الجمعة، 15 مارس 2019

الغرفة السادسة


الغرفة السادسة
شعر: علاء نعيم الغول 

قالت له خذني معكْ
 كانت تحاولُ أن تردَّ له الغيابَ
 فسالَ منها الشمعُ فوق الطاولةْ
 قالت تعالَ لنبنيَ الكوخَ الصغيرَ كما اتفقنا
 فانثنى غصنٌ به تفاحتانِ قريبتانِ من القمرْ
 جاءت عصافيرُ الجنوبِ إلى النوافذِ
 كانتِ الحسناءُ ترسمُ وجهها فتدحرجتْ
 رمانةٌ تحت السريرِ وأدركتْ
 أن النعاسَ يصيبُ أوراقَ الشجرْ
 فستانُها زهرٌ ضفائرها صفيرُ القاطراتِ
 وحين يلمسها الهواءُ تهبُّ رائحةُ السفرجلِ
 تلمعُ الفضةْ
 توارت خلفَ أرقامِ الشوارعِ
 كان يشغلها التنقلُ كيف لا
 والنومُ ضَلَّ على العقاربِ لم يجدها
 فاختفى في الليلِ بعد العاشرةْ
 كانت تلملمُ نفسَها ما مرةً وجدت لها
 ظلَّا وصدقتِ المسافةَ وهي تسحبها كطفلٍ
 تائهٍ وتوقفتْ ساعاتُها بين احتساءِ 
شفاهها والقهوةِ الملأى  سؤالًا غائرًا
 في نفسها قالتْ وقالتْ وارتأتْ أن تبدأَ
 الشكوى بعينيها فراغُ الروحِ يقتلُ صاحبَهْ
 مرآتُها كرةُ الزجاجِ تحبُّ رائحةَ اللافندرِ
 في مياهِ الحوضِ قبلَ الإغتسالِ أمام قطتها
 وأصواتِ الكناري هاتفي إنْ رنَّ يكسرُ
 ضلعَ بروازِ المخيلةِ المثبتِ بين نهديها
 يموءُ القطُّ ينزلُ من على درجِ الرغائبِ
 راكضًا مترنحًا في آخرِ الشهقاتِ يحملُ
 في أظافرهِ احمرارَ الليلِ لكن لن أقولَ
 لها عن المقصودِ في الجملِ الأخيرةِ في
 الرسالةِ صورةٌ مهزوزةٌ آثارُ حمضٍ لا تزالُ
 على الجوانبِ تأكلُ التفكيرَ في الماضي تحاولُ
 أنْ تنسقَ بينَ وجهي والسؤال ومن بعيدٍ صوتُ
 بوبْ مارلي يثيرُ تساؤلاتٍ ثورةً في الرأسِ رائحةَ
 اغتيالٍ مثلما يجري لفئرانِ الصناديقِ التي
 في القبوِ قالت لي أحبكَ كنتُ مفرودًا على
 ظهري كخارطةٍ لغزوِ مدينةٍ مأهولةٍ كنتُ
 المقيدَ في ضفائرها وأحلمُ بالعنبْ 
بالكرْزِ بالتوتِ الملونِ بالبخارِ على المرايا
 بالتنصلِ من وعودٍ ألهمتني بارتشافِ الماءِ
 من ريقِ القصيدةِ جئتُ من وجعٍ كما وجعُ
 الحروفِ على شفاهِ العاشقينَ ورحتُ ألتهمُ
 المعاني في عيونكِ صادقًا فيما وعدتُ وناسيًا
 أني قطيراتُ العرقْ 
ثمَلٌ يصيبُ المفرداتِ
 فأنتشي إنْ بُحتُ أو باح الهوى في الليلِ
 تندلقُ الأواني ثم تنفتقُ العُرَى نارٌ على جسدِ
 الفراشةِ رعشةٌ في العاجِ توقظُ رغبةً حمراءَ
 تلمعُ في الشفاهِ وقشرةِ التفاحِ تنفجرُ
 الضمائرُ في شرايينِ الكلامِ فترتخي أوصالُنا
 فيما الحياةُ هنا هديرُ الذبذباتِ على جهازِ
 القلبِ قفزاتٌ تجنبنا الوقوعَ معًا على عجلٍ
 من الكاوشوكِ ملتهبٍ يجدِّلنا الدخانُ ضفرتينِ
 تغطيانِ حروقَ أكتافِ المدينةِ والمدينةُ لا يرى
 هذيانها عسسُ الخليفةِ وهو يبحثُ في قدورِ
 اللحمِ عن طعمٍ يغيرُ ما تناولَهُ الظهيرةَ أيها
 المحكومُ جرِّبْ أنْ تخلخلَ رزةَ البابِ الذي يفضي
 إلى خُزُنِ الخليفةِ لا تخفْ من بِزةِ الحراسِ 
لن يقفوا طويلًا في مواجهةِ الحريقِ لذا انتفضْ
 كي تستطيعَ السيرَ تغييرَ اتجاهكَ بوصلاتُ
 الحبِّ واقفةٌ على ظهرِ الرسالةِ لا تحركْ قطعةَ الحلوى
 التي بين الشفاهِ ولا تُذِبْ أطرافَها بتأملاتكَ كل
 شيءٍ سائرٌ نحو النهايةِ هل تفكرُّ في الوصولِ
 إليَّ هذا الليلُ سُلَّمكَ الوحيدُ إلى العلا يا عاليَ
 الهمَّاتِ كم حاولتَ تفسيري لتلعقَ رقبةَ النومِ
 الطويلةَ وهي تلمعُ في بياضي أنتَ يكفيكَ التصالحُ
 مع لعابكَ بيد أني أستعدُّ لسحبِ أنفاسِ الفراشةِ
 من هواءِ الصدرِ بعد الإنتشاءِ وفي الطريقِ السجنُ
 يشبهُ قبعاتِ النافقينَ على ضفافِ الخندقِ
 الممتدِّ بين الوردتينِ وبابِ بيتٍ للعبادةِ شاحبٌ
 كقصيدةٍ ذابتْ كما ورقُ المراحيضِ القديمةِ هكذا
 تبدو المدينةُ من زجاجِ الحافلةْ قمرٌ بريءٌ
 في السماءِ كما الحياةُ بدونِ أنْ يلجَ الخليفةُ
 في شوارعنا التي اتسعتْ لنا يومًا وضاقتْ
 بالجنودِ المارقينَ المنتمينَ لوادِ نملٍ أيها النملُ اختبىءْ 
ما أجملَ القصصَ التي تُروَى عن الحبِّ
 الذي بيني وبينكِ كان عهدًا دافئًا برؤى الأصيلِ
 ملائمًا لبدايةٍ مرسومةٍ بشقائقِ النعمانِ
 بالفرحِ الخفيِّ وكان شَعرُكِ واسعًا في لونهِ
 متفائلًا كالعطرِ أولَ ما يُرَشُّ على قميصِكِ ناعمًا
 كيديكِ كالصوتِ الذي لم ينقطعْ فينا ومرَّ العمرُ
 في بذخِ الأغاني تاركًا قلبي يفتشُ عنكِ
 في سفَرِ الموانىءِ في بلادٍ لا تحبُّ القادمينَ
 من الحكاياتِ التي لم تكتملْ أنتِ الفراغُ
 الممتلىءْ عتبي على هذي النوافذِ لم تقلْ لي كيفَ
 أصبحُ سيدًا للوردِ صاحبَ بسمةٍ تسبي فؤادَ
 الكاعبِ الوجناءِ تتهمُ المدينةُ ظليَ المفتوحَ
 كاللبلابِ إذْ غطى الرصيفَ وظهرَ أنثى أسرعتْ
 في مشيها كيلا يعانقها على سهوٍ فهذا
 الظلُّ يرتعُ في الهواءِ يراودُ الماشينَ عما يحملونَ
 حبيبتي مأسورةٌ في الربحِ بين حواجزِ المدنِ
 الغريبةِ لا أراها الآن أعرفُ أنها مسكونةٌ بالأمس 
بالوقتِ الذ قد كان يومًا بيننا هي دميةُ الثلجِ
 الصغيرةُ قطعةُ التفاحِ في كأس النبيذِ تدافعَ العشاقُ
 نحو النهرِ يغتسلونَ في ماءٍ يزيلُ هواجسَ
 الليلِ الدفينةَ في النتوءاتِ التي في النفسِ
 يا عاصي الهوى
 كمُلتْ معاني العشقِ كنتُ وقبلي
 كانَ قيسٌ ما شهدنا أنَّ قلبًا يجمعُ
 الحُبَّيْنِ قلبٌ واحدٌ أنثى له في وجهها
عزفُ المقاماتِ التي أخذت من الروحِ
 الندى عيناكِ أيضًا تسكنان الضوءَ 
تحتملان لونَ الوردِ بين الشمسِ والبحرِ
 القريبِ أنا أحبكِ حاملًا قلبي إليكِ 
على غصون الزيزفونةِ إنه قلبي الصغيرُ 
وإنكِ الصورُ السريعةُ في مخيلتي 
التي اتخذت من الدنيا مكانًا للتوحدِ 
فيكِ فاتنتي وما أرجوه من هذا التفاني
 بين لونِ الفجرِ والطيرِ المسافرِ فجأةً
 سنكون يومًا ما معًا في لحظةٍ مفتوحةٍ للحب
 للتفكيرِ في معنى البقاءِ على حدودِ
 الإعترافِ بأننا سنظل أجمل
 بيننا ما بيننا 
والحبُّ فاتحةُ الكلامِ وغربةٌ تكفي لنقبلَ 
ما تقدمهُ الحياةُ 
وأنتِ لي قلبي الذي لم ينطفىءْ.
هم ينظرونَ إليكَ
 أنتَ تحاولُ التفكيرَ في أشياءَ
 أخرى لستُ أفهمها ولكن فيكَ ما يكفي
 لأفهمَ أنني أشتاقُ أكثرَ للعلاقةِ بيننا
 وتداخلتْ نظراتُنا 
ليسوا رفاقًا 
هكذا يتورطُ الماشون في نظراتهم أيضًا
 وقلبي ورطةٌ كزيادةٍ في سكرِ
 الحلوى وأعرفُ كم أنا أحتاجُ
 أن تثقي بقلبي في الصباحِ
 حبيبتي كنا نرتبُ قُبْلَةً
 لكنها انحرفت قليلًا عن شفاهكِ
 فارتطمتُ بآهةٍ ممزوجةٍ بالصمتِ
 هل عيناكِ تختلفانِ عن عمقِ المسا والزعفرانِ
 لكِ احترقتُ بكِ انشغلتُ وصرتُ صوتًا
 يستعدُّ لأنْ يصدقَ فلسفاتِ الموجِ
 في أن الحياةَ مشاغباتٌ وانتظارٌ وانهيارٌ
 للقناعاتِ التي لا تقبلُ التغييرَ
 والحبُّ انتظارٌ واعترافْ.
هم يُسقطونَ عليكَ زهرَ الزنزلختِ
 وأنتَ يُسقِطُكَ التخيلُ أنَّ ظلكَ مُصمَتٌ 
كالسنديانةِ حين تأكلها فؤوسُ الحاطبينَ 
كأنما سقطتْ على كِتْفيكَ مئذنةُ المدينةِ
 أو كنائسُها وجسرٌ فوقَ وادٍ جفَّ
 ينتهزونَ لحظةَ أٍنَّ وجهَكَ يستديرُ
 كعجْلَةٍ مغروزةٍ في الطينِ حتى يمطروكَ
 بقيئهم ويعاندوكَ فلا تواصلُ ما بدأتَ
 يقطِّعونَ لكَ الشوارعَ كي تفتشَ عن ممراتٍ
 تعيدكَ للوراءِ هم الذين لهم وجوهٌ كلها
 مشدودةٌ كخيوطِ نَوْلٍ للزرابيِّ الوثيرةِ
 هؤلاء المُترَفونَ تسوَّروا أبياتَنا وتطيبوا زورًا
 على بابِ المُصَلَّى بالغوا في الإبتهالِ وبالغوا
 في صبغِ ظلكَ بالبياضِ وأنتَ تعرفُ أنهم
 ليسوا دعاةً مؤمنينَ 
وأنتَ أجهدَكَ الهربْ.
الجمعة ١٥/٣/٢٠١٩
حديث الغرف الأخيرة         







   
                         








الثلاثاء، 12 مارس 2019

جدلية الفراشة والصباح


جدليةُ الفراشةِ والصباح
شعر: علاء نعيم الغول 

ما أمتعَ الدنيا وأشهى التوت
 هل تبدو الحياةُ لكَ الذي يبدو أمامي الآنَ
 هل عيناكِ أسئلةٌ وهل قلبي الإجابةُ
 كنتِ لي والآن أنتِ فراشتي والسيرُ
 في الطرقِ التي لم تختلفْ عنا
 كما أنَّ انغماسي في عبيركِ جاءَ في سِفْرِ
 التواجدِ والوجودِ إشارةً للبعثِ منكِ وفيكِ
 منجاتي شفاهكِ قالَ لي ليلي وأكَّدتِ الحمائمُ
 أنكِ استبدادُ فَرْعِكِ بي نشيدًا باسقًا
 رمانتينِ على البياضِ
 عَلَيَّ أخصفُ من جنانكِ وردها علِّي أواري
 شوقيَ المكشوفَ أسترُهُ لأمنعَ نيَّتي
 مِنْ أَنْ تبينَ تباينتْ غاياتُنا يا كستناءُ
 تجنبي العينين منها خائفٌ من لونِكِ الغيبيِّ
 أَنْ يغتالَني في النومِ
 صحوي صوتُكِ العاري شهيُّ ما أثارَ الكامنَ
 الموصودَ والمجهولَ في نفسي الجسورةِ
 قَدِّمي لغدٍ أعيدي ثورةً خمدتْ
 مكانُكِ فوقَ عرشٍ فاعتليهِ ترنُُحًا وخذي الغمامةَ
 من خواصِرِها الضعيفةِ أمطريها فوقَنا غيَّاثةً
 بللًا يُغيِّبُ ملحَنا فينا فلا عرَقٌ ليجهدَنا
 ولا حرٌّ يفاجئُنا
 نداؤكِ نَزَّ من صدغِ الوسادةِ
 نزفَ درَّاقٍ على شفتيْكِ يربكُنا معًا
 سمعًا وطاعًا يا هوى يا سارقَ اللبلابِ
 عن سورِ الأماني يا ظلالَ الإستكانةِ
 والضميرِ المرتخي عطشًا بريئًا راسخًا 
بين اشتياقي والظنونِ تحسَّسي قلبي الصغيرَ 
تطيبُ لي لمساتُكِ الأخرى وتغريني
 التواءاتُ التصابي والدلالِ تمنَّعي شيئًا
 دعي جفنيكِ يمتصانِ أمزجةَ النعاسِ 
كما أراكِ الآنَ
 لونٌ قرمزيُّ باردٌ سيعيدُ وجهَكِ من جموحِ
 الرغبةِ الملساءِ يفضحُ نيتي أيضًا ويلهمني
 اعترافًا باتَ متفقًا معي أنَّ العيونَ مهالكُ
 العشاقِ تسبيني وتقذفُ بي قريبًا
 من جنونِ الإنعتاقِ بدونِ رأيِّ يفشلُ المُتَعَ
 النقيةَ بيننا ما ظنكم في طائرينِ تجاوزا
 نهرَ الغوايةِ بالغوايةِ أوقفا صوتَ التباكي
 بالغناءِ وصادَقا ألمَ المسافةِ بالتوحدِ في أتونِ
 الهمسِ عِشْقًا مائلًا لتوقعاتٍ غير زائفةٍ 
صباحُكِ أغلقَ الفوضى متى شئنا نغازلُ
 نورساتِ الدفءِ في جوِّ خريفيِّ العناقِ تصاعدتْ
 أنفاسُكِ ارتفعتْ مُناكِ وصَحَّ في قلبي انهمارُكِ
 لافتاتٍ من تسابيحِ الهدايةِ والرجوعِ
 تراجعتْ فيَّ المخاوفُ يا فراشتيَ المضيئةَ
 ما فعلنا في الصباحِ أعادَنا من غربةٍ حملتْ ضفافَ
 الريحِ من خلفِ الضياعِ وضاعَ فينا اليأسُ
 حُرِّرْنا من التفكيرِ في أعمارنا والفرقِ بين الوردِ
 والنعناعِ وردُكِ في ضفائركِ احتراقُ شرائعي
 تغييرُ ذائقتي بطعمِكِ
 نكهةُ الماضي أصابتْ مهجتي باللومِ
 نومي مُغْرِقٌ سمْعي رهيفٌ فاهمسي حتى 
أفيقَ لكِ اللطائفُ من صياغاتِ المعاني المبهراتِ
 وفيكِ تفسيرُ الصدى صدقَتْ عيونٌ أبصَرَتْكِ
 وفازَ قلبي بارتشافكِ سائلًا عن مغرياتِكِ في ليالي
 البردِ نورٌ ما هنالكَ سابحٌ فيه الخيالُ
 مسافرٌ معهُ المدى فيه الدروبُ عفَتْ وصارتْ
 قاطراتٍ للرحيلِ وللإيابِ وما النخيلُ سوى ارتفاعِ
 الروحِ فوقَ الوهمِ فيكِ حقيقتي شاءَ الهواءُ
 أمِ اختفتْ منهُ الوداعةُ
 ما لقلبي لا يراعي ما أقاسي
 إنه الأرقُ الشقيُّ على الجفونِ المنهكَاتِ
 من الترقبِ قلَّ ماءُ الريقِ جفتْ من ينابيعِ الطيورِ
 مسافةٌ خضراءُ يانعةٌ كأوراقِ الرياحينِ 
اغتربتُ ملائمًا لتطلعاتي ناسيا ما في المدينةِ
 من مكانٍ لا يناسبُنا
 قريبًا يكبرُ الفردوسُ يفرشُ ريشهُ
 بين السماءِ وزهوها فاضت فراديسُ السماءِ
 بشمسها والنورُ في عينيكِ أبهى جامعًا
 ما سالَ من أرقِ النجومِ على النوافذِ
 فامنحيني ما تبقى من ربيعِ البيلسانةِ
 واحمرارِ الجرحِ من أسماءِ رائحةِ النسيمِ
 تمرُّ من روحي الحياةُ إليكِ أسمعُ أنكِ الآنَ 
انصهارُ الأقحوانةِ في انسيابِ المفرداتِ
 علاقتي محدودةٌ بتقلباتِ الطقسِ أهربُ 
من صقيعِ الإبتزازِ ورغوةِ الأحلامِ قبلَ الليلِ
 أو بعدَ العناقِ استوقَفَتْني الغادياتُ
 وما الرواحُ بطيِّبٍ 
ما قلتُ عنكِ سوى الذي دونتُهُ حَفْرًا 
على حجرِ المعابدِ ما الرحيلُ بنافعٍ
 وملأتُ أوراقي بمدحِكِ مطلِقًا فيكِ التمادي
 في النسيبِ يموتُ أسرعَ من يفارقُ أولًا
 كتبتْ يدايَ متونَ حسنِكِ
 شهوةُ النومِ المبكرِ لا تعينُ على التناسي
 كلُّ من رحلوا تساوتْ عندهم خطواتُهم
 وتفرقوا حتى أذابهمُ المكانُ
 هنا المدينةُ لا مكانَ سوى الذي أشهدتُهُ
 أني أحبكِ والحصى لمسَ الخطى
 والرملُ ذاكرةُ النموِّ كما البراعمُ فوقَ 
أغصانِ البدايةِ إنكِ الأوقاتُ أنزفُها بريئًا
 لا تغيرُنا التفاصيلُ السريعةُ في الحياةِ
 وما الحياةُ تصيبُنا باليأسِ مَنْ ماتوا لهم نصفُ
 الخياراتِ الأخيرةِ لستُ أعرفُها ولكنْ كلها
 محفوظةٌ في زهرةٍ أو في خوافي الطيرِ
 تنقذُنا براءتُنا ويلهينا الصباحُ عن الحياةِ
 نهيمُ في أناتِنا حبَّا ونجوى تاركينَ لغيرِنا
 وجعَ التعاطي مع حياةٍ أنكرتْ فينا الهدوءَ الحرَّ
 في عينيكِ ترتيبُ الشذا حبَقًا وفُلَّا
 ما رأيتُ النرجسَ الوسنانَ أجملَ من شفاهٍ
 باسماتٍ عابقاتٍ بالتوددِ والتفاني في اللقاءِ
 على رنينِ الفجرِ
 بحرٌ واحدٌ يكفي
 وبيتٌ تحتَ ظلِّ الخروعاتِ يناسبُ الحلمَ
 الذي قطعَ الطريقَ على الرتابةِ في مدينتنا
 الصغيرةِ شارعٌ من شارعٍ هيا نلاحقُ مرفأً 
أو قارَبًا لا بدَّ من شيءٍ نلاحقهُ هروبًا أو نجاةً 
لا يهمُّ لديكِ قلبي فازرعي فيهِ القرنفلَ
 شتلةً صيفيةً وضعي يديكِ على يديَّ وجرِّبي 
قلبي قليلًا وهو يخفقُ
 عادتي في الحبِّ أني أستطيعُ النومَ أكثرَ
 والتحلِّي بالمثولِ أمامَ مرآتي طويلًا
 أحتسي شيئًا قليلًا من نبيذِ الليلِ
 هذا والكلامُ يقلُّ أيضًا أكتفي بمراوغاتِ الهمسِ
 أعتصرُ الملامحَ وهي تنذرُ باقترابٍ بيننا
 لمعتْ بأنوارِ السما عيناكِ راوغتِ الشموعُ
 ستائري فتزينتْ أطرافُها
 معنى الحياةِ يضيعُ في تفسيرِها
 في جعلِها كتُبًا نقلبُها وننسى أننا نعطي
 الحياةَ وجودَها لا سرَّ يخفى هكذا قالَ البنفسجُ
 حاملًا ظلي وسلاتِ الصبايا الصاخباتِ
 ولي أنا في قلبكِ العاري صباحٌ واسعٌ
 ومدينةٌ أخرى بلا بابٍ ونافذةٍ
 أراني عارفًا بذنوبِنا والخيرِ في نياتِنا
 لا بأسَ في تعطيلِ أبواقِ الضميرِ متى تعالتْ
 بالضجيجِ هدوءُ روحكِ صادقٌ حتى إذا فتحَ
 المكانُ صباحَهُ جاءتْ فراشاتُ الحقولِ بلونها
 الرعويِّ تعطينا الشعورَ بأنَّ في الكونِ اتصالًا ما 
بعيدًا عن ظنون البائسين تقرَّبي من حبةِ الرمانِ وانتبهي
 لطعمِ الحبِّ وهي تذوبُ في كأسِ المنى وشفاهِنا
 يا زهرةَ الرمانِ يا تفاحتي الخضراءَ
 ما بيني وبينكِ ضاربٌ في الروحِ
 مختلفٌ كباقي الرملِ في تشرين تذروهُ الرياحُ
 على الطريقِ وليس ينسيني الشتاءُ تحيتي للبحرِ
 ذاكَ الغاضبِ المحزونِ يعرفُ ما نقولُ
 وما سنفعلُ لي هناكَ حكايةٌ ونهايةٌ وأنا الذي
 كتبَ المواعيدَ الجميلةَ فوقَ صخرٍ مالحٍ ونسيتُ
 أسمائي هناك حبيبتي جودي كما جاد النسيمُ
 بعطرهِ واستبدلي كلَّ النجومِ بشمعتينِ
 وقربي شفتيكِ مني هل سيبقى الصبحُ مسكونًا
 بنا فرحي طويلٌ في رضاكِ ومترَفٌ قلبي بقلبكِ
 ما تبقى بيننا هذا الصباحُ وما بهِ من مغرياتٍ
 لا تضلُّ ولا تغيرُ ما بنا هذا الصباحُ حكايتي
 والوردُ قصتُكِ التي لا تنتهي،
الجمعة ١/٢/٢٠١٩                                     





