جدليةُ التناقضِ والأنفسِ المرقعة
شعر: علاء نعيم الغول
زارَ الهوى حجرًا فأنبتَ تحتَهُ عُشْبًا نما
واستعذبتهُ الشمسُ لا شوقًا ولا أملًا
ولكن فرصةً لتكونَ نارٌ أوقِدَتْ من شوقِنا
والشوكِ شبَّتْ في حنينٍ بيننا قد حانَ وقتُ
الدفءِ غفرانًا لما قد فاتَ تزكيةً لسعي في
الفضيلةِ باركَتنا الغادياتُ وصارَ وجهُ
الأرضِ محرابًا وصرنا مثقلينَ بما فعلنا هكذا
لم ينكسرْ شيءٌ فقط في الحربِ لا تسألْ
كثيرًا ربما في العشقِ أيضًا فكرةُ الوطنِ القديمةُ
أصبحتْ قطعًا من الصابونِ في أيدي الذين
يرتبون لنا الولائمَ رغوةُ التفكيرِ تطفو فوق وجهي
نصفُ هذا الحبِّ لي غرقٌ ونصفُ النومِ
أجوبةٌ ورأسي كلُّ هذا الكونِ أحملهُ كما
كرةُ الجليدِ تذوبُ باردةً لهذا لا أحبُّ الصيفَ
أهربُ من عناقٍ ساخنٍ هم يستطيعون
الهروبَ وأنتَ تعجزُ عن دخولِ البيتِ من بابٍ
كبيرٍ هم علاقاتٌ مقطَّعةٌ وأنتَ مُحَارَبٌ منهم لأنكَ
صورةٌ بيضاءُ ليسوا الآن في هذا المكانِ
لأنهم أخذوا الأماكنَ كلها وتبادلوا حتى
طقوسَ النومِ دومًا هكذا يتدحرجون كأنهم
كرةٌ من القشِّ الخفيفِ وفائضون بخفةٍ مشفوعةٍ
بالضعفِ ليسوا من هنا ليسوا سوى اليأسِ الذي
التهمَ المكانَ ونالَ من لونِ الوجوهِ هم اشتعالُ
الشرِّ بين الأمسِ والآتي تفاصيلُ الخياناتِ التي
ابتكرتْ لنا أسماءَ نسمعها ونجهلها ويعترفون
أن شافههم ليست سوى بوقٍ لفوضى غير آمنةٍ
وسعيٍ خلف أمنيةٍ تكلفنا الحدودَ ونصفَ ماءِ
البحرِ يقتربون من أبوابنا ويراقبون خطى
الصغارِ ونسوةٍ يسألنَ عن بابِ المدينةِ في
المدينةِ والطريقُ إلى الهواءِ محوفةٌ بخرافةٍ مما يرددها
الجنودُ القادمون من الظلامِ وفي أياديهم بقايا
الموتِ ليسوا من هنا هم بائسون ولن يكونوا
مرةً منا ولا من زهرِ هذي
الأقحوانةِ إنهم غرباءُ يعترفون كم
هذا الفراغُ مدينةٌ وثنيةٌ أنا لا أجيدُ الرقصَ
عند البابِ أو حول النذورِ ولا أرى سحبَ البخورِ
كفيلةً بالكشفِ عن ذاتي
أنا المَرِحُ الخجولُ المُستهامُ حبيبتي
صمتُ الدموعِ معاتباتُ النفسِ أو قهرُ
الفراغِ وغربةٌ ما بين قلبٍ والدقائقِ والليالي
الراسباتُ على الجفونِ ثقيلةٌ
لا تخرجوا في الليلِ تختبىءُ الطيورُ تذوبُ في
أجسادِنا ظلّا طويلًا في النهارِ تطيرُ تاركةً
حجيراتِ الهواءِ تدقُ في جنباتِ هذي الروحِ بِتُّ أعيدها
لا نلتقي إذ نلتقي ها أنتَ تعرفني وتنسى أين
كنا يوم كنا لا يكونُ الحبُّ من أشياءَ ما كانتْ
تكوِّنُ لحظةً يزدادُ منها الشوقُ كانت مغرياتُ
الحبِّ تكفي كي نرتبَ بعضنا لغدٍ طويلٍ ثمَّ مَلَّ الوقتُ
من طولِ انتظاري ما انتظرتُ لكي أكونَ
العاشقَ المفتونَ وانتطرَ المكانُ وكنتُ أنظرُ كيفَ
تنكفىءُ الحكايةُ فوقَ أكوامِ الرسائلِ مثلما
انكفأتْ على الرملِ الوجوهُ وها أنا وحدي وراح
القائلونَ بأنهم صدقوا وما صدقتْ سوى سفنِ
الرحيلِ ولم يغادرْني الحنينُ وغادرتني الأغنياتُ
كفاكَ يا قلبُ اتباعًا للهوى لكَ أن تتوبَ وترعوي
أو تنتهي لا يلتقي الغرباءُ عن عمدٍ ونلهو دائمًا
جسدٌ من الماءِ ارتقى وغدا حدودًا بين ما يَسْبي
