الإنبهارِ وأنتشي متفائلًا وأراكِ في نفسي بهاءً دافئًا 
لغةً بلا صوتٍ وأفهمها لأني صاحبُ الرؤيا وأعرفُ
 أننا لا تنتهي فينا التجاربُ لا نخافُ من التعلقِ بالنفسجِ
 لا نرى سببًا لنخشى الحبَّ أنتِ علاقتي بالصيفِ بالبحرِ
 المغامرِ واخضرارِ اللوزِ أنتِ ثريتي ليلًا وفي قلبي
 نهارًا أستشفُّ ملامحي في نورها وأراكِ سوسنةَ 
السماءِ وما أنا بالخائفِ الحيرانِ يدهشني التفاني
 في اعترافكِ أننا جئنا وما جئنا وتندثرُ النجومُ ولا نرى
 ما خلفَ هاتيكَ الغمامةِ في شتاءٍ مفرطٍ في
 البردِ في "هوا صحيحِ الهوى غلابْ" وتسلبني
 الإجابةُ نصفَ عمري يا جميلتيَ البعيدةَ خلف 
رائحةِ السكونِ وخلفَ عجْزِ الريحِ في أن
 تجلبَ الماضي وتقتلعَ الحدودَ وتقطعَ
 الأمواجَ قبلَ وصولها للرملِ يا قلبي المعلقَ في ثريا
 الإنتظارِ على شفيرِ الحلمِ في هذا الغروبِ
 المستفيضِ برحلةِ الشفقِ الغريبةِ واستعرتُ
 من الحياةِ حياتَنا ونسيتُ من عمري الكثيرَ وأنتِ
 في قلبي هواءُ الصيفِ تبديدُ الغمامِ وعندما أدركتُ 
أني واقفٌ بين الحقيقةِ والحقيقةِ صرتُ أرسمُ وجهَكِ
 البريَّ في وجهِ السماءِ وأحفرُ الصوتَ الذي ملأَ
 الليالي الناعساتِ على صخورِ الوجدِ يا هذا المكانُ
 أنا أحبُّ ثريتي والنورُ يملأُ ما تبقى من خدوشِ
 الوقتِ فانتظري معي وتساءلي مثلي عن الأشياءَ
 كيف نحبُّها ونحبُّ أنْ نبقى معًا.
الخميس ٢٤/١/٢٠١٩                                        





















ليست هناك تعليقات:

قناعات الطيور

 قناعات الطيور لا تكترثْ  يتسابقُ الموتى  ولا تجدُ الطيورُ لها مكانًا  في السماءِ وأنتَ قلبي دائمًا في حيرةٍ  وتطيرُ أبعدَ حيث يغلبكَ الفرحْ...