جدلية التناقض والأنفس المرقعة


جدليةُ التناقضِ والأنفسِ المرقعة
شعر: علاء نعيم الغول
 
زارَ الهوى حجرًا فأنبتَ تحتَهُ عُشْبًا نما
 واستعذبتهُ الشمسُ لا شوقًا ولا أملًا
 ولكن فرصةً لتكونَ نارٌ أوقِدَتْ من شوقِنا
 والشوكِ شبَّتْ في حنينٍ بيننا قد حانَ وقتُ
 الدفءِ غفرانًا لما قد فاتَ تزكيةً لسعي في
 الفضيلةِ باركَتنا الغادياتُ وصارَ وجهُ
 الأرضِ محرابًا وصرنا مثقلينَ بما فعلنا هكذا
لم ينكسرْ شيءٌ فقط في الحربِ لا تسألْ
 كثيرًا ربما في العشقِ أيضًا فكرةُ الوطنِ القديمةُ
 أصبحتْ قطعًا من الصابونِ في أيدي الذين
 يرتبون لنا الولائمَ رغوةُ التفكيرِ تطفو فوق وجهي
 نصفُ هذا الحبِّ لي غرقٌ ونصفُ النومِ
 أجوبةٌ ورأسي كلُّ هذا الكونِ أحملهُ كما
 كرةُ الجليدِ تذوبُ باردةً لهذا لا أحبُّ الصيفَ
 أهربُ من عناقٍ ساخنٍ هم يستطيعون
 الهروبَ وأنتَ تعجزُ عن دخولِ البيتِ من بابٍ
 كبيرٍ هم علاقاتٌ مقطَّعةٌ وأنتَ مُحَارَبٌ منهم لأنكَ
 صورةٌ بيضاءُ ليسوا الآن في هذا المكانِ
 لأنهم أخذوا الأماكنَ كلها وتبادلوا حتى
 طقوسَ النومِ دومًا هكذا يتدحرجون كأنهم
 كرةٌ من القشِّ الخفيفِ وفائضون بخفةٍ مشفوعةٍ
 بالضعفِ ليسوا من هنا ليسوا سوى اليأسِ الذي
 التهمَ المكانَ ونالَ من لونِ الوجوهِ هم اشتعالُ
 الشرِّ بين الأمسِ والآتي تفاصيلُ الخياناتِ التي 
ابتكرتْ لنا أسماءَ نسمعها ونجهلها ويعترفون
 أن شافههم ليست سوى بوقٍ لفوضى غير آمنةٍ
 وسعيٍ خلف أمنيةٍ تكلفنا الحدودَ ونصفَ ماءِ
 البحرِ يقتربون من أبوابنا ويراقبون خطى
 الصغارِ ونسوةٍ يسألنَ عن بابِ المدينةِ في
 المدينةِ والطريقُ إلى الهواءِ محوفةٌ بخرافةٍ مما يرددها
 الجنودُ القادمون من الظلامِ وفي أياديهم بقايا
 الموتِ ليسوا من هنا هم بائسون ولن يكونوا
 مرةً منا ولا من زهرِ هذي
 الأقحوانةِ إنهم غرباءُ يعترفون كم
هذا الفراغُ مدينةٌ وثنيةٌ أنا لا أجيدُ الرقصَ 
عند البابِ أو حول النذورِ ولا أرى سحبَ البخورِ
 كفيلةً بالكشفِ عن ذاتي
 أنا المَرِحُ الخجولُ المُستهامُ حبيبتي
صمتُ الدموعِ معاتباتُ النفسِ أو قهرُ
 الفراغِ وغربةٌ ما بين قلبٍ والدقائقِ والليالي
 الراسباتُ على الجفونِ ثقيلةٌ 
لا تخرجوا في الليلِ تختبىءُ الطيورُ تذوبُ في 
أجسادِنا ظلّا طويلًا في النهارِ تطيرُ تاركةً 
حجيراتِ الهواءِ تدقُ في جنباتِ هذي الروحِ بِتُّ أعيدها   
لا نلتقي إذ نلتقي ها أنتَ تعرفني وتنسى أين
 كنا يوم كنا لا يكونُ الحبُّ من أشياءَ ما كانتْ
 تكوِّنُ لحظةً يزدادُ منها الشوقُ كانت مغرياتُ
 الحبِّ تكفي كي نرتبَ بعضنا لغدٍ طويلٍ ثمَّ مَلَّ الوقتُ
 من طولِ انتظاري ما انتظرتُ لكي أكونَ
 العاشقَ المفتونَ وانتطرَ المكانُ وكنتُ أنظرُ كيفَ
 تنكفىءُ الحكايةُ فوقَ أكوامِ الرسائلِ مثلما
 انكفأتْ على الرملِ الوجوهُ وها أنا وحدي وراح
 القائلونَ بأنهم صدقوا وما صدقتْ سوى سفنِ
 الرحيلِ ولم يغادرْني الحنينُ وغادرتني الأغنياتُ 
كفاكَ يا قلبُ اتباعًا للهوى لكَ أن تتوبَ وترعوي
 أو تنتهي لا يلتقي الغرباءُ عن عمدٍ ونلهو دائمًا  
جسدٌ من الماءِ ارتقى وغدا حدودًا بين ما يَسْبي
 وما يُسْبَى تلاشى فيهِ منطقُ ما عرفتُ وما 
سأعرفُ غابةٌ بيضاءُ أو شعرٌ طريٌّ وجهها أم
 رجفةٌ في الغيمِ تكشفُ ما وراءَ البرقِ
 ما عيناكِ إلا نبعتانِ علاهما عشبٌ وفوضى 
الريحِ فاغتسلي وراءَ النورِ أو في حمأةِ الطينِ 
العفيِّ وبرِّدي هذا القوامَ بغمسةٍ
 في البحرِ أو ماشئتِ من ماءٍ يريدُكِ ربما              
سيموتُ قلبُكِ لا لشيءٍ بل لأنكِ تفقدينَ شراهةَ
 التفكيرِ تنحدرين أسرع من قطيراتِ الندى
 عن ورْقةِ التينِ الصغيرةِ سوف تُلهمُكِ المرايا
 فكرةً عوجاءَ عن معنى التقاءِ شفاهِنا علنًا وسرَّا 
فاملئي كأسَ العصيرِ وبادري بالإرتشافِ أنا
 أفضلُ صوتَكِ المهموسَ عن صوتِ ابتهالكِ جاءني
 في النومِ أنكِ تحرثينَ الظلَّ تختلقينَ وردًا ليسَ
 مدعواً إلى حفلِ العشاءِ لطالما أيقنتُ أنكِ غير
 قادرةٍ على فهمي وفهمِكِ لن يكون الحبُّ حلا 
صدقيني صارَ قلبُكِ مركبَ الورقِ المبللِ في يدِ الطفلِ
 المدللِ فاسحبي عينيكِ من وجهي ونامي ساعتين
 بلا غطاءٍ عند بابِ الأغنياتِ
 أنا سأعرفُ أنني ما مرةً آمنتُ فيكِ أرى 
أصابعها تلوحُ لي بشكلٍ يشبهُ الغصنَ
 الخفيفَ وقد تأرجحَ كم أحاولُ فهمَ ما تعني
 وأفشلُ وقتها وتظلُّ تدفعني بعينيها لأبدأَ من جديدٍ
 في التخلصِ من ظنوني كم أصابعها تروقُ لناظريَّ
 رقيقةٌ كالشمعِ هادئةٌ بدون مناوراتٍ هكذا  
ونسيتُ أني مرةً أقسمتُ غلَّظتُ اليمينَ صلبتُ
 نفسي فوق جذعِ الوقتِ لم أُضمرْ لنفسي رغبةً 
في النومِ حتى أستعيدَ الضائعَ المفقودَ
 فيَّ ولمتُ قلبي كيف علَّقني بخطَّافِ التمني
 صرتُ كالبندولِ يدفعني التأرجحُ لارتكابِ خطيئةِ
 التفكيرِ فيما قد أقومُ بهِ بنفسي غير معتمدٍ
 على أحدٍ سوى نياتِ قلبي لستُ دومًا سيئا 
أو خيِّرا فقط الخياراتُ القليلةُ تربكُ العقلَ 
الجريء تهزُّ فيه الإحتياجَ لبقعةٍ فيها هدوءٌ
 منقذٌ من وهمِ أنا نستطيعُ الحبَّ أو شيئا يشابههُ
 ودوما في الحياةِ مقابلٌ لتصرفاتكَ لا سبيلَ 
لكسبِ وقتٍ من نهارٍ فائضٍ بالإمتعاضٍ ونشوةٍ
 ممسوحةٍ بالضعفِ قلبي بقعةُ الزيتِ التي غطت
 خليجًا واسعًا وتسببت في موتِ نصفِ العشبِ 
أعرف كم سيبقى الذنبُ لو طاوعتُ مرآتي وقد
 عرَّيتُ نصفي باردٌ ليلُ المدينةِ مُسْكِرٌ هذا الفراغُ
 وما عليَّ سوى التأرجحِ مرةً أخرى بقلبٍ صادقٍ
لم أنْسَ أني واحدٌ ممن لهمْ قلبٌ وحيدٌ
 لم أكنْ متردداً في الحبِّ
 أيقظني وكانَ الليلُ منغمساً برائحةٍ
 من البارودِ والنعناعِ أذكرُ أننا لم نختلفْ
 حولَ الطريقِ ولا المسافةِ
 كان في عينيكِ أيامي القليلةُ 
كنتُ في عينيكِ أسماءَ السماءِ ورقصةً
 غجريةً فستانُكِ الورديُّ أصبحَ لي غناءً
 مزقَتْهُ ظنونُكِ الأولى وقلبي أحرَقَتْهُ الأمنياتُ
 وفي كازابلانكا البعيدةِ نقطةٌ في دفترِ الوجعِ
 الصغيرِ أراكِ تغتسلينِ في عتَبِ المرايا
 من شفاهكِ وهي تتلو من ترانيمِ انتظاري
 وانتظرتُكِ دونما وقتٍ ولا حتى اختيارٍ للمكانِ
 وكان قلبي أنتِ أذكرُ أنني اخترتُ الطريقَ بمفردي
 وأنا المحطةُ والمحطةُ وِجْهَةٌ ومسافرٌ.      
السبت ٢/٢/٢٠١٩

