السبت، 30 مايو 2020

الواجهة الرابعة: رماد




الواجهة الرابعة: رمادْ
شعر: علاء نعيم الغول 

بدأَ الرمادُ من الرمادِ وكانَ لونًا ما وحيدًا نَزَّ من جلدِ البدايةِ باهتًا وتوشَّحتْ برذاذهِ حتى النهايةُ ثمَّ صارَ مناسبًا للغيمِ في تشرينَ في فروِ الثعالبِ وانهيارِ الرملِ تحتَ الجمرِ في ماءِ البحيرةِ في الصباحِ وفي رواياتِ الجنونِ وعبهراتِ الليلِ حين تصيرُ ذاكرةُ الطيورِ  كما هواءُ المِدخناتِ  المعتمةْ⓪︎ إذْ أنتَ مولى النارِ مولى القلبِ كم من مرةٍ فرَّغتُ أحلامي بأنْ أهديتُها للبحرِ فاتسعتْ موانئهُ فقطْ للصمتِ عُدْتُ ألملمُ التاريخَ من قِطَعِ النقودِ ومن فراغِ الصوفِ في قصصِ الشتاءِ ومن نداءِ الطوبِ في سورِ المدافنِ والقبورِ كأنَّ ما في الأمسِ يصبحُ لونُهُ لونَ الجرائدِ والغبارِ وتفشلُ اللغةُ البديلةُ في استعادةِ أيِّ لونٍ كانَ يا لغةَ الرمادِ تناسلي ما شئتِ جفَّ الرحْمُ وانقضتِ العشيةَ شهوةُ التفكيرِ في تجديدِ معنى الحبِّ في زمنِ الحروبِ الفاشلةْ①︎لونٌ بلونٍ غربةٌ بين الترابِ وفضةٍ لمعتْ بها يَدُ شمعدانٍ فوقَ منضدةٍ ببيتٍ موحشٍ وتجمدتْ صورُ القدامى في البراويزِ الثقيلةِ لستُ أفهمُ كيف يحتملونَ هذا صامتينَ وعاجزينَ عن التأففِ باردينَ كمقبضِ البابِ المبلَّلِ أنتِ يا صُوَرَ الفناءِ تسلَّلي في الذكرياتِ ونافسي إِنْ شئتِ أشلاءَ الطيورِ على مخالبِ قطةٍ قفزتْ بعيدًا طاويةْ②︎شيءٌ على شيءٍ ركامٌ يزدري ألقَ المدينةِ وهي تكذبُ تحتَ أنوارِ البيوتِ المرهقةْ كم شاحبٌ سربُ الغرانيقِ الذي لم يأتلفْ ليصيرَ لي شَبَكًا أصيدُ بهِ الغيومَ أو النجومَ هنا المكانُ تهيأتْ فيهِ الحياةُ لكلِّ شيءٍ لا تفكرْ كيف صرْنا هكذا إذْ لا عليكَ سوى التكيفِ مع ترانيمِ الذينَ أصابهم وجعُ التمسكِ بالرحيلْ③︎هذي الوجوهُ تآكلتْ بين الحجارةِ والهواءِ تمزَّقتْ حتى الضفائرُ وانتهتْ في الريحِ لا يبقى سوى أثرِ الشتاتِ أو السكونِ ستنتفي كلُّ الصفاتِ ويعتلي عرشَ البقاءِ ضياعُنا ما نُنْهكُ الأجسادُ فيهِ يؤولُ للطَّلَلِ الذي سنخلِّفُهْ④︎ومنَ الرمادِ إلى الرمادِ تُعيدُنا العنقاءُ ترغمُنا على ألا نفيقَ فقطْ ندورُ وننتهي يا نارُ يا صحوَ الترابِ وشهوةَ الجوعِ الطليقةَ في عروقِ الوَعْيِ نخرجُ من بياتٍ عالقٍ بين البدايةِ والقيامةِ مدركين كم