الثلاثاء، 12 مارس 2019

جدلية السعي وراء الهزيمة


جدليةُ السعي وراء الهزيمة
شعر: علاء نعيم الغول 

ماذا أعيدُ من الحكاياتِ التي قلَّبْتُ 
في صفحاتِ هذا العُمْرِ في كتبِ القدامى
 البائدينَ وفي مخيلتي الجريئةِ
 هل سنبقى هكذا غرباءَ في وطنِ الخساراتِ
 الكبيرةِ نقتفي أثرَ الهزيمةِ مؤمنينَ بأننا
 سعداءُ في هذا التغنِّي بالذي قد راحَ
 ما من مرةٍ قُلْنا لصِبْيَتِنا هُزِمْنا في معاركِنا
 ويبدو قد خسرنا الحربَ أيضًا
 ما تبقى من ثباتٍ لن يعيدَ حدودَنا والودَّ 
لن يأتي بأسماءِ الضحايا البائسينَ
 ونحنُ ما زلنا نفتشُ في الركامِ عن البطولةِ 
إننا جبناءُ نخشى الإعترافَ
 منافقونَ نساومُ الموتى على بيتِ العزاءِ
 جريحةٌ هذي المآقي في ملامحنا انكسارٌ
 بارزٌ كالعظمِ في الوجهِ النحيلِ
 يذيقُنا أمراءُ هذي الحربِ ماءً مالحًا
 ومياهُهم وِرْدٌ زلالٌ
 ليس ينفعُنا السكوتُ على الهزيمةِ
 فلْنَفُقْ من نومِنا لنثورَ نُحدِثَ فجوةً في السدِّ 
ننفذَ من جدارِ الخوفِ نهدمَ معبدَ الربِّ المزيفِ
 ولنُمَزِّقْ ما أرادوا من صحائفَ لوَّثَتْ أرواحَنا
 بالوهمِ أذْكَتْ فتنةً علِقَتْ بها فِتَنٌ بحجمِ قلوبِنا
 السوداءِ والغرفِ التي امتلأتْ بقوتِ المعوزينَ
 ولن يتوبَ السارقونَ عن الولوغِ مجدَّدًا
 في مائِنا ودماءِ من سقطوا قريبًا من سياجِ الوهمِ
 أرضي قصةٌ سوداءُ حاضنةُ المتاهاتِ 
الطليقةِ والأكيدةِ في دموعِ الساهراتِ على
 المصاطبِ واللواتي قد فقدنَ صغارَهُنُّ
 أمامَ متراسِ الخليفةِ
 لا يجيبُ عن السؤالِ التائهونَ
 خلاصُ غزةَ باتَ يشبهُ لو عرفتَ خلاصَ
 أندروميدا الجميلةِ من نيوبِ الوحشِ
 ثم تعالَ بيرسيوسْ من وراءِ الغيمِ 
أخرجْ رأسَ مِديوسا وعجِّلْ كي يراهُ
 العابثونَ ويصبحوا صفوانَ شارعِنا المُعَبَّدِ 
من جماجمهمْ ألا والخزيُ كلّ الخزي للفوضى
 وتجارِ الطرودِ وقصتي بيضاءُ مزهرةٌ كما طرقُ
 الإلهِ بريئةٌ كالجرحِ قبلَ جفافهِ بالكيِّ والتجويعِ
 يندرُ أنْ تراني في شوارِعنا المليئةِ باللهاثِ
 وحسرةِ الماشينَ أصبحتِ المدينةُ غابةً مفتوحةً
 للشمسِ والإسمنتِ أينَ ظلالُ أشجارِ الطريقِ
 من الشمالِ إلى الجنوبِ أحِنُّ للكينيا
 القديمةِ يومَ كنا نستطيعُ الحبَّ نقرأُ
 في شفاهِ البيلسانةِ ما يريدُ الصيفُ
 من لونِ الطيورِ ومن نوافذِنا
 ألا إني أموتُ الآنَ أبصرُ مرقدي وقيامتي
 والنائحاتِ على الطريقِ وفي زهورِ الموتِ 
أسماءُ الشهورِ و وشوشاتُ الليلِ
 غائمةٌ عيونُ الفجرِ فائضةٌ بأوراقِ الرمادِ
 وتشبهُ البركَ العميقةَ بين أحراشِ التغربِ
 والتشردِ لستُ وحدي كلنا شركاءُ في هذا الخرابِ
 وبؤسِنا وأنا أطيرُ الآنَ أصعدُ في البياضِ
 وزهوِ هذي اللحظةِ الملساءِ كالخدِّ الأسيلِ
 أرى الزمانَ على حقيقتهِ البسيطةِ
 أبصرُ البحرَ الصغيرَ كنقطةِ الحبرِ
 التي تذكي اليراعةَ بالهجاءِ وشهوةِ الشوقِ
 الفتيَّةِ إنني قاموسُ هذي الأرضِ مفردةٌ
 تزيدُ إرادةً ودِلالةً وأنا سطورُ قصيدةٍ مغمورةٍ
 بالدمعِ والعطرِ المباحِ ضعيفةٌ أحلامُنا وشهيةٌ 
كلُّ الصباحاتِ الجميلةِ بيننا 
يا نورَ قلبٍ طافحٍ بالإحتراقِ وشعلةٍ مغمورةٍ
 ببهائها الليليِّ يا عدلَ البنفسجِ أنتِ صيفي
 والأغاني رحلتي بين الضفافِ وفي المراعي
 إنني متفائلٌ ويدايَ واسعتانِ تحتاجانِ
 دفءَ الماءِ والكافورِ يا عدلَ الفراغِ المنتشي
 بالكهرمانِ ولولبياتِ الغيومِ وأنتِ لي ما أنتِ
 لي حلمُ الأماني العالياتِ حبيبتي كيف المساءُ
 وأنتِ تزدانينَ باللوزِ الطريِّ ورعشةِ النارينجِ
 في تشرينَ غزةُ بيننا هذا المكانُ مباشرٌ كالريحِ
 منتظمٌ كدقاتِ القلوبِ المستكينةِ إنَّ صوتَكِ 
جرةُ العسلِ التي في السقفِ أكسرها بشدوِ 
البلبلِ الغادي ولي في صوتِكِ الفرحُ
 الغريبُ ولذةُ التفكيرِ في أشياءَ غائبةٍ وإنكِ عدْلُ
 هذا الإنتظارِ بما بهِ من مغرياتٍ لا تقلُّ تساؤلًا
 عما يدورُ الآن في خلدي صباحُكِ نادرٌ 
كالماسِ لؤلؤةٌ مغلفةٌ بسحرِ البحرِ يامطرَ 
الحكايةِ والحكايةِ إنني رهنُ اعترافكِ بي بأني
 نادرٌ أيضًا أحبكِ فاتحًا نصفَ الصناديقِ 
الثقيلةِ بالبخورِ وبعض أسفارِ الخرافةِ والتعاويذِ
 المصونةِ في تجاويفِ الشموعِ الراسياتِ
 على ضفافِ الشوقِ والليلِ المرصعِ بالشفاهِ
 الموصَداتِ أمامَ مرآةِ الحنينِ وبين غزةَ 
والموانىءِ ساعةٌ خشبيةٌ موتٌ من الملحِ المُذابِ 
وقصةٌ مكتوبةٌ بمراسلاتٍ غير واضحةٍ وثائقَ 
للعبورِ وزينةٍ مكسورةٍ بالإنكسارِ ورغوةِ
 الماضي وحاضرِنا المزيفِ مَنْ يهاجرُ لا يعودُ
 ومَنْ يعودُ يكونُ قد فقدَ الكثيرَ حبيبتي
 هل تذكرينَ متى التقينا هل لديكِ الآنَ أوراقٌ
 مسطَّرةٌ لنكتبَ كيفَ حاربْنا المسافةَ وانتصرنا
 لا أريدُ البحثَ عن ذاتي فقد أودعتُها في شرنقاتِ
 الريحِ في شِلْحٍ لزنبقةٍ بلونِ الليلِ في ريشِ 
الزرازيرِ السريعةِ في هدوءِ القطةِ البيضاءِ نائمةً
 على جنبِ السريرِ وحين يستعرُ الرصاصُ
 على الحدودِ تزيدُ رائحةُ الدخانِ ويكثرُ 
الجوعى وتتضحُ الخيانةُ في عيونِ المترَفينَ
 ومن يساومُ كي يتاحَ له التنقلُ بين عاصمةٍ