جدلية النقاء


جدلية النقاء
شعر: علاء نعيم الغول 

في لحظةٍ يتأخرُ الماضي
 وأبدأُ بالتظاهرِ أنني لا أستجيبُ 
لما ترسبَ في كؤوسِ الأمسِ من أشياءَ
 قادرةٍ على جذبي إلى بابِ الجنونِ
 وسحبِ قلبي فوقَ جمرِ الإمتنانِ لقصةِ
 الحبِّ التي أفرَطتُ في ترتيبها
 إني نقيُّ نادرُ الأسماءِ أنفعُ للتغني
 بالسكونِ ورهبةِ الفوضى على طرفِ المدينةِ
 وهي نائمةٌ على القصفِ الأخيرِ
 وبيننا نورٌ نقيُّ أنتِ مشكاةٌ تضيءُ 
تموجاتِ الليلِ تُدهشُ نافذاتِ الشوقِ
 تربكُ هالةَ القمرِ المبعثرِ في شقوقِ الصيفِ
 تغتالينَ عتماتِ الكرومِ وغابةٍ مهجورةٍ 
بين السماءِ وموسمِ اللوزِ المغلفِ
 بالتفاؤلِ والرجاءِ حبيبتي وهجُ الطفولةِ في عروقِ
 التينِ قلبِ البرتقالةِ وانصبابِ الماءِ من مُزْنٍ
 على السقٌفِ البريئةِ من ظنونِ النائمينَ على حدودِ 
الحبِّ هذي بلدتي وجمالُها قِدَمُ البيوتِ ونكهةٌ
 فيها اغترابٌ باذخٌ وتراوحٌ بين التسامحِ
 والمجاملةِ السخيةِ بين شاطئها وأولِ
 زورقٍ حملَ الجنودَ من البعيدِ وعاثَ
 في أجوائنا زحفًا بنا يا أيها النورُ المجمَّدُ
 في قواريرِ البصيرةِ ما رأينا قبل هذا عتمةً
 مجبولةً بالسوءِ ممن يسكنونَ الآن بين ظهورِنا
 شاهت وجوهُ المارقينَ وشُرِّدوا في الأرضِ
 لا أرحامَ تجمعنا ولا قلبٌ يؤلفُ بيننا نحن
 القريبينَ افتراضًا من حدودِ الأنبياءِ وقد سقطنا
 عند أولِ جبهةٍ للحبِّ نفشلُ في اصطيادِ فراشةٍ
 حمراءَ نغفلُ عن نداءِ الواجبِ المحفورِ في أحداقِ
 صبيتِنا الذين استنزفوا صبرًا وشوقًا للخروجِ
 من الشرانقِ والتشرقِ تحتَ جدرانِ البيوتِ
 وفي البيوتِ الآن مَنْ عرفوا الحياةَ ويفرحونَ
 بما استطاعوا يسرقونَ الحبَّ من نظراتِ 
صبيتهم وألوانِ النوافذِ والجلوسِ أمامَ نارٍ أشبعتهم
 رغبةً في النومِ في دفءِ الحكاياتِ البسيطةِ
 عن بلادٍ كان يسكنها رفاقٌ طيبونَ وأهلُهُم
 والنومُ باتَ لهم معارجَ أوصلَتهم للعلا والغيمةِ الصغرى
 وبعدَ الغيمِ شمسٌ لا تهابُ مواسمَ البردِ
 القديمةَ أيها النورُ الصباحيُّ الرقيقُ تعالَ
 من بين القلوبِ وخذ بروحي يا مُريدُ ألا بنورٍ باردٍ
 سأصيرُ قديسًا أباركُ بابتساماتي الغيورَ 
على الحقيقةِ أنشرُ الرِّفْقَ الذي فقدتهُ طرقاتُ
 المدينةِ جادَ قلبي بالمنى أشعلتُهُ صخَبًا ورؤيا
 لا يرى غيري الذي أبصرتهُ في حيِّنا بعضُ
 الأفاعي اليافعاتِ رؤوسهنَّ كأنها قِبَبٌ مدورةٌ
 بأشواكٍ بحجمِ نيوبها الزرقاءِ ما من عيشةٍ حتى
 تُقطَّعَ أو تُسعَّرَ في الجحيمِ جلودُها وحبيبتي فرْخُ
 النوارسِ شعلةٌ في رأسِ طودٍ زهرةٌ أو وردةٌ
 أو ريشةٌ بيضاءُ أو عسلٌ أُريقَ على جذوعِ الزنزلختِ
 أنا طريقُ الوردِ رائحةُ الخزامى واختمارُ
 الماءِ بالكينيا سأمضي حاملًا هالاتِ نوري
 شاردًا من إثمكم يا مترَفينَ وسارقي قوتِ النساءِ
 المنهكاتِ على رصيفِ الحزنِ بي فرحٌ
 بحجمِ مجرةٍ مشقوقةٍ ويسيلُ منها الديسقُ
 الشفافُ مغسولًا بأرواحِ العصافيرِ الطريةِ مثلما
 حشو الوسائدِ تحت أثداءِ العذارى السابحاتِ
 الراكباتِ خيالهنَّ أنا فضاؤكِ غامرًا زهو النهارِ
 بما أفيضُ بهِ بهاءً أو صفاءً لا يشوبُ
 القلبَ سوءٌ لا أراني مجهَدًا بالإثمِ أو وسواسِ
 نفسٍ حاصرتها الأمنياتُ العاطلاتُ
 عن التلقي وارتكابِ المنجياتِ العابراتِ
 من الأذين إلى البطينِ بدفقةٍ دمها شهيُّ مثلما
 كرزٌ بكأسٍ فيه ثلجٌ لامعٌ وأمام هذا القلبِ
 مرآةٌ وبشرى رحلةٌ فيما وراءَ الانعكاسِ على بلاطِ
 الروحِ أنتِ ملاءتي البيضاءُ ناصعةٌ تضيءُ
 بلا شوائبَ من صقيعِ الأمسياتِ وشهوةٍ
 مستورةٍ خلفَ ادعاءاتِ المحبةِ والتشوقِ
 ساعةٌ رمليةٌ تتوهجُ الحبَّاتُ فيها وهي تسحبُ 
من دقائقنا الكثيرَ ونحنُ نلهثُ خلفَ لحظاتٍ
 نؤثثها برائحةِ الندى والصِّدْقِ نخشى أنْ
 تصابَ الروحُ بالماضي ولفحاتِ الغيابِ وبِتُّ
 أنشدُ وجهَكِ الوضاءَ أتبعُ فيهِ نفسي وانبلاجَ
 سمايَ عاليةً كسقفِ الريحِ واسعةً ككلِّ الكائناتِ
 وشجرةِ التنوبِ أنبشُ في بياضكِ أستفيدُ
 من النقاءِ بأنْ أرى خيطَ البدايةِ واضحًا متواصلًا 
كهدوءِ قلبكِ وازديادِ الحبِّ في عينيكِ هل تُعفَى
 النفوسُ بصمتِها عما بداخلِها وهل في الحبِّ 
تفرقةٌ تراعي شدةً في البوحِ تفريطًا بحق القلبِ
 في أن ينتشي ومقًا تعالَ إليَّ يا نورَ السماواتِ العليةِ
 يا نهارَ الفضةِ المسكونَ بالنعناعِ بالحبقِ المغازلِ
 بالدوالي الناشئاتِ من الصفاءِ الطاهرِ المنذورِ
 للصيفِ الغيورِ أنا أحبكِ ليس يثنيني العتابُ
 ولا الملامةُ في هواكِ تفتقتْ أحلامُنا زهرًا أنا
 البريُّ موصولٌ بطعمِ الخوخِ منقطعٌ عن العبثِ الذي
 يلغي الشعورَ بأننا أحياءُ تبهرني الفضاءاتُ الغريبةُ
 أمتطي بدخَ الخيالِ بجرأةٍ لا بدَّ منها كي أقي نفسي
 التظاهرَ بالرضا وتحولاتِ الروحِ يأخذني
 الخيالُ إلى التفاصيلِ التي لم تتضحْ 
في مفرداتِ العشقِ أقرأها بصوتكِ وابيضاضِ
 الماءِ منكِ ولا تعفُّ النفسُ عن شيءٍ يقربني
 إليكِ يعيدني للطهرِ موسومًا بأني لم أخنْ نفسي
 ولم أبخلْ عليها بالحياةِ حبيبتي سنغيبُ يومًا
 ما سنرحلُ باردين ملائمين لما سيأتي
 لا تخافي من جنونِ اللحظةِ المعجونِ بالرغباتِ
 بالنزقِ الملبدِ بالطيوبِ كما الغمامةُ في ليالي
 الدفءِ أنهلُ من بياضكِ أرتوي مما تقطرَ من شفاهكِ 
إنها الأحلامُ فاحتملي سخونةَ ما يشعُّ من اعترافاتي
 الثقيلةِ لا تخافي مرةً أخرى سنهربُ من ملاحقةِ
 الضميرِ سنعتني بالوردِ أيضًا والتغني بالبريقِ
 على رضابكِ فارتشفْ يا قلبُ واثمَلْ دع ظنونكَ
 عارياتٍ لا تُجَمِّلْ مرهقاتِ القلبِ من شفتيكِ أعرفُ
 معبرَ النورِ الإلهيِّ المباركِ أستطيعُ الإنكسارَ بلا ذنوبٍ
 أفتحُ البابَ الذي سيمرُّ منه الأنبياءُ إلى السما
 والحبُّ معراجُ السكونِ وشهوةُ الأرواحِ في تزيينِ
 برجِ الروحِ يا عاجَ التأملِ يا جميلتي الطليقةَ
 في رموشِ الليلكِ الغافي على سورِ المدينةِ
 والمدينةُ رقصةُ النحلِ العقيمةُ صورةٌ مقطوعةٌ
 من ظهرِ هذا الليلِ من زبدِ الشواطىءِ وهي
 تلهجُ بالحنينِ إلى عهودٍ قد مضتْ ومضى المكانُ
 بما لديهِ من الحكايةِ واختليتُ أنا بصوتي في
 الخلاءِ أرددُ الوجعَ المُغَنَّى في طقوسِ البحثِ 
عن ذاتٍ تناسبُ ذكرياتي إنني أحتاجُ لونًا
 دافئًا لأحبَّ في عينيكِ وجهي والطريقَ إلى سبيلِ
 النورِ يا نورَ الطيورِ الملهَماتِ تطيرُ من شمسٍ لشمسٍ 
من غصونِ التوتِ للزيتونِ للبحرِ المسافرِ
 في صناديقِ الكلامِ ولستُ أعرفُ ما الذي في
 الروحِ شيءٌ ما يراودني لأسبرَ غورَها في لحظةِ
 البوحِ المشعةِ قابليني في مداراتِ الصباحِ
 وعلقيني في خيوطِ الضوءِ في قمرٍ يدورُ
 على البيوتِ وفي منازلهِ الكلامُ عن المدينةِ
 والحروبِ وغربةِ النعناعِ في أحواضنا في الحبِّ
 نصفُ الكونِ في أحلامنا نصفُ التفاصيلِ
 الأخيرةِ عن صبايا العشقِ عن نفسي وعنكِ
 حبيبتي يا مهجةَ القلبِ الرقيقِ لكِ الفراشةُ أفرغت
 ألوانَها في حوضِ وردٍ منعَمٍ بالضوء لا تدعي
 الفراشةَ تحملُ الأشواقَ ثم تنامُ بين جفوننا والقلبِ
 أنتِ النورُ والسلوى وفي عينيكِ ينهمرُ المطرْ.
الخميس ٣١/١/٢٠١٩                           








جدلية السعي وراء الهزيمة


جدليةُ السعي وراء الهزيمة
شعر: علاء نعيم الغول 

ماذا أعيدُ من الحكاياتِ التي قلَّبْتُ 
في صفحاتِ هذا العُمْرِ في كتبِ القدامى
 البائدينَ وفي مخيلتي الجريئةِ
 هل سنبقى هكذا غرباءَ في وطنِ الخساراتِ
 الكبيرةِ نقتفي أثرَ الهزيمةِ مؤمنينَ بأننا
 سعداءُ في هذا التغنِّي بالذي قد راحَ
 ما من مرةٍ قُلْنا لصِبْيَتِنا هُزِمْنا في معاركِنا
 ويبدو قد خسرنا الحربَ أيضًا
 ما تبقى من ثباتٍ لن يعيدَ حدودَنا والودَّ 
لن يأتي بأسماءِ الضحايا البائسينَ
 ونحنُ ما زلنا نفتشُ في الركامِ عن البطولةِ 
إننا جبناءُ نخشى الإعترافَ
 منافقونَ نساومُ الموتى على بيتِ العزاءِ
 جريحةٌ هذي المآقي في ملامحنا انكسارٌ
 بارزٌ كالعظمِ في الوجهِ النحيلِ
 يذيقُنا أمراءُ هذي الحربِ ماءً مالحًا
 ومياهُهم وِرْدٌ زلالٌ
 ليس ينفعُنا السكوتُ على الهزيمةِ
 فلْنَفُقْ من نومِنا لنثورَ نُحدِثَ فجوةً في السدِّ 
ننفذَ من جدارِ الخوفِ نهدمَ معبدَ الربِّ المزيفِ
 ولنُمَزِّقْ ما أرادوا من صحائفَ لوَّثَتْ أرواحَنا
 بالوهمِ أذْكَتْ فتنةً علِقَتْ بها فِتَنٌ بحجمِ قلوبِنا
 السوداءِ والغرفِ التي امتلأتْ بقوتِ المعوزينَ
 ولن يتوبَ السارقونَ عن الولوغِ مجدَّدًا
 في مائِنا ودماءِ من سقطوا قريبًا من سياجِ الوهمِ
 أرضي قصةٌ سوداءُ حاضنةُ المتاهاتِ 
الطليقةِ والأكيدةِ في دموعِ الساهراتِ على
 المصاطبِ واللواتي قد فقدنَ صغارَهُنُّ
 أمامَ متراسِ الخليفةِ
 لا يجيبُ عن السؤالِ التائهونَ
 خلاصُ غزةَ باتَ يشبهُ لو عرفتَ خلاصَ
 أندروميدا الجميلةِ من نيوبِ الوحشِ
 ثم تعالَ بيرسيوسْ من وراءِ الغيمِ 
أخرجْ رأسَ مِديوسا وعجِّلْ كي يراهُ
 العابثونَ ويصبحوا صفوانَ شارعِنا المُعَبَّدِ 
من جماجمهمْ ألا والخزيُ كلّ الخزي للفوضى
 وتجارِ الطرودِ وقصتي بيضاءُ مزهرةٌ كما طرقُ
 الإلهِ بريئةٌ كالجرحِ قبلَ جفافهِ بالكيِّ والتجويعِ
 يندرُ أنْ تراني في شوارِعنا المليئةِ باللهاثِ
 وحسرةِ الماشينَ أصبحتِ المدينةُ غابةً مفتوحةً
 للشمسِ والإسمنتِ أينَ ظلالُ أشجارِ الطريقِ
 من الشمالِ إلى الجنوبِ أحِنُّ للكينيا
 القديمةِ يومَ كنا نستطيعُ الحبَّ نقرأُ
 في شفاهِ البيلسانةِ ما يريدُ الصيفُ
 من لونِ الطيورِ ومن نوافذِنا
 ألا إني أموتُ الآنَ أبصرُ مرقدي وقيامتي
 والنائحاتِ على الطريقِ وفي زهورِ الموتِ 
أسماءُ الشهورِ و وشوشاتُ الليلِ
 غائمةٌ عيونُ الفجرِ فائضةٌ بأوراقِ الرمادِ
 وتشبهُ البركَ العميقةَ بين أحراشِ التغربِ
 والتشردِ لستُ وحدي كلنا شركاءُ في هذا الخرابِ
 وبؤسِنا وأنا أطيرُ الآنَ أصعدُ في البياضِ
 وزهوِ هذي اللحظةِ الملساءِ كالخدِّ الأسيلِ
 أرى الزمانَ على حقيقتهِ البسيطةِ
 أبصرُ البحرَ الصغيرَ كنقطةِ الحبرِ
 التي تذكي اليراعةَ بالهجاءِ وشهوةِ الشوقِ
 الفتيَّةِ إنني قاموسُ هذي الأرضِ مفردةٌ
 تزيدُ إرادةً ودِلالةً وأنا سطورُ قصيدةٍ مغمورةٍ
 بالدمعِ والعطرِ المباحِ ضعيفةٌ أحلامُنا وشهيةٌ 
كلُّ الصباحاتِ الجميلةِ بيننا 
يا نورَ قلبٍ طافحٍ بالإحتراقِ وشعلةٍ مغمورةٍ
 ببهائها الليليِّ يا عدلَ البنفسجِ أنتِ صيفي
 والأغاني رحلتي بين الضفافِ وفي المراعي
 إنني متفائلٌ ويدايَ واسعتانِ تحتاجانِ
 دفءَ الماءِ والكافورِ يا عدلَ الفراغِ المنتشي
 بالكهرمانِ ولولبياتِ الغيومِ وأنتِ لي ما أنتِ
 لي حلمُ الأماني العالياتِ حبيبتي كيف المساءُ
 وأنتِ تزدانينَ باللوزِ الطريِّ ورعشةِ النارينجِ
 في تشرينَ غزةُ بيننا هذا المكانُ مباشرٌ كالريحِ
 منتظمٌ كدقاتِ القلوبِ المستكينةِ إنَّ صوتَكِ 
جرةُ العسلِ التي في السقفِ أكسرها بشدوِ 
البلبلِ الغادي ولي في صوتِكِ الفرحُ
 الغريبُ ولذةُ التفكيرِ في أشياءَ غائبةٍ وإنكِ عدْلُ
 هذا الإنتظارِ بما بهِ من مغرياتٍ لا تقلُّ تساؤلًا
 عما يدورُ الآن في خلدي صباحُكِ نادرٌ 
كالماسِ لؤلؤةٌ مغلفةٌ بسحرِ البحرِ يامطرَ 
الحكايةِ والحكايةِ إنني رهنُ اعترافكِ بي بأني
 نادرٌ أيضًا أحبكِ فاتحًا نصفَ الصناديقِ 
الثقيلةِ بالبخورِ وبعض أسفارِ الخرافةِ والتعاويذِ
 المصونةِ في تجاويفِ الشموعِ الراسياتِ
 على ضفافِ الشوقِ والليلِ المرصعِ بالشفاهِ
 الموصَداتِ أمامَ مرآةِ الحنينِ وبين غزةَ 
والموانىءِ ساعةٌ خشبيةٌ موتٌ من الملحِ المُذابِ 
وقصةٌ مكتوبةٌ بمراسلاتٍ غير واضحةٍ وثائقَ 
للعبورِ وزينةٍ مكسورةٍ بالإنكسارِ ورغوةِ
 الماضي وحاضرِنا المزيفِ مَنْ يهاجرُ لا يعودُ
 ومَنْ يعودُ يكونُ قد فقدَ الكثيرَ حبيبتي
 هل تذكرينَ متى التقينا هل لديكِ الآنَ أوراقٌ
 مسطَّرةٌ لنكتبَ كيفَ حاربْنا المسافةَ وانتصرنا
 لا أريدُ البحثَ عن ذاتي فقد أودعتُها في شرنقاتِ
 الريحِ في شِلْحٍ لزنبقةٍ بلونِ الليلِ في ريشِ 
الزرازيرِ السريعةِ في هدوءِ القطةِ البيضاءِ نائمةً
 على جنبِ السريرِ وحين يستعرُ الرصاصُ
 على الحدودِ تزيدُ رائحةُ الدخانِ ويكثرُ 
الجوعى وتتضحُ الخيانةُ في عيونِ المترَفينَ
 ومن يساومُ كي يتاحَ له التنقلُ بين عاصمةٍ
 وأخرى إنها ساعاتُ حسمٍ فابتهجْ يا قلبُ 
أنتَ الواضحُ المعفيُّ من لومِ القبيلةِ أنتَ فضلتَ 
الفضيلةَ وامتنعتَ عن التغيرِ كي يُزادَ مُرتَّبٌ
 في البنكِ يا هذا التخاذلُ مَنْ سينسى المرجفينَ
 وبائعي أحلامِنا هذي البيوتُ تعوذُ بالباري
 من الباغي وفي عينيكِ جربتُ الهروبَ وفزتُ
 بالدنيا وفي عينيكِ آثارُ التعلقِ بالقرنفلِ
 واقترانُ النارِ بالنعناعِ والذوقِ النقيِّ
 من التكلفِ ما انتبهتُ لكلِّ هذا بل لشيءٍ عن
 مصيري لو كبرتُ وعشتُ حتى لم يعدْ ممَّنْ 
عرفتُ سواي إنَّا حين نكبرُ لا نميلُ إلى صداقاتٍ 
تَجِدُّ لكي نحنَّ إلى الرفاقِ الراحلينَ ونقبلَ الموتَ 
الأكيدَ بلهفةٍ للقائهمْ هذا الذي فكرتُ فيهِ وكيفَ 
تسحبُنا القناعاتُ الأخيرةُ للمساحاتِ التي فيها
 نميلُ إلى الوداعةِ والتنصلِ من حماقاتِ السنينِ
 البائداتِ حبيبتي هل تقبلينَ توقعاتي والهروبَ 
معي بعيدًا في منافي الوقتِ في عبثِ البخورِ 
وموجةٍ منهوكةٍ فوقَ الرمالِ أنا بياضُكِ واصفرارُ
 النرجساتِ أنا احمرارُكِ وابيضاضُ الأقحوانةِ
 بِتُّ أعرفُ ما يحبُّ القلبُ منكِ وما يدلُّ على
 طريقكِ مثلما دلتْ على الماءِ الطيورُ وحين كنتُ
 أُعيدُ ترتيبي احترقتُ بفكرةٍ وفتحتُ صندوقَ
 العجائبِ جنب رأسي كنتُ أقرأُ وقتَها عن صيغةٍ 
مقبولةٍ للحبِّ عن زمنِ التصالحِ بين ماتوا على حبِّ 
ومَن عاشوا على وهمٍ وتتهمُ الحياةُ الباردينَ
 ونصفَ مَنْ في الأرضِ غزةُ قصةٌ أخرى وجاريةٌ
 لسيدها الذي اغتلمَ العشيةَ مرتينِ ولا يوازنُ
 بين رغبتهِ وأطفالِ المدينةِ بين طعمِ الملحِ والخلِّ
 الذي طابت به قِدَرُ اللحومِ الطافحاتُ وخلفَ 
هذا الحيِّ حيُّ سادرٌ في جوعهِ متمتعٌ بالطارئينَ 
على الوليمةِ ساحبٌ أنفاسَهُ من زحمةِ الماشينَ 
في طرقاتهِ العمياءِ لم يبقَ الكثيرُ وتنجلي كلُّ 
الحقيقةِ نستعيدُ ثراءَنا والنورَ نكبرُ قادرينَ على 
الوفاءِ بما كتبنا في رسائلَ أثمرَتْ عشقًا
 و ودَّا والهواءُ حبيبتي نوعٌ ثقيلٌ يربكُ النومَ الخفيفَ
 وربما نوعٌ يغذي الروحَ بالآمالِ يتركها
 على جنبِ الطريقِ وفي الطريقِ إلى البحيرةِ
 أكشفُ الفرقَ الذي جعلَ المدينةَ غير آسفةٍ على 
أشلاءِ من سقطوا ومن عشقوا وفي قلبي منازلُ للقمرْ.
الأحد ٢٧/١/٢٠١٩                         