وما يُسْبَى تلاشى فيهِ منطقُ ما عرفتُ وما
سأعرفُ غابةٌ بيضاءُ أو شعرٌ طريٌّ وجهها أم
رجفةٌ في الغيمِ تكشفُ ما وراءَ البرقِ
ما عيناكِ إلا نبعتانِ علاهما عشبٌ وفوضى
الريحِ فاغتسلي وراءَ النورِ أو في حمأةِ الطينِ
العفيِّ وبرِّدي هذا القوامَ بغمسةٍ
في البحرِ أو ماشئتِ من ماءٍ يريدُكِ ربما
سيموتُ قلبُكِ لا لشيءٍ بل لأنكِ تفقدينَ شراهةَ
التفكيرِ تنحدرين أسرع من قطيراتِ الندى
عن ورْقةِ التينِ الصغيرةِ سوف تُلهمُكِ المرايا
فكرةً عوجاءَ عن معنى التقاءِ شفاهِنا علنًا وسرَّا
فاملئي كأسَ العصيرِ وبادري بالإرتشافِ أنا
أفضلُ صوتَكِ المهموسَ عن صوتِ ابتهالكِ جاءني
في النومِ أنكِ تحرثينَ الظلَّ تختلقينَ وردًا ليسَ
مدعواً إلى حفلِ العشاءِ لطالما أيقنتُ أنكِ غير
قادرةٍ على فهمي وفهمِكِ لن يكون الحبُّ حلا
صدقيني صارَ قلبُكِ مركبَ الورقِ المبللِ في يدِ الطفلِ
المدللِ فاسحبي عينيكِ من وجهي ونامي ساعتين
بلا غطاءٍ عند بابِ الأغنياتِ
أنا سأعرفُ أنني ما مرةً آمنتُ فيكِ أرى
أصابعها تلوحُ لي بشكلٍ يشبهُ الغصنَ
الخفيفَ وقد تأرجحَ كم أحاولُ فهمَ ما تعني
وأفشلُ وقتها وتظلُّ تدفعني بعينيها لأبدأَ من جديدٍ
في التخلصِ من ظنوني كم أصابعها تروقُ لناظريَّ
رقيقةٌ كالشمعِ هادئةٌ بدون مناوراتٍ هكذا
ونسيتُ أني مرةً أقسمتُ غلَّظتُ اليمينَ صلبتُ
نفسي فوق جذعِ الوقتِ لم أُضمرْ لنفسي رغبةً
في النومِ حتى أستعيدَ الضائعَ المفقودَ
فيَّ ولمتُ قلبي كيف علَّقني بخطَّافِ التمني
صرتُ كالبندولِ يدفعني التأرجحُ لارتكابِ خطيئةِ
التفكيرِ فيما قد أقومُ بهِ بنفسي غير معتمدٍ
على أحدٍ سوى نياتِ قلبي لستُ دومًا سيئا
أو خيِّرا فقط الخياراتُ القليلةُ تربكُ العقلَ
الجريء تهزُّ فيه الإحتياجَ لبقعةٍ فيها هدوءٌ
منقذٌ من وهمِ أنا نستطيعُ الحبَّ أو شيئا يشابههُ
ودوما في الحياةِ مقابلٌ لتصرفاتكَ لا سبيلَ
لكسبِ وقتٍ من نهارٍ فائضٍ بالإمتعاضٍ ونشوةٍ
ممسوحةٍ بالضعفِ قلبي بقعةُ الزيتِ التي غطت
خليجًا واسعًا وتسببت في موتِ نصفِ العشبِ
أعرف كم سيبقى الذنبُ لو طاوعتُ مرآتي وقد
عرَّيتُ نصفي باردٌ ليلُ المدينةِ مُسْكِرٌ هذا الفراغُ
وما عليَّ سوى التأرجحِ مرةً أخرى بقلبٍ صادقٍ
لم أنْسَ أني واحدٌ ممن لهمْ قلبٌ وحيدٌ
لم أكنْ متردداً في الحبِّ
أيقظني وكانَ الليلُ منغمساً برائحةٍ
من البارودِ والنعناعِ أذكرُ أننا لم نختلفْ
حولَ الطريقِ ولا المسافةِ
كان في عينيكِ أيامي القليلةُ
كنتُ في عينيكِ أسماءَ السماءِ ورقصةً
غجريةً فستانُكِ الورديُّ أصبحَ لي غناءً
مزقَتْهُ ظنونُكِ الأولى وقلبي أحرَقَتْهُ الأمنياتُ
وفي كازابلانكا البعيدةِ نقطةٌ في دفترِ الوجعِ
الصغيرِ أراكِ تغتسلينِ في عتَبِ المرايا
من شفاهكِ وهي تتلو من ترانيمِ انتظاري
وانتظرتُكِ دونما وقتٍ ولا حتى اختيارٍ للمكانِ
وكان قلبي أنتِ أذكرُ أنني اخترتُ الطريقَ بمفردي
وأنا المحطةُ والمحطةُ وِجْهَةٌ ومسافرٌ.
السبت ٢/٢/٢٠١٩
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق