الثلاثاء، 12 مارس 2019

جدلية الفراشة والصباح


جدليةُ الفراشةِ والصباح
شعر: علاء نعيم الغول 

ما أمتعَ الدنيا وأشهى التوت
 هل تبدو الحياةُ لكَ الذي يبدو أمامي الآنَ
 هل عيناكِ أسئلةٌ وهل قلبي الإجابةُ
 كنتِ لي والآن أنتِ فراشتي والسيرُ
 في الطرقِ التي لم تختلفْ عنا
 كما أنَّ انغماسي في عبيركِ جاءَ في سِفْرِ
 التواجدِ والوجودِ إشارةً للبعثِ منكِ وفيكِ
 منجاتي شفاهكِ قالَ لي ليلي وأكَّدتِ الحمائمُ
 أنكِ استبدادُ فَرْعِكِ بي نشيدًا باسقًا
 رمانتينِ على البياضِ
 عَلَيَّ أخصفُ من جنانكِ وردها علِّي أواري
 شوقيَ المكشوفَ أسترُهُ لأمنعَ نيَّتي
 مِنْ أَنْ تبينَ تباينتْ غاياتُنا يا كستناءُ
 تجنبي العينين منها خائفٌ من لونِكِ الغيبيِّ
 أَنْ يغتالَني في النومِ
 صحوي صوتُكِ العاري شهيُّ ما أثارَ الكامنَ
 الموصودَ والمجهولَ في نفسي الجسورةِ
 قَدِّمي لغدٍ أعيدي ثورةً خمدتْ
 مكانُكِ فوقَ عرشٍ فاعتليهِ ترنُُحًا وخذي الغمامةَ
 من خواصِرِها الضعيفةِ أمطريها فوقَنا غيَّاثةً
 بللًا يُغيِّبُ ملحَنا فينا فلا عرَقٌ ليجهدَنا
 ولا حرٌّ يفاجئُنا
 نداؤكِ نَزَّ من صدغِ الوسادةِ
 نزفَ درَّاقٍ على شفتيْكِ يربكُنا معًا
 سمعًا وطاعًا يا هوى يا سارقَ اللبلابِ
 عن سورِ الأماني يا ظلالَ الإستكانةِ
 والضميرِ المرتخي عطشًا بريئًا راسخًا 
بين اشتياقي والظنونِ تحسَّسي قلبي الصغيرَ 
تطيبُ لي لمساتُكِ الأخرى وتغريني
 التواءاتُ التصابي والدلالِ تمنَّعي شيئًا
 دعي جفنيكِ يمتصانِ أمزجةَ النعاسِ 
كما أراكِ الآنَ
 لونٌ قرمزيُّ باردٌ سيعيدُ وجهَكِ من جموحِ
 الرغبةِ الملساءِ يفضحُ نيتي أيضًا ويلهمني
 اعترافًا باتَ متفقًا معي أنَّ العيونَ مهالكُ
 العشاقِ تسبيني وتقذفُ بي قريبًا
 من جنونِ الإنعتاقِ بدونِ رأيِّ يفشلُ المُتَعَ
 النقيةَ بيننا ما ظنكم في طائرينِ تجاوزا
 نهرَ الغوايةِ بالغوايةِ أوقفا صوتَ التباكي
 بالغناءِ وصادَقا ألمَ المسافةِ بالتوحدِ في أتونِ
 الهمسِ عِشْقًا مائلًا لتوقعاتٍ غير زائفةٍ 
صباحُكِ أغلقَ الفوضى متى شئنا نغازلُ
 نورساتِ الدفءِ في جوِّ خريفيِّ العناقِ تصاعدتْ
 أنفاسُكِ ارتفعتْ مُناكِ وصَحَّ في قلبي انهمارُكِ
 لافتاتٍ من تسابيحِ الهدايةِ والرجوعِ
 تراجعتْ فيَّ المخاوفُ يا فراشتيَ المضيئةَ
 ما فعلنا في الصباحِ أعادَنا من غربةٍ حملتْ ضفافَ
 الريحِ من خلفِ الضياعِ وضاعَ فينا اليأسُ
 حُرِّرْنا من التفكيرِ في أعمارنا والفرقِ بين الوردِ