جدلية النور والعتمة


جدليةُ النورِ والعتمة
شعر: علاء نعيم الغول 

ماذا أرادَ الأنبياءُ
 وما الذي في الغيبِ
 دومًا لي سؤالٌ لا يُرَدُّ عليهِ 
واعلمْ أنهُ ما صابني ضجرُ انتظارٍ
 دائمٍ مَنْ ليس مِنَّا غير منتظِرٍ
 ومَنْ منَّا أتتهُ إشارةٌ من خلفِ
 هذي الزرقةِ الصمَّاءِ
 نقرأُ ما تناقلهُ الرواةُ ولم يكنْ
 في الأرضِ بابٌ جاءَ منهُ العارفونَ
 ومَنْ سيثبتُ صِدْقَ ما نقلوهُ 
أبدأُ من هنا من نقطةِ الصفرِ التي 
بدأتْ بها أسطورةُ الخَلْقِ التي نُسِجَتْ 
بأطيافِ الخيالِ وما الذي سحبَ الخيالَ
 إلى الأماكنِ نفسها وكيف تجرؤ أيها
 الفاني على تحميلِ نفسكَ عبءَ هذا الكشفِ
 كشفِ السرِّ عن أشياءَ يمكنُ أنْ تكونَ 
مريحةً ما أُخْفِيَتْ والقطُّ أرداهُ الفضولُ 
ونحنُ يُهلكُنا الكثيرُ وما الذي نجني معًا
 في الحالتينِ وفي السما تقفُ الثريا في سوادٍ
 ليسَ مختلفًا عن القلبِ الذي أعماهُ غِلٌّ 
والأماني البائساتُ وفي الثريا وعدُ هذا
 الليلِ في أنْ يجعلَ المدنَ الصغيرةَ ضِفَّةً
 أخرى لهُ منحوتةً في الضوءِ والدنيا مكانٌ 
واحدٌ صورٌ مقطعةٌ كألبسةٍ على حبل الغسيلِ
 كما الطيورُ على خطوطِ الكهرباءِ مراك
 الصيدِ القديمةُ في مرافىءَ أجهدَتها 
الشمسُ ثمَّ أرى السماءَ نهايةً بيضاءَ
 واسعةً بما يكفي لتجزئةِ الخيالِ إلى ممراتٍ
 كمضمارِ السباقِ بفارسَينِ تنافسا في لعبةِ البولو
 أرى كلَّ الخيوطِ تلفني فيها نسيجًا مُرْبِكًا 
أما الثريا فهي عنقودٌ على كتْفِ الفراغِ
 يضيءُ وجهَ الخائفينَ ويغسلُ الموتى
 ويمحو البؤسَ عن حوضِ القرنفلِ ثمَّ
 يدفعني بعيدًا في سكونِ الروحِ يجعلني
 سماويَّ المزاجِ مؤلَّفا من أغنياتٍ لا تقلُّ 
براعةً عن صوتِ فيروزَ الأثيريِّ المعتقِ مثلما
 الإسفِنْطُ هذا الكونُ لي وأنا الفريدُ على
 ثريَّاهُ البعيدةِ أعرفُ الشبهَ الذي بيني وبينَ
 الشُّهْبِ أسندُ حائطَ الليلِ الطويلَ بنافذاتِ الحبِّ 
أفتحها لتندلقَ السخونةُ من أسرَّتِها
 على عشبٍ سقتهُ منابعُ القمرِ المنيرةُ 
بالحكايا الوارفاتِ كشجرةِ التوتِ الكبيرةِ 
في سوافي الروحِ كم من غائبٍ سيموتُ 
كم من قصةٍ ستصيرُ ذاكرةً وكم من مرأةٍ 
ستحبُّ فارسَها المُخلِّصَ ثم يكسرُها الفراقُ 
على غصونِ الإنتظارِ وكم سأحلمُ بالثريا 
أنْ تطيعَ تأملاتي في عيونِ الطيرِ تعطيني 
الذي ما كانَ لي فأنا أنا والحبُّ لائحةُ اتهامٍ 
طفلةٌ تعدو على رملِ الشواطىءِ وحدها والنومُ
 نومٌ والكلامُ حبيبتي صوتُ المرايا فوقَ أرضٍ
 من رخامٍ باردٍ هل صافراتُ الوعدِ تُسمَعُ 
من وراءِ  الغابةِ العمياءِ من بين الحقولِ وحين 
تتسعُ المحطةُ للرحيلِ أظلُّ وحدي أحرسُ الماضي
 هنا وأذبُّ عن نفسي التجمُّلَ والتظاهرَ 
أيها الدَّبَرانُ يُشبهُني وفاؤكَ ظلَّ عشقُكَ للثريا
 قائمًا ترعى خِرافَكَ خلفها طلَبًا لها ستظلُّ 
تتبعها وهذا حالُنا لاأنتَ مدركها ولا هي تستطيعُ 
الإلتفاتَ إليكَ فانظرْ ما ترى لا وقتَ مهما 
طالَ ينفعُ أنْ يعيدَ لنا الذي قد فاتَ مِنَّا 
يا رفيقتيٍ البعيدةَ يا صباحَ اللوزِ والدردارِ
 يا صوتَ احتكاكِ الريحِ بالسرواتِ هل عيناكِ
 واسعتانِ هل قلبي كما ورقُ الخريفِ مسالمٌ
 أم يشبهُ الشوكَ القصيرَ على حوافِّ الأليوفيرا
 داعَبَتْكِ شفاهُ هذا الوردِ أرْضاكِ الحريرُ بلينِهِ 
ولثمتُ في هذا الخيالِ شفاهَكِ الظمياءَ وعشقتُ
 وهمَكِ تاركًا قلبي يلملمُ من شظايا الإنكسارِ 
بقيةً تكفي ليبدأَ من جديدٍ ما الهواءُ وما السماءُ
 سوى احتياجكَ للتعلقِ بالحياةِ بدونِ وعيٍ منكَ
 كان البحرُ بعدَ الظهرِ أزرقَ واضحًا والنورساتُ
 على المراكبِ يبتلعنَ الشمسَ والميناءُ يشبهُ 
وقتَها منحوتةً مائيةً لا شيءَ يشبهها سوى قلبي
 المقسمِ بين عينيكِ اللتينِ أراهما من خلفِ هذي 
الزرقةِ العجماءِ والصمتِ الذي ابتلعَ المكانَ 
كأننا جئنا على بدءِ الخليقةِ وهي تنمو في قشورِ
 اللونِ في صِدْقِ المعاني غيرَ أنَّ الوقتَ يفسدُ
 ما تعودنا عليهِ معًا أراكِ تحاولينَ الحبَّ
 تنتحلينَ أسماءَ الزهورِ لكي نصدقَ كل شيءٍ
 عن ملامحنا وما قلناهُ لم تفقِ الثريامن سباتِ 
الوقتِ من بذخِ التناسي والهدوءِ وشعرُها دَفْقُ الغمامةِ
 في الليالي الحالكاتِ وشهوةُ الخروبِ في
 أنْ يجعلَ الماءَ الزلالَ شهيةً أخرى وإنكِ تعرفينَ 
شهيتي للإعتراف بأنني قلبٌ وماءٌ فكرةٌ وتمنياتٌ 
رحلةٌ بين النجومِ وفي هوائكِ يا زهيراتِ البراري 
وانفتاحِ الشمسِ في آذارَ في ألوانِ هذا 
الصيفِ ما من صحوةٍ للروحِ من غير اعتناقٍ صادقٍ
 لتوجساتِ القلبِ والخوفُ الذي قطعَ المدينةَ 
قطعتَيْنِ يمرُّ من بين البيوتِ يخلخلُ الأحلامَ
 يربكها ويجعلنا رهائنَ زمرةٍ مأجورةٍ ترعى مواشي
 غيرنا في أرضنا ونرى وجوهًا لا نراها بيننا
 من أين جاؤونا فهل كنا نيامًا عاطلينَ عن الحياةِ 
مجازفينَ بما لدينا من قرىً مملوءةٍ بصغارِنا وشعائرِ
 الحبِّ القديمةِ والطقوسِ ومفرداتِ الشوقِ لستُ مبالغًا 
في الوصفِ في تعليلِ ما يجري لنا وهنا هنا 
قلبي وفي قلبِ المدينةِ شارعٌ متناثرٌ كالشَّعْرِ يحتاجُ 
اتجاهًا غير هذا هكذا الدنيا هنا عبثٌ على وترِ الضحايا
 المؤمنين بأنهم ليسوا ضحايا بين غزةَ والقيامةِ فجوةٌ
 تسعُ الذنوبَ وفاعليها والجنونَ ومن له هدفٌ
 لتغييرِ المدينةِ حسبما يحتاجُها تقفُ الثريا في
 عيونِ الحالمين على حدودِ الروحِ تحتاجين لي وأنا
 كذلكَ بيننا عمرٌ من الوجعِ الطويلِ كم ابتعدنا
 وابتعدنا في جنونِ مسافةٍ ما مرةً عدلتْ ونادَتنا 
السماءُ ولم نجبها واغتسلنا بالغيابِ وأمطرتنا
 الأمنياتُ بأغنياتٍ لا تموتُ و "يا ظالمني" حين
 أسمعها أُصيلانًا أرى نفسي قريبًا من غشاءِ
 الكونِ أطرقُ بابَ هذا الليلِ أسبحُ في زوايا
 الإنبهارِ وأنتشي متفائلًا وأراكِ في نفسي بهاءً دافئًا 
لغةً بلا صوتٍ وأفهمها لأني صاحبُ الرؤيا وأعرفُ
 أننا لا تنتهي فينا التجاربُ لا نخافُ من التعلقِ بالنفسجِ
 لا نرى سببًا لنخشى الحبَّ أنتِ علاقتي بالصيفِ بالبحرِ
 المغامرِ واخضرارِ اللوزِ أنتِ ثريتي ليلًا وفي قلبي
 نهارًا أستشفُّ ملامحي في نورها وأراكِ سوسنةَ 
السماءِ وما أنا بالخائفِ الحيرانِ يدهشني التفاني
 في اعترافكِ أننا جئنا وما جئنا وتندثرُ النجومُ ولا نرى
 ما خلفَ هاتيكَ الغمامةِ في شتاءٍ مفرطٍ في
 البردِ في "هوا صحيحِ الهوى غلابْ" وتسلبني
 الإجابةُ نصفَ عمري يا جميلتيَ البعيدةَ خلف 
رائحةِ السكونِ وخلفَ عجْزِ الريحِ في أن
 تجلبَ الماضي وتقتلعَ الحدودَ وتقطعَ
 الأمواجَ قبلَ وصولها للرملِ يا قلبي المعلقَ في ثريا
 الإنتظارِ على شفيرِ الحلمِ في هذا الغروبِ
 المستفيضِ برحلةِ الشفقِ الغريبةِ واستعرتُ
 من الحياةِ حياتَنا ونسيتُ من عمري الكثيرَ وأنتِ
 في قلبي هواءُ الصيفِ تبديدُ الغمامِ وعندما أدركتُ 
أني واقفٌ بين الحقيقةِ والحقيقةِ صرتُ أرسمُ وجهَكِ
 البريَّ في وجهِ السماءِ وأحفرُ الصوتَ الذي ملأَ
 الليالي الناعساتِ على صخورِ الوجدِ يا هذا المكانُ
 أنا أحبُّ ثريتي والنورُ يملأُ ما تبقى من خدوشِ
 الوقتِ فانتظري معي وتساءلي مثلي عن الأشياءَ
 كيف نحبُّها ونحبُّ أنْ نبقى معًا.
الخميس ٢٤/١/٢٠١٩                                        





