 وأخرى إنها ساعاتُ حسمٍ فابتهجْ يا قلبُ 
أنتَ الواضحُ المعفيُّ من لومِ القبيلةِ أنتَ فضلتَ 
الفضيلةَ وامتنعتَ عن التغيرِ كي يُزادَ مُرتَّبٌ
 في البنكِ يا هذا التخاذلُ مَنْ سينسى المرجفينَ
 وبائعي أحلامِنا هذي البيوتُ تعوذُ بالباري
 من الباغي وفي عينيكِ جربتُ الهروبَ وفزتُ
 بالدنيا وفي عينيكِ آثارُ التعلقِ بالقرنفلِ
 واقترانُ النارِ بالنعناعِ والذوقِ النقيِّ
 من التكلفِ ما انتبهتُ لكلِّ هذا بل لشيءٍ عن
 مصيري لو كبرتُ وعشتُ حتى لم يعدْ ممَّنْ 
عرفتُ سواي إنَّا حين نكبرُ لا نميلُ إلى صداقاتٍ 
تَجِدُّ لكي نحنَّ إلى الرفاقِ الراحلينَ ونقبلَ الموتَ 
الأكيدَ بلهفةٍ للقائهمْ هذا الذي فكرتُ فيهِ وكيفَ 
تسحبُنا القناعاتُ الأخيرةُ للمساحاتِ التي فيها
 نميلُ إلى الوداعةِ والتنصلِ من حماقاتِ السنينِ
 البائداتِ حبيبتي هل تقبلينَ توقعاتي والهروبَ 
معي بعيدًا في منافي الوقتِ في عبثِ البخورِ 
وموجةٍ منهوكةٍ فوقَ الرمالِ أنا بياضُكِ واصفرارُ
 النرجساتِ أنا احمرارُكِ وابيضاضُ الأقحوانةِ
 بِتُّ أعرفُ ما يحبُّ القلبُ منكِ وما يدلُّ على
 طريقكِ مثلما دلتْ على الماءِ الطيورُ وحين كنتُ
 أُعيدُ ترتيبي احترقتُ بفكرةٍ وفتحتُ صندوقَ
 العجائبِ جنب رأسي كنتُ أقرأُ وقتَها عن صيغةٍ 
مقبولةٍ للحبِّ عن زمنِ التصالحِ بين ماتوا على حبِّ 
ومَن عاشوا على وهمٍ وتتهمُ الحياةُ الباردينَ
 ونصفَ مَنْ في الأرضِ غزةُ قصةٌ أخرى وجاريةٌ
 لسيدها الذي اغتلمَ العشيةَ مرتينِ ولا يوازنُ
 بين رغبتهِ وأطفالِ المدينةِ بين طعمِ الملحِ والخلِّ
 الذي طابت به قِدَرُ اللحومِ الطافحاتُ وخلفَ 
هذا الحيِّ حيُّ سادرٌ في جوعهِ متمتعٌ بالطارئينَ 
على الوليمةِ ساحبٌ أنفاسَهُ من زحمةِ الماشينَ 
في طرقاتهِ العمياءِ لم يبقَ الكثيرُ وتنجلي كلُّ 
الحقيقةِ نستعيدُ ثراءَنا والنورَ نكبرُ قادرينَ على 
الوفاءِ بما كتبنا في رسائلَ أثمرَتْ عشقًا
 و ودَّا والهواءُ حبيبتي نوعٌ ثقيلٌ يربكُ النومَ الخفيفَ
 وربما نوعٌ يغذي الروحَ بالآمالِ يتركها
 على جنبِ الطريقِ وفي الطريقِ إلى البحيرةِ
 أكشفُ الفرقَ الذي جعلَ المدينةَ غير آسفةٍ على 
أشلاءِ من سقطوا ومن عشقوا وفي قلبي منازلُ للقمرْ.
الأحد ٢٧/١/٢٠١٩                         




ليست هناك تعليقات:

إنزلاقات مرورية

انزلاقات مرورية شعر: علاء نعيم الغول أحميكَ أم أحمي دقائقَ في ضلوعي تحترقْ أنفاسُنا ليست هواءً بل دخانَ الوقتِ مشتعلًا كما فعلت رسائلُنا ...