 والنعناعِ وردُكِ في ضفائركِ احتراقُ شرائعي
 تغييرُ ذائقتي بطعمِكِ
 نكهةُ الماضي أصابتْ مهجتي باللومِ
 نومي مُغْرِقٌ سمْعي رهيفٌ فاهمسي حتى 
أفيقَ لكِ اللطائفُ من صياغاتِ المعاني المبهراتِ
 وفيكِ تفسيرُ الصدى صدقَتْ عيونٌ أبصَرَتْكِ
 وفازَ قلبي بارتشافكِ سائلًا عن مغرياتِكِ في ليالي
 البردِ نورٌ ما هنالكَ سابحٌ فيه الخيالُ
 مسافرٌ معهُ المدى فيه الدروبُ عفَتْ وصارتْ
 قاطراتٍ للرحيلِ وللإيابِ وما النخيلُ سوى ارتفاعِ
 الروحِ فوقَ الوهمِ فيكِ حقيقتي شاءَ الهواءُ
 أمِ اختفتْ منهُ الوداعةُ
 ما لقلبي لا يراعي ما أقاسي
 إنه الأرقُ الشقيُّ على الجفونِ المنهكَاتِ
 من الترقبِ قلَّ ماءُ الريقِ جفتْ من ينابيعِ الطيورِ
 مسافةٌ خضراءُ يانعةٌ كأوراقِ الرياحينِ 
اغتربتُ ملائمًا لتطلعاتي ناسيا ما في المدينةِ
 من مكانٍ لا يناسبُنا
 قريبًا يكبرُ الفردوسُ يفرشُ ريشهُ
 بين السماءِ وزهوها فاضت فراديسُ السماءِ
 بشمسها والنورُ في عينيكِ أبهى جامعًا
 ما سالَ من أرقِ النجومِ على النوافذِ
 فامنحيني ما تبقى من ربيعِ البيلسانةِ
 واحمرارِ الجرحِ من أسماءِ رائحةِ النسيمِ
 تمرُّ من روحي الحياةُ إليكِ أسمعُ أنكِ الآنَ 
انصهارُ الأقحوانةِ في انسيابِ المفرداتِ
 علاقتي محدودةٌ بتقلباتِ الطقسِ أهربُ 
من صقيعِ الإبتزازِ ورغوةِ الأحلامِ قبلَ الليلِ
 أو بعدَ العناقِ استوقَفَتْني الغادياتُ
 وما الرواحُ بطيِّبٍ 
ما قلتُ عنكِ سوى الذي دونتُهُ حَفْرًا 
على حجرِ المعابدِ ما الرحيلُ بنافعٍ
 وملأتُ أوراقي بمدحِكِ مطلِقًا فيكِ التمادي
 في النسيبِ يموتُ أسرعَ من يفارقُ أولًا
 كتبتْ يدايَ متونَ حسنِكِ
 شهوةُ النومِ المبكرِ لا تعينُ على التناسي
 كلُّ من رحلوا تساوتْ عندهم خطواتُهم
 وتفرقوا حتى أذابهمُ المكانُ
 هنا المدينةُ لا مكانَ سوى الذي أشهدتُهُ
 أني أحبكِ والحصى لمسَ الخطى
 والرملُ ذاكرةُ النموِّ كما البراعمُ فوقَ 
أغصانِ البدايةِ إنكِ الأوقاتُ أنزفُها بريئًا
 لا تغيرُنا التفاصيلُ السريعةُ في الحياةِ
 وما الحياةُ تصيبُنا باليأسِ مَنْ ماتوا لهم نصفُ
 الخياراتِ الأخيرةِ لستُ أعرفُها ولكنْ كلها
 محفوظةٌ في زهرةٍ أو في خوافي الطيرِ
 تنقذُنا براءتُنا ويلهينا الصباحُ عن الحياةِ
 نهيمُ في أناتِنا حبَّا ونجوى تاركينَ لغيرِنا
 وجعَ التعاطي مع حياةٍ أنكرتْ فينا الهدوءَ الحرَّ
 في عينيكِ ترتيبُ الشذا حبَقًا وفُلَّا
 ما رأيتُ النرجسَ الوسنانَ أجملَ من شفاهٍ