جدلية القلب والغرق


جدليةُ القلبِ والغرق
شعر: علاء نعيم الغول 

القلبُ نصفُ فراشةٍ
 والنصفُ بحرٌ أين حبِّي فيهما
 قلبي السماءُ وزهرةُ الليمونِ
 قال الوردُ لي إني سأصعدُ في الهواءِ
 وأحتسي عرقَ البلابلِ ألمسُ اللبلابَ
 ثمَّ أصيرُ أكثرَ خفةً وأقلَّ خوفًا 
حين يأتي الليلُ يأخذني وأركبُ زورقًا
 بين النجومِ أرى حدودَ السِّحْرِ أنسى 
أنني من طينةٍ مجبولةٍ باللومِ والشكوى
 وأبعدُ حيثُ يدهشني التلاشي في أثيرٍ 
من ضياءٍ هادىءٍ والقلبُ نصفُ مجرةٍ
 والنصفُ أوراقُ الرسائلِ قالتِ الورقاءُ لي
 ستصيرُ يومًا ما رذاذًا في غشاءِ الوقتِ
 نَدَّا غالياً والمِسْكَ
 وانتشتِ القصيدةُ بالحروفِ
 تضوَّعَتْ شغفًا وكيف أنامُ والدنيا تراودُ
 مَنْ يداعبُها كأنثى أسدلتْ شَعْرَ المساءِ
 على الوسادةِ وارتخت بين الشفوفُ تفضُّلًا
 والقلبُ غصنٌ قد تمَشَّقَ مسَّهُ حَرُّ الفِراقِ
 لطالما أوهمتُهُ بالوصلِ مِنْكِ أنا المُلامُ على
 الذي قد ضاعَ منَّا والذي سيضيعُ أكثرَ مرتينِ
 تفاءلي فالقلبُ كان مدينةً بيضاءَ
 تصحو بين أهدابِ القرنفلِ تمسكُ الشمسَ
 البعيدةَ من ذوائبها وتجعلها تطوفُ 
على نوافذَ خلفها قِطَعُ المرايا والعذارى
 الحالماتُ وحاملاتُ الحبِّ هل مِنْ صادقٍ كالبحرِ
 مَنْ مثلي سيتركُ خلفهُ صوَراً لتكملَ صورتي
 وأنا الوحيدُ هنا بعيدٌ لا تراني الشمسُ
 لا تصلُ الطيورُ إلى حدائقيَ الكبيرةِ 
كلُّ أشيائي معي ومعي نهارٌ في صناديقِ
 الدقائقِ باردٌ وبدونِ أغلفةٍ هنا في هذهِ 
الصورِ التي غطت سريريَ أفرزُ الموتى
 ومَنْ ليسوا رفاقًا هؤلاء العالقون معي أخيرًا
 سوفَ أسحبُ ذكرياتي من ملامحهم وأبقى
 صافيًا كالماءِ أكرهُ سطوةَ التفكيرِ في ما قد جنيتُ
 وليسَ من أسفٍ سوى أسفي على ما ضاعَ
 من وقتٍ أحاولُ فيهِ تأمينَ الخلاصِ
 من الذين تجمعوا حولي وحولي عالم متساوقٌ
 مع نفسهِ ومغالطاتِ الحُبِّ قلبي شاطىءٌ 
ورغيفُ خبزٍ من مخيلةِ الطفولةِ عندَ فرنِ
 الطينِ أسألُ عن مصيرِ النارِ تحتَ الجمرِ
 عن عَدْلِ الرمادِ وقد تبوَّأَ زهوَ جذعٍ كان يحملُ
 وردةً والزهرَ أنظرُ في بخارِ الماءِ أجهلُ
 كيف لونُ الماءِ يجعلني أفكرُ في شفافيةِ
 الوجودِ وأننا جئنا جميعًا من مكانٍ غير
 معروفٍ وأسمعُ صوتَ شيءٍ في السكونِ
 ولا سكونَ فقطْ غلافٌ من غلافٍ في غلافٍ
 بينهم كل المسافاتِ التي لا تنقذُ التفكيرَ
 من توهانهِ وعمى الحقيقةِ كان قلبي وقتها 
حباتِ توتٍ غير غامقةٍ ويعصرها الحنينُ وليس
 لي من كل هذا غير نومٍ نصفهُ عطشٌ ونصفٌ
 تعرفُ الأحلامُ فيهِ توقعاتي عن بداياتِ الصباحِ
 وإنَّ قلبي رحلةٌ في الريحِ ظاهرةُ اغترابٍ
 في الملامحِ والكلامِ أحارُ في تفسيرِها
 وأنا الضياعُ المستعادُ أنا الرجوعُ إلى البدايةِ
 لا أحبُ الإعتمادَ على معانٍ لم تُفِدْ بالأمسِ
 لا أرجو التعلقَ بالخسائرِ وانهزامُ العقلِ 
أكبرُ من بناياتٍ يمارسُ أهلُها حبَّ الهروبِ
 من السلالمِ في ليالي الحربِ وانحبسَ
 اللسانُ عن الدفاعِ عن الذي في النفسِ 
والنفسُ اختبارُ التجرباتِ وما ترسبَ في
 مخيلتي من الأشياءِ لستُ بهاربٍ فعلاقتي
 بمدينتي ليستْ تُدينُ تطلعاتي للتنقلِ خارجَ 
المنظومةِ العمياءِ هذا الحبُّ كان مناسبًا
 لأعيشَ فيكِ مغامرًا في الوقتِ في قلبي المريحِ
 كوردةٍ بيضاءَ هل أنتِ البقاءُ أم التوهمُ
 بالحياةِ وهل تودينَ الجنونَ معي نجهِّزُ مقعدًا
 للبوحِ نختبرُ المحطةَ هل تقودُ الراحلينَ 
إلى مصيرٍ واحدٍ هل ترغبينَ الآنَ في تحويلِ
 مجرى القلبِ قلبي سائلٌ كدمٍ على يدِ 
نسوةٍ قطَّعْنَ  أيديهنَّ من شغفٍ بيوسفَ أيها
 الصدِّيقُ أحلامي تقِلُّ ولا أرى سببًا لأصحو 
باكرًا ما بالُ قلبي مُتعَبٌ قد صارَ حبةَ بندقٍ
 مكسورةً صارَ انفطارَ سما الخريفِ وقلبِ
 عصفورٍ من العطشِ الذي لا صحوَ منه
 ولا ارتواءَ يعيدُ وعيَ اللحظةِ الملأى بما نحتاجهُ
 من مغرياتٍ غير مؤذيةٍ وأعرفُ أنَّ بين القلبِ
 والجسدِ اقتسامًا للغريزةِ والتحرقِ والتلاشي 
ليس في مقدورِنا تفتيتُ ما في الحلقِ
 من جُمَلٍ تكلَّسَ قَصْدُها وتغيرتْ فيها المعاني 
أجملُ الكلْماتِ مَنْ فاضتْ بلا وجعٍ من التفكيرِ
 في إخفاقها ونجاحها والقلبُ قاطرةٌ على قضبانَ
 مسرعةٍ بصافرةٍ من الهمسِ الدفينِ وفي المدى
 مدنٌ وفوضى والحياةُ منازلٌ ملأى بناسٍ
 يعرفونَ مصيرهمْ في النومِ لا يجدونَ في أحلامهم
 شيئًا وتمضي مركباتُ العمرِ آهلةً بمن فيها
 وعند محطةٍ في البُعْدِ ينزلُ من تأخرَ عن مواعيدِ
 النهايةِ أنتِ أسئلةُ التعافي من دوارِ الفِكْرِ
 من ألمِ التشوقِ فجأةً وإجابتي مبتورةٌ كيدٍ
 لقرصانٍ قديمٍ 
في  حكاياتِ البحارِ كساقِ (جون سيلفرْ) 
وساقِ (أهابَ) هذا البحرُ يبتلعُ الحكايةَ مثلما 
ابتلعَ المدينةَ وهي نائمةٌ ويلفظُ في النهارِ
 عظامَها كالمترفينَ مع الجياعِ كحاكمٍ سلبَ
 القوافلَ وادعى أنَّ الذئابَ
 أخافتِ الإبلَ البطيئةَ واختفتْ
 بددًا وهذا البحرُ كان ولا يزالُ يطيعُ من جاؤوا
 ومَنْ راحوا وحظُّ البحرِ غرقَى ليس في نياتِهم
 ما في مخيلةِ النوارسِ أيها الوطنُ الذي
 ما كان يومًا مؤمنًا بالحبِّ كيف تركتَ
 للبحرِ الخيارَ فصارَ يبتلعُ الصغارَ ومَنْ يفرُّ
 مهاجرًا و وراءهُ من ذكرياتِ الصيفِ ما يكفي
 لتكملةِ الحكايةِ عن مدينتنا وحاكمها ومن جاؤوا
 مع العسسِ الذين يقسمونَ غنائمَ 
الليلِ الثمينةَ بينهم والناس موتى أو نيامٌ
 لا يهم فقط ستضطرُّ المدينةُ لاتهامِ البحرِ
 يومًا ما وقلبي جرةُ الذهبِ التي في الرملِ
 في تلِّ العجولِ وتحتَ أنقاضِ البيوتِ وفي
 سراديبِ البناياتِ القديمةِ كلهم يتآمرونَ ليسرقوكَ
 ويهربوا للبحرِ ثانيةً وغزةُ قصةُ الفخارِ والزيتِ
 المصفى فكرةٌ مملوءةٌ بالخيرِ لكنْ أهلُها
 ليسوا لها وعلى الجدارِ نقوشُ من عبروا
 البلادَ وأفسدوها هكذا ظلتْ وتبقى والحياةُ
 حبيبتي ما مرةً عدلتْ بمن عدلوا ومن ماتوا
 أخيرًا آمنينَ أحبُّ رائحةَ القرنفلِ أعرفُ
 الشجرَ القديمَ وطعمَ سمَّانِ الخريفِ ونكهةَ
 التفاحِ يا قلبي الصغيرَ تعالَ نعطي السروَ
 حصتهُ من الأحلامِ والظلِّ الأخيرِ فلا المدينةُ
 تحفظُ الودَّ القديمَ ولا الذينَ تسوَّلوا سيرتبونَ
 حياتَنا والحبُّ حُبٌّ والطريقُ إلى القيامةِ واضحٌ
 حتى السماءُ سعيدةٌ ببهائها فوق الخرابِ بعيدةٌ
 لا تقرأُ العبثَ الذي ملأَ الرواياتِ الرخيصةَ لا تفكرُ
 مثلنا في الغائبينَ ومن سيُدفَنُ في الثرى
 أو ينتهي في البحرِ طُعْمًا للقروشِ
 كم القروشُ أعزُّ من هذي المدينةِ إنني
 متفائلٌ ويدي تلوحُ من بعيدٍ للرفاقِ غدًا سننسى
 كيف كنا سوفَ تأتلقُ الدروبُ وتحملُ الغيماتُ
 أشكالَ البيوتِ وتكشفُ الريحُ السريعةُ ستْرَ
 هذي الأرضِ مَنْ باعوكَ يا وطنَ الحقيقةِ
 لن يناموا هانئينَ ولن تنامَ الطيرُ أيضًا خارجَ
 الوكُنِ الطليقةِ في الهواءِ أحبُّ قلبي أنْ يكونَ
 مغامرًا ومهيأً للبحثِ عن درجِ الغمامِ وعن
 أساطيرِ البحارِ وفكرةٍ للموتِ من غير امتنانٍ
 للحياةِ وما الحياةُ يهمها أنا نخافُ ونشبهُ
 الموتى ونحفرُ في خطانا كي نسافرَ للأمامِ
 وللوراءِ ونعبرَ البحرَ الذي لا يشتهي شيئًا
 وينسى أنهُ قطعَ الزمانَ
 ولم يكنْ متآمرًا مع غيرهِ كالآخرينْ.
الأحد ٢٠/١/٢٠١٩                   
       