المسافةُ وهمُ أنفاسٍ ترتبنُا للحظاتِ الوداعِ ومن رمادِ الآخرينَ يجيءُ قومٌ آخرونَ وهكذا حتى إذا قلنا الحقيقةَ لا يعودُ هناكَ وقتٌ للمزيدِ من الكلامِ المختلفْ⑤︎قَدَرُ الحجارةِ أنْ تكونَ كما نريدُ وحسبُها أنَّا نوارَى تحتَها هي هكذا خِدَعٌ نعيشُ معلَّقينَ بها ونعرفُ أنَّ رائحةَ النهايةِ دائمًا في كلَّ شيءٍ يا حبيبتي البعيدةَ موجِعٌ هذا التزامنُ بيننا ومُحَيرٌ وأنا وأنتِ على يقينٍ أنَّ في عينيكِ آثارَ الشواطىءِ واتساعَ الماءِ والعبثَ الذي سحبَ الغيومَ إلى السقوفِ كفكرةٍ لا تنتهي⑥︎ ونحِنُّ للصورِ التي لا لونَ فيها غير رائحةِ البياضِ وعشقِ ذاكَ الأسودِ الممتدِّ حتى الروحِ تأخذني شفاهُكِ وقتَها حتى مصافي الشَّهْدِ والبذخِ الذي في الريقِ في عينيكِ  تنعدمُ المسافاتُ الجريئةُ أقتفي في شَعْركِ العفويِّ معنى الإنعتاقِ من السهولِ ومن بقايا الصوتِ في حلقِ الفراشةِ إنهُ فمُكِ الذي دوَّنتُ منهُ حكايةً من ألفِ زنبقةٍ و وردٍ مكتملْ ⑦︎جسدٌ وقبعةٌ ورأسٌ من فراغٍ من طيورٍ لا تعي أنَّ الجهاتِ قد اختفتْ والناقمينِ على الحقيقةِ غادروا بالأمسِ وانمحتِ التفاصيلُ الغزيرةُ من ثقوبِ النصِّ حين كتبتُ عن جدوى البقاءِ ورغبتي في لمسِ وجهِكِ قبلَ أنْ تصلَ الأصابعُ للشفاهِ وهكذا الأحلامُ تفضحُ ما لدينا من ظنونٍ ما سنفعلُ لو تلاقينا وتبقى الطيرُ أكثرَ جرأةً مِنَّا ⑧︎ حين يسحبُنا الضبابُ المغنطيسيُّ المُدَخَّنُ نفقدُ الجزءَ الأخيرَ من اتفاقٍ كانَ بينَ الوقتِ والمَمْشَى وبين شفاهِنا دومًا وأعقابِ السجائرِ إننا نتوقعُ المجهولَ أو وجهَ الحياةِ وحينَ تقتربينَ أكثرَ تبدأُ اللهفاتُ في تبريرِ مجرى الدفءِ بين يديكِ هل لكِ أنْ نفسرَ كلَّ شيءٍ أم لديكِ الإعتقادُ بأننا نحتاجُ أن نمحو الضبابَ عن النوافذِ والشجرْ⑨︎الغامضُ المنشودُ في عينيكِ يصعبُ أنْ يُجَامَلَ فاتركيني أحفرُ الشمعَ الذي يُغريكِ حتى أسحبَ الضوءَ الذي كشفَ الغوايةَ بين فقراتِ الكلامِ أراكِ ترتسمينَ فوق ستائري فَرْخَ الحمامِ ترفرفينَ على وسادتيَ الطريةِ ثمَّ تنفلتينَ بين يديَّ أجملَ قالتِ الرؤيا سنحفرُ مرةً أخرى جدارَ الليلِ حتى نسحبَ القمرَ الذي لم ينتبهْ⑩︎ وطغى الرمادُ على الرمادِ أنا أُثيرُكِ بي وأملأُ حوضَكِ الفَجْريَّ بالحناءِ والماءِ المُخَمَّرِ تغسلينَ قوامَكِ المنحوتَ من جذعٍ ترابيِّ الهواءِ وشاطئيِّ الملحِ يعرَقُ كلما امتدتْ يداكِ إلى ثمارِ الخوخِ فاعتصري نبيذَكِ واتركي ما جفَّ منهُ على مساماتٍِ ترتبُ نفسها لتكونَ جلدًا ظامئًا وخذي شفاهَ النورِ منشفةً لتُنهي طَقْسَ ما بدأَت به هذي الأظافرُ وهي تنبشُ شهوةً مدفونةً⑪︎ بين الرمادِ وما يدورُ الآن حلمٌ باهتٌ في الرأسِ هل تدرينَ أنَّ الزائرينَ يفضلونَ الإختباءَ وراءَ طيفٍ في معاطفَ غير دافئةٍ لهذا كان يمكنكِ التخلصُ من وسادتكِ الخفيفةِ باعتذارٍ صامتٍ والرأسُ حاويةٌ مهيأةٌ لتدويرِ المسافاتِ التي بين الحقيقةِ والحقيقةِ مرةً أخرى عليكِ النومُ أفضلَ والستائرُ مُسْدَلَةْ⑫︎هذي البحيرةُ قارَبٌ شجرٌ قديمٌ والهواءُ العالقُ المستورُ بين العشبِ والصمتِ الحياديِّ الكئيبِ مشاهدُ الأحلامِ أيضًا لا تفارقُنا  غداً يومٌ وبعدَ غدٍ نهارٌ ما وتمتدُّ البحيرةُ في مخيلتي وراءَ الغابةِ السوداءِ لن تجدي سوايَ هناكَ أنتظرُ انتظارَكِ ممسِكًا قلبي وأجزاءً من القمرِ المُعَدِّ لليلةٍ شتويةٍ⑬︎فلنلتصقْ لا تنظري للبحرِ أعرفُ أننا نَبْتَلُّ حتى الرأسِ من زبدٍ يغطينا معًا لا تنظري للخلفِ أيضًا لا علاقةَ بينَ طاولةٍ وصوتِ الموجِ  بين الرملِ والكرسيِّ فالأشياءُ تُوجَدُ وحدَها في البدءِ نحنُ نخادعُ الموجودَ بالموجودِ نربطُ بين ما لا يُستساغُ  ونشتهيهِ فربطةُ العنقِ الطويلةُ كيف تخدمُ صائدَ الشبوطِ والتصقي كثيرًا بي لأنَّ الرملَ يعرفُ ما يدورُ الآنَ في رأسي ويعرفُ أنَّ قهوتَكِ التي بردتْ تغطتْ كلها بالمِلْحِ ⑭︎ هلْ قلمُ الرصاصِ يُعيدُ ترميمَ السماءِ بما تبقى من طيورٍ شوهتها الحربُ يرسمُ خرشناتٍ علها تجدُ الهواءَ فتهتدي للبحرِ تنسى أنها تركتْ لنا ما جفَّ من أحلامِنا في الشمسِ عوسجةً تظللُ بيتَ نملٍ جائعٍ قلمُ الرصاصِ كفكرةٍ جعلَ المكانَ معرضًا للارتجالاتِ الضعيفةِ حيثُ تتسعُ المسافةُ بين سنِّ الرمحِ والجسدِ المسربلِ بالفراغِ المزدحمْ⑮︎هذا الرمادُ إجابةٌ أخرى وتصفيةُ الحسابِ مع الظهيرةِ إنه عبثُ القواقعِ في مخيلةِ الصغارِ ورهبةُ الغيمِ الكثيفِ على حدودِ الضعفِ فينا بذرةٌ نبتتْ بأسئلةٍ مشوهةٍ وأجوبةٍ نصدّقُها ولا معنى لهذا الوقتِ لا جدوى من التفكيرِ في لونِ الفراشةِ في البيوتِ المعتمةْ⑯︎.
الأربعاء ٢٧/٥/٢٠٢٠
واجهات      