 باسماتٍ عابقاتٍ بالتوددِ والتفاني في اللقاءِ
 على رنينِ الفجرِ
 بحرٌ واحدٌ يكفي
 وبيتٌ تحتَ ظلِّ الخروعاتِ يناسبُ الحلمَ
 الذي قطعَ الطريقَ على الرتابةِ في مدينتنا
 الصغيرةِ شارعٌ من شارعٍ هيا نلاحقُ مرفأً 
أو قارَبًا لا بدَّ من شيءٍ نلاحقهُ هروبًا أو نجاةً 
لا يهمُّ لديكِ قلبي فازرعي فيهِ القرنفلَ
 شتلةً صيفيةً وضعي يديكِ على يديَّ وجرِّبي 
قلبي قليلًا وهو يخفقُ
 عادتي في الحبِّ أني أستطيعُ النومَ أكثرَ
 والتحلِّي بالمثولِ أمامَ مرآتي طويلًا
 أحتسي شيئًا قليلًا من نبيذِ الليلِ
 هذا والكلامُ يقلُّ أيضًا أكتفي بمراوغاتِ الهمسِ
 أعتصرُ الملامحَ وهي تنذرُ باقترابٍ بيننا
 لمعتْ بأنوارِ السما عيناكِ راوغتِ الشموعُ
 ستائري فتزينتْ أطرافُها
 معنى الحياةِ يضيعُ في تفسيرِها
 في جعلِها كتُبًا نقلبُها وننسى أننا نعطي
 الحياةَ وجودَها لا سرَّ يخفى هكذا قالَ البنفسجُ
 حاملًا ظلي وسلاتِ الصبايا الصاخباتِ
 ولي أنا في قلبكِ العاري صباحٌ واسعٌ
 ومدينةٌ أخرى بلا بابٍ ونافذةٍ
 أراني عارفًا بذنوبِنا والخيرِ في نياتِنا
 لا بأسَ في تعطيلِ أبواقِ الضميرِ متى تعالتْ
 بالضجيجِ هدوءُ روحكِ صادقٌ حتى إذا فتحَ
 المكانُ صباحَهُ جاءتْ فراشاتُ الحقولِ بلونها
 الرعويِّ تعطينا الشعورَ بأنَّ في الكونِ اتصالًا ما 
بعيدًا عن ظنون البائسين تقرَّبي من حبةِ الرمانِ وانتبهي
 لطعمِ الحبِّ وهي تذوبُ في كأسِ المنى وشفاهِنا
 يا زهرةَ الرمانِ يا تفاحتي الخضراءَ
 ما بيني وبينكِ ضاربٌ في الروحِ
 مختلفٌ كباقي الرملِ في تشرين تذروهُ الرياحُ
 على الطريقِ وليس ينسيني الشتاءُ تحيتي للبحرِ
 ذاكَ الغاضبِ المحزونِ يعرفُ ما نقولُ
 وما سنفعلُ لي هناكَ حكايةٌ ونهايةٌ وأنا الذي
 كتبَ المواعيدَ الجميلةَ فوقَ صخرٍ مالحٍ ونسيتُ
 أسمائي هناك حبيبتي جودي كما جاد النسيمُ
 بعطرهِ واستبدلي كلَّ النجومِ بشمعتينِ
 وقربي شفتيكِ مني هل سيبقى الصبحُ مسكونًا
 بنا فرحي طويلٌ في رضاكِ ومترَفٌ قلبي بقلبكِ
 ما تبقى بيننا هذا الصباحُ وما بهِ من مغرياتٍ
 لا تضلُّ ولا تغيرُ ما بنا هذا الصباحُ حكايتي
 والوردُ قصتُكِ التي لا تنتهي،
الجمعة ١/٢/٢٠١٩                                     





ليست هناك تعليقات:

إنزلاقات مرورية

انزلاقات مرورية شعر: علاء نعيم الغول أحميكَ أم أحمي دقائقَ في ضلوعي تحترقْ أنفاسُنا ليست هواءً بل دخانَ الوقتِ مشتعلًا كما فعلت رسائلُنا ...