جدلية الهروب وراء الجدار



جدليةُ الهروبِ وراء الجدار 
شعر: علاء نعيم الغول 

الناسُ موتى والحياةُ كما ترى
 والأرضُ منها قد أتينا ثمَّ فيها ننتهي
 ماذا أضيفُ هنا النهايةُ والبدايةُ
 لا كلامَ تعالَ نهبطُ من هنا حتمًا سنعرفُ
 أين كنا قبل هذا يا رفيقي في الحضور
 وفي الغيابِ اللولبيِّ كما ترى
 دعنا نحاولُ ليس ينفعُ أن نموتَ بلا مقابلَ
 تحت هذا الرملِ
 أسماءُ الينابيعِ التي روتِ الخليقةَ والكلأْ
 هي فرصةٌ أخرى لنهربَ من مساءلةِ الضميرِ
 ورغبةِ النفسِ الجسورةِ 
كلما مرَّ النهارُ تضيعُ مني ذكرياتُ الراحلينَ
 وسوفَ ينسانا الرفاقُ مؤكدًا يوماً
 لهذا سوف أحفرُ في الوجودِ حقيقتي
 طمعًا وحبَّا في اقتناءِ الوقتِ
 تحتَ الماءِ نارٌ والجحيمُ ونافذاتُ الليلِ
 كان الليلُ أولَ كل شيءٍ
 فانتظرْ إن شئتَ أن يأتيكَ من بين المشاعلِ
 رافعًا قمرًا على أكتافِ نرجسةٍ بحجم
 الخوفِ والضجرِ الذي قطعَ الطريقَ
 على الضفادعِ في البياتِ
 وهذه الدنيا بياتٌ واسعٌ
 فمتى تشققُ هذه الأحلامُ تخرجنا
 إلى المثوى الأخيرِ إلى بياضٍ ليس نعرفُ
 عنه غيرَ الخوفِ منهُ 
كم المسافةُ بين قلبي والحقيقةِ لا تساوي
 كل هذا الجهدِ ماذا لو تكشفتِ الحقيقةُ
 ما الذي سيكون في مقدورنا تغييرهُ
 ماذا وماذا والسؤالُ مراوغٌ كإجابةٍ مبتورةٍ 
والحبُّ ظلَّ كما نراهُ ولن يكونَ سوى الذي
 قد كان منه وفجأةً نتذكرُ الماضي ونسألُ
 عن مصيرِ الراحلين وأين هم أبدًا
 ولا يكفي التحسرُ والتناسي
 تحت هذا الوردِ سجنُ الروحِ حاويةٌ من البازلتِ
 قاسيةٌ كلونِ الماسِ يملأها هواءٌ يشبه الكبريتَ
 والبارودَ أعرف أنني أرجو الخلاصَ بدون تعقيبٍ
 على ما أشتهيه فقد غدوتُ أسيرَ هذا الوردِ
 منحازا إلى ألوانه والبيلسانةِ
 إن روحي طائرُ الدوري على شجرِ المدينةِ
 والبيوتِ به ارتحلتُ إليكِ مراتٍ لأسكنَ في جفونكِ
 أرتوي مما تبقى من شتاءٍ بين ضلفاتِ
 النوافذِ أنت حبي والجنونُ المستباحُ
 وقطرةُ الملحِ التي في الجرحِ
 تحت الوردِ قبوٌ فارغٌ وصدى النبيذِ على
 رفوفِ الوهم والعشقِ المذابِ كنكهةٍ ما ذقتها يومًا
 ويحملني الفراغُ كنشوةِ المخمورِ أعلى
 ثم أعلى في عوالمِ قصةٍ قوطيةٍ من نسج (إدجار بو) 
تُسَمَّى الآنَ (برميلُ الأمونتيادو)* 
رهبةُ التفكيرِ في ما قد يجيءُ وما وراء
 النومِ ما أقسى  التكهنَ والرهانَ فلا رجوعَ
 ولا إعادةَ مثل طلقات المسدسِ نحو رأسٍ ما
 وهذا ما تقدمهُ الحياة زيادةً في الأسرِ
 والقهرِ المدبرِ 
تحت هذي الأرضِ أنهارٌ ونارٌ 
شجرةُ الرمانِ تحملُ مرةً
 ولكل ميْتٍ حبةٌ ليعودَ مبتهجًا بلا قلقٍ كذاكرةِ
 المرايا كالروامسِ حين تطمسُ قريةً  ظعنت على ظهرِ 
الرحيلِ وماتَ من عشاقِها
 من لم يقلْ في الحبِّ بيتًا واحدًا
 تحت الهواءِ مصيرُنا ونلاحقُ الأشواقَ
 نهربُ من ضجيجِ العُمْرِ ننسى عندها
 أنا فَراشٌ ذاهبٌ بين الغصونِ وكان صوتُكِ
 دافئًا هذا الصباح مغلفًا بالشمسِ شيئًا
 في الطريقِ إلى حوانيتِ المدينةِ كان صوتُكِ
 يشبهُ الماضي ويشبهني وأسمعُ فيهِ ما لم
 أستطعْ تفسيرَهُ في أننا أسطورةٌ لا يهتدي
 لجمالِها أحدٌ سنبقى هكذا متعانقَيْنِ على دروبِ
 الوقتِ تخذلنا الحياةُ ولن نُسَلِّمَ بالمسافةِ والفِراقِ
 وكان صوتُكِ مؤمنًا بالحبِّ منفصلًا عن الملموسِ
 في هذا الفراغِ ملائمًا لتوقعاتِ القلبِ
 مغموسًا كعشبِ الشمسِ في الماءِ الرسيلِ
 ودارَ في كلماتِنا وجعٌ وأمنيةٌ وخالطها
 التعلقُ بالمصيرِ وما تخبئهُ الليالي الناعساتُ
 على الستائرِ كان صوتُكِ رعشةً تسري
 كنبضٍ مُتْعَبٍ وكومضةٍ هربتْ من الغيمِ
 المسافرِ في بياضِ الثلجِ يأخذني إلى دنياكِ
 معترفًا بأني لم أكنْ إلا انعكاسكِ في بحيرتِكِ
 القريبةِ منكِ من ممشاكِ في البلدِ الغريبِ
 كغربةِ الدوري وحيدًا فوقَ سلكِ الكهرباءِ
 حبيبتي في صوتكِ امتلأَ اليقينُ بأننا لم نفترقْ
 وأنا سأكتبُ عنكِ في هذا النسيجِ من الهواءِ
 ورغوةِ التفكيرِ والعبقِ الذي في قهوتي
 وأنا أرتبُ مفرداتِ العشقِ في هذي القصيدةِ
 صار صوتُكِ فجأةً حبلَ المشيمةِ 
بين هذا الكونِ والجسدِ الذي تنسابُ روحي فيهِ
 يا معنى الوجودِ وطعمَ هذا الوقتِ كوني لي
 كما كنا فما الدنيا سوى جرسٍ نحاسيِّ
 على بابِ السماءِ يدقُّ في قلبي كأني أسمعُ
 الأحلامَ في رأسي طنينَ النحلِ أنصِتُ للضجيجِ 
كأنني أحتاجُ رأسًا غير هذا يستطيعُ
 الإنسحابَ كفكرةٍ مغلوطةٍ
 تحتَ الضجيجِ ينامُ نصفُ المُتْعَبينَ 
ولا يهمُّ الآنَ هل قلبي صغيرٌ أم كبيرٌ 
إنه الخوفُ الذي جعلَ الوجودَ معادلاتٍ لا تُحَلُّ
 وإنهُ القلقُ الذي سحبَ الهدوءَ كوشوشاتِ
 الشكِّ تجعلُ من (عطيلَ) مؤكدًا وحشًا له عينان خضراوانِ
 صوتُكِ يا حبيبتيَ البعيدةَ ظلَّ أجملَ
 حين عُدْتِ لتشتري شيئًا نسيتِ
 وصوتُ جارتِكِ الثقيلُ بلكنةٍ عجماءَ أفقدني الشعورَ
 بأنني أتنفسُ الدنيا برائحةِ الخزامى
 هكذا معكِ الطريقُ تصيرُ أقصرَ
 تستجيبُ لنقطةِ الصفرِ التي بيني وبينكِ
 لا مسافةَ بيننا فقط احتراقُ الفلِّ
 أوراقُ الرواياتِ التي فتحتْ لنا نصفَ النوافذِ
 تحت هذا الجمرِ أمكنةٌ مغطاةٌ بقرميدِ البيوتِ
 أمامَ هذا البحرِ حيث الريحُ تفتعلُ الحكاياتِ 
القديمةَ تلهبُ التفكيرَ في جدوى التقلبِ
 بين جدرانِ المواسمِ لا فصولَ سوى التي
 اعتدنا عليها لا مجال لأن يكون هناك فصلٌ 
خامسٌ هي هكذا نحن العبيدُ ولا إرادةَ تمنعُ
 التقويمَ من أنْ يستمرَّ سنستمرُّ ويستمرُّ البحثُ
 فينا عن مكاشفةٍ تريحُ ونحن نحملُ مثل (أطلسَ)
 هذه الأرضَ الثقيلةَ إنَّ في عينيَّ نومًا 
رغبةً في أنْ أصفِّي ذكرياتي 
أنْ أقسمَها على سنواتِ عمرٍ ناشفٍ 
أو مورقٍ أو غارقٍ في عطرِ أخيلةٍ مزيفةٍ تريحُ 
لمدةٍ وتعودُ تؤلمُ حين يدهمنا المنامُخ
 وفي الصباحِ حبيبتي أجدُ المكانَ مناسبًا أيضًا
 لأرجعَ عاشقًا عيناكِ لي هذا الهروبُ
 وفي شفاهكِ بسمةُ النوارِ في وجهِ الضحى
 وأنا البريءُ على جدارِ الوهمِ روحي غربةٌ مفتوحةٌ
 هل تذكرين معي الطريقَ أمِ الطريقُ تغيرتْ فيها الخطى 
قلبي وقلبكِ غابتانِ على هواءِ الإستواءِ
 مليئتانِ بما نحبُّ وما يقوِّي القلبَ من ثمرٍ
 وماءٍ من مصبِّ النهرِ من ذاكَ السكونِ المعتمِ
 المخبوءِ في رحمِ الطقوسِ وما نحاولُ أنْ يكونَ لنا
 طريقًا للرجوعِ إلى البدايةِ لا نهايةَ للحياةِ حبيبتي
 سنكونُ يومًا ما معًا سأمرُّ من شفتيكِ همسًا
 مثلما قُبَلٌ تحاولُ أن تلامسَ خفةَ الروحِ
 التي تحي الشعورَ متى سنعرفُ أن تحتَ
 بيوتِنا دنيا ودنيا عالَمًا من غير شكوى أو جدارٍ
 مصمَتٍ هذا الوجودُ لنا إسارٌ محكَمٌ
 وأدٌ بطيءٌ والفرارُ من المتاهةِ ممكنٌ جدَّا
 ولكنْ أين بابُ العالمِ السفليِّ أينَ محطةُ 
السفرِ الطويلِ وأين نحنُ ومن سيأخذنا
 إلى الجهةِ الأخيرةِ لا جوابَ فقط سؤالٌ واحدٌ
 ومدينةٌ عمياءُ راحلةٌ كأولِ رحلةٍ ستكونُ للمريخِ 
نهربُ من مكانٍ واضحٍ لحقيقةٍ مجهولةٍ 
لا تنتهي آلامُنا في الأرضِ يومًا 
والتفاني في الإجابةِ مرهقٌ 
وأنا أحبكِ تاركًا هذا العتابَ مع الحياةِ
 فقط أريدُكِ بين قلبي والمسافةِ نُكملُ السرَّ الذي
 بدأَ العلاقةَ بيننا لو كان في مقدورِنا فهمُ
 الحقيقةِ والحياةِ لما استطعنا العيشَ يومًا كاملًا
 والأرضُ تبقى ما تراهُ وما أرى.
الأربعاء ١٦/١/٢٠١٨                
*The Cask of Amontillado

جدلية الجمال ومسك الغزالة


جدليةُ الجمالِ ومسكُ الغزالة
شعر: علاء نعيم الغول 

بدأَ الجمالُ وما انتهى
 بدأ الجمالُ وكان وجهُ الأرضِ يشبهُ
 وردةً لم تنتبهْ للصيفِ
 واتسعت معاني اللونِ واتسعَ الهواءُ
 وصارَ بحرًا من شواطىءَ للنوارسِ
 والبياضِ وأغنياتِ الرملِ واتسعَ الجمالُ
 وصارَ أنثى من شفاهِ اللوزِ
 رائحةِ الأناريزِ الغنيةِ واصفرارِ الزعفرانِ
 ولذةِ الليتشي وأدعيةِ العصافيرِ
 التي مرت من الغاباتِ
 في البلقانِ جنياتُ هذا الماءِ ترقصُ
 بعدَ نصف الليلِ حتى الفجرِ
 يذوى من يمر بها هيامًا ينتهي مَيْتًا
 وأسألُ كيف للحُسْنِ التباهي بانتزاعِ
 الروحِ من بين التراقي إنهُ ألمُ الجمالِ
 يصيبُ من رقَّتْ حواشيهِ اشتهاءً
 والجمالُ حكايةٌ ليستّ تُصَدَّقُ 
مَن هناك لِ(مامي واتا) حيثُ تجعلُ شَعْرَها
 عبثًا سماويَّ البدايةِ والملامحِ في مراياها
 اعترافُ الوامقينَ بأنَّ سِحْرًا ما يُغَيِّبُ مفرداتِ العَقْلِ
 ما كان الجمالُ وسيلةً للموتِ بل سببًا لتنقيةِ
 الوجودِ من التأففِ والرتابةِ
 والجمالُ حبيبتي
 مَنْ في ملامحها اقترانُ الروحِ بالجدوى
 وخيرٍ دائمٍ وهي البعيدةُ رغمَ أنَّ الصوتَ
 منها ذابَ في جسدي وأنبتَ وردةً في النفسِ
 عابقةً وعندي الحُسْنُ يبدأُ من فمٍ ورقَ الزهورِ
 تخالُهُ والأرضُ صندوقٌ من الأبانوسِ
 خابيةُ النبيذِ وجنةٌ لمست كعوبُ الكاعباتِ
 ترابَها فروى الفضيضُ سهولَها
 وأتى الهواءُ بنفسهِ كفراشةٍ حمراءَ فوقَ
 النرجساتِ وما الجمالُ سوى اغترابٍ
 بينَ نفسٍ آمنت بالحبِّ وامتلأتْ بهِ وتمنياتٍ
 لا تَمَلُّ من التعلقِ بالمزيدِ من التمردِ واعتناقِ
 المعجزاتِ وبين لحظاتِ العناقِ و وشوشاتِ
 البوحِ تنداحُ التفاصيلُ الخفيةُ في العيونِ 
وفي ابتساماتِ الوفاقِ وفي الخرافاتِ البعيدةِ
 أوقدَ العشاقُ شمعاتِ اللقاءِ على رؤوسِ
 الريحِ أو فوق الذرى لا يعلمُ العشاقُ من ذاك
 الجمالِ سوى التغني بالشفاهِ الناعماتِ
 وحرقةٍ في القلبِ تسبقُ قبلةًّ موتورةً
 ما كان من عشتارَ كانَ من الحمامةِ من إنانا
 كان من فينوسْ ورباتِ الجمالِ
 وليس في الدنيا سوى الدنيا
 وأبحثُ كيفَ تنسابُ العطورُ تراودُ التفكيرَ
 تمسكهُ وتنزعُ منطقَ الأشياءِ منهُ فننتهي
 في نشوةٍ من سحْرِ أنثى آثرَتْ ألا تبوحَ بما أتاها
 في المنامِ بأننا صرعى الجمالِ على ضفافِ
 النورِ والعشبِ الذي ابتكرَ البحيرةَ والندى
 وأنا أنا والباقياتُ المنعشاتُ من الحياةِ أصيبُها
 أَنّى نظرتُ إلى السماءِ بغيمِها ونجومها
 وقرأتُ في كتبِ الذين تآلفتْ أرواحهم عبرَ
 المسافاتِ البعيدةِ والغرابةُ في الجمالِ وقصتي
 معها انهيارٌ للذي قالوه عن أنَّ المسافةَ
 والفراقَ يقوِّضانِ الحبَّ
 أجملُ ما لديَّ الآنَ في نفسي التحوُّلُ حين أسمعُ
 صوتَها وأعودُ للدنيا البعيدةِ خلفَ هذا الوقتِ
 هذا الحاجزِ المأفونِ أحيا حيث كانت أغنياتُ
 القلبِ واحدةً وما زالت
 وفي قلبي تقاطرتِ الرؤى والمعجزاتُ بحبها
 عدلًا وأمنيةً لنا
 ولأنَّ رائحةَ الجمالِ علاقةٌ بين الهدوءِ ومغرياتِ
 المسكِ سوفَ أنامُ في عينيكِ أنسى ما فعلتُ
 وما فعلنا في المدينةِ والفراشةُ ذكرياتُ الماءِ يومٌ
 صائفٌ في زنبقاتِ الفجرِ صوتُ السَّروِ
 في أحلامِ دوريِّ صغيرٍ واعترفنا بالجمالِ معًا
 طريقًا بين بيْتَيْنا طويلًا كالكلامِ عن اقتباساتٍ
 مدونةٍ على ورقِ الحكايةِ كان بيتُكِ غارقًا 
في الظلِّ منكفئًا على جمَّيْزةٍ تدعو إليها الليلَ
 تسبقهُ إلى غرفِ المساءِ وبيتُنا كانَ الحياةَ على
 مراحلَ أولَ الأشواقِ والتفكيرِ في تلوينِ قلبي
 بالصَّقَصْلي والبنفسجِ والتقيتُكِ فيه واخترنا معًا
 أنْ نتركَ الخطواتِ تكبرُ كي ترتبَنا ليومٍ في الغيابِ
 حبيبتي هذا الجمالُ بهاءُ ربٍّ أوجدَ الأرواحَ
 أطلقها كما الريشُ السماويُّ المبعثرُ فالتقينا
 في هواءٍ مؤمنٍ بالزعفرانِ ودقةِ القلبِ التي لم تنتبهْ
 للحبِّ فانقسمت إلى خوخٍ وزهرِ البيلسانةِ 
وانهمَرْتُ على الحروفِ كما ترينَ معلقًا بين المعاني
 والحقيقةِ والجمالُ قصائدُ الوَجْدِ الثريةُ بالحُبَابِ
 ودالياتٍ هزها عدْلُ المذاقاتِ الغريبةِ في جنونِ
 النيلِ من أنفاسِنا وقتَ العناقِ على وسائدَ
 من طيوفٍ غامرتْ وأتتْ تباعًا من شقوقِ البردِ
 في كانونَ يا أيامَنا الأولى تعالَيْ مرةً أخرى
 لنلحقَ بالعصافيرِ التي تركتْ لنا سقفَ المدينةِ فارغًا
 لنحبَّ أفضلَ إنَّ في العقلِ الجمالَ ولا يعي صورَ
 المواسمِ مَنْ ينامُ ولا يرى كيف الشروقُ
 يغيرُ الأوصافَ في الأشياءِ 
والأيامُ سلسلةٌ تطولُ من الفراشاتِ التي انتبهتْ
 لألوانِ العيونِ الرانياتِ إلى هجينِ الشاي
 والفوشيا خزامى الماءِ والفلِّ الرقيقِ
 وللقرنفلِ فكرةٌ ممتدةٌ في الحبِّ أعرفُها
 وأحفظُ كيفَ صادَقتُ المعاني
 ما عدلتُ عن الهوى وبقيتُ أرتشفُ الجمالَ من الجمالِ
 وأستمدُّ مدادَ أشعاري من الدمعِ الذي يشكو
 الغيابَ وأهلَهُ والزرقةُ امتدتْ وصارتْ فكرةً أخرى
 وبثَّ اللهُ في هذا النسيجِ ضياءَهُ العطريَّ
 أثثهُ ليصبحَ فكرةً أيضًا ونحنُ ندورُ في فلكٍ من الأفكارِ
 نعجنها بماءِ الوردِ بالوهجِ المُصَفَّى من شجونِ
 الأرجوانِ ومن ضميرٍ حائرٍ بين اتباعِ المعجزاتِ
 وخلْقِ غاياتٍ تراعي شوقَهُ ليعودَ نورًا
 أيها الطينُ الجميلُ كم احترقتَ لكي تشكِّلَ ساقَ
 أنثى ما الذي فيكَ استبدَّ بنا العشيةَ
 ثمَّ صرنا عاشقين بدونِ شكٍّ
 والجمالُ حكايةُ النارِ المليئةُ بالفضولِ ونزعةٍ 
للإشتهاءِ مع امتلاءِ النفسِ بالولعِ الطريِّ
 معًا سنبقى لا هروبَ ولا اغترابَ
 وإنهُ عدلُ الطبيعةِ في الرضوخِ لنا وتلبيةِ احتياجِ
 القلبِ فاقتسمي معي صِدْقَ الفراشةِ واسأليني
 عن جذورِ الحبِّ كيف نمتْ من العطرِ الغريبِ
 وطينةٍ من ألفِ نرجسةٍ وسوسنةٍ وإني مقنعٌ قلبي
 بجدوى الحبِّ يدفعني الجمالُ لأقتفي أثرَ
 المرايا في ليالي العشقِ في همسِ العذارى
 الحالماتِ وحمرةِ الخدِّ الطليقةِ قي الأثيرِ الحرِّ
 والأنثى جمالٌ والجمالُ فضيلةٌ مكسوةٌ بالسعي
 خلفَ السرِّ شيءٌ ما يُرينا عكسَ ما في الأمرِ
 مَنْ يدري فقدْ تتكشفُ الأشياءُ عن وهمٍ أضعنا
 فيهِ ما عشنا له لا حبَّ يشبهُ وردةً بريةً عبثَ الندى
 بشفاهها فاستمطرتُهُ فصار لونُ الحبِّ أشبهَ 
بالأرائكِ وهي عاريةٌ وصارَ القلبُّ ثلجًا ذائبًا
 وحبيبتي من زهرةٍ والبحرُ تفسيرُ القيامةِ والرجوعِ
 إلى البدايةِ والحقيقةِ ليس لي من حاجةٍ في الموتِ
 ينقذنا الجمالُ من الفناءِ ولا يموتُ الله واللهُ الجمالُ 
وهكذا سنظلُّ ما ظلَّ الجمالُ لنا طريقًا للحياةِ
 حبيبتي سمراءُ أو بيضاءُ أو حنطيةٌ
 أو ما تراهُ الشمسُ من جلدٍ تناغمَ مع نقاءِ الروحِ
 يا قلبي الصغيرَ متى ستحملنا الطيورُ
 متى ستأخذنا الشواطىءُ
 كم متى سأقولُ
 يتعبني السؤالُ ولا أرى بدَّا من التسليمِ
 بالمقسومِ لي وأنا أعيدُ توقعاتي من جديدٍ
 أستعدُّ لفكرةٍ مشدودةٍ بين اشتياقي واشتياقي
 بين رائحةِ الفراشةِ والسريرِ
 وللجمالِ الآنَ وجهٌ بارقٌ كالشُّهبِ
 ممتلىءٌ كقشرِ البرتقالةِ
 عادلٌ في أنهُ يمشي بلا صوتٍ
 هنيئًا أيها الناجونَ من هذا العذابِ بما لديكم
 من جمالٍ والحياةُ من البدايةِ صورةٌ تطفو على
 وجهِ الجمالِ وما لدي الآنَ ليس سوى الذي
 بدأتْ به هذي الحياةُ كفكرةٍ لا تنتهي.
الأحد ١٣/١/٢٠١٩                                  

إنزلاقات مرورية

انزلاقات مرورية شعر: علاء نعيم الغول أحميكَ أم أحمي دقائقَ في ضلوعي تحترقْ أنفاسُنا ليست هواءً بل دخانَ الوقتِ مشتعلًا كما فعلت رسائلُنا ...