الثلاثاء، 26 مايو 2020

الواجهة الثالثة: زجاج



الواجهة الثالثة: زجاج
شعر: علاء نعيم الغول 

ما أغربَ الدنيا وأجملَ ما تبقى ليس يُعرَفُ ما سيأتي والذي مرَّ انتهى ومعي نقودٌ للطريقِ ونيةٌ للبحثِ عن خطِّ المشاةِ لكي أجربَ كيف أصبحُ حين أقترفُ النظامَ لمدةٍ نظارتي سوداءُ أجملُ في الظهيرةِ عادةً وقميصيَ الورديُّ يُبهجُني فقد أفرغتُ منتشيًا زجاجةَ عطريَ الأخرى عليهِ وهكذا أمشي سعيدًا من رصيفٍ واسعٍ لمحطةِ الباصِ القريبةِ من مقاهي البحرِ واجهةُ الزجاجِ كأنها المرآةُ أنظرُ في محلٍّ بالجوارِ يبيعُ ساعاتٍ وتبغًا فاخرًا لا بدَّ أني الآن مشتاقٌ لغليوني الصغيرِ وشرفتي والقهوةِ الملأى بنكهاتِ الصباحِ معي نقودٌ كي أتيحَ لرغبتي التفتيشَ عن أهوائها شيئًا فهذا مطعمُ (بييرِ) الفرنسيِّ المهذبِ فرصةٌ لتناولِ الآنَ  plat du jour وبعدها سأبوحُ بالسرِّ الذي أخفيهِ عن حبي لبينيا كولادا حيثُ لونُ الحبِّ والأناناسِ في كأسٍ تُذكِّرُني بِبُوبْ مارلي يغني من جمايكا Three Little Birds وتأخذني الطريقُ ولا أزالُ كما أنا أشتاقُ أكثرَ للتسكعِ في مرايا العمرِ متخذًا من الرملِ البدايةَ⓪︎حين جئنا لم نجدْ شيئًا سوى زمنٍ يمرُّ وساعةٍ في الرملِ تدعو البحرَ أن يأتي بأجنحةٍ ليأخذَ غيرها يبدو غريبًا كلما تعبتْ عقاربُها تساقطتِ الدقائقُ نورساتٍ تملأُ الشمسَ العفيةَ وارتكبنا بعدها إثمَ التأنُّقِ في اختيارِ مناسباتٍ تظهرُ الساعاتُ أغربَ في معاصمِنا الطريةِ وارتكبنا كلَّ شيءٍ تاركينَ النورساتِ بلا مرافىءَ كافيةْ①︎لسنا سوى موتي وأعوادِ الثقابِ نجفُّ ننتظرُ اشتعالًا ما يليقُ بذكرياتِ الرملِ فينا ثمَّ نلهثُ خلفَ آخرِ ساعةٍ في الليلِ يشتدُّ الجفافُ بنا ونخفي أسوأَ الأفكارِ في أطرافِنا لسنا نموتُ من الهواءِ على بلاطٍ باردٍ بلْ من جنونِ الإنتظارِ أمامَ ساعاتٍ تدقُّ كأنها التيرمايتُ ينهشُ في أثاثِ الروحِ عن قصدٍ وجوعْ②︎قفصٌ زجاجيٌّ حوى أحجارَ نردٍ ساعةً مهجورةً  تشدو بمفردها بعيدًا في هواءٍ هادىءٍ والبرتقالةُ نصفها ما زال غضَّا زهرةً بيضاءَ تفتحُ ساحةً وهميةً للعشقِ وروارًا بألوانِ الحياةِ وحولَهُ تنثالُ رائحةُ الفراشاتِ المثيرةُ تستجيبُ لشهوةِ الشجرِ  الذي ما زالَ يغري غيمتينِ هو الشتاءُ إذاً سينزلُ غاسلًا قفصَ الحياةِ لكي تمرَّ الشمسُ منهُ إلى فضاءٍ ضيقٍ③︎لمَ كلُّ شيءٍ من زجاجٍ جارحٌ أو يستجيبُ لكلِّ ما في الجلدِ من ضعفٍ وننزفُ كلَّ ما فينا على هذا الرقيقِ الناعمِ المصقولِ ثمَّ السخرياتُ تزيدُ حين يصيرُ مرآةٍ لنا هي هكذا الأشياءُ تحملُ ضدَّها والقلبُ أيضًا والشفاهُ وحِبْرُ أوراقي التي احتملتْ نصوصًا لا تريحُ النفسَ وامتلأتْ سطوري بالغرامِ ورغبةٍ من غربةٍ④︎ في شارعِ (الشهداءِ) منعطفٌ وركنٌ ما يبيعُ لنا ال (كامبيرْ) وأذكرُ ليلةَ الحربِ الأخيرةَ صوتُ ضلفاتِ النوافذِ وهي تسقطُ فوقَ من مرُّوا وماتوا أوجعَ الحيَّ الصغيرَ هو الزجاجُ على الرصيفِ يقولُ إنَّ المتعَبينَ سيكنسونَ بيوتَهمْ قبلَ النهارِ وسوف ينسونَ القذائفَ كيفَ لونتِ الزجاجَ على طريقتِها وما زلنا نعدُّ على أصابعنا شظايا الأمسِ⑤︎ كم يبدو العقيقُ مسالمًا سببًا لأنْ نقوى على الذاتِ الخجولةِ أنْ يزيلَ تشنجاتِ الروحِ قالوا غير أني لا أراهُ سوى اعتصارِ الرملِ بين النارِ والزمنِ العفيِّ كما اعتصارُ النهدِ بين وسادةٍ والحلمِ نافذةُ الزجاجِ تطلُّ لو شئنا على الليلِ المجعدِ والقمرْ⑥︎ سقطَ الزجاجُ على الزجاجِ تصاعدتْ أصواتُ من ذابوا ترابًا في كؤوسِ الراحِ فيها صودِرَتْ أحلامُهُمْ ومراسلاتُ الحبِّ مَنْ ماتوا غدو أيضًا مرايا في البيوتِ وناقلاتِ الجندِ صالاتِ الحلاقةِ والمصابيحِ التي أمتدتْ على طولِ الطريقِ وكلُّ شيءٍ من زجاجٍ باتَ شيئًا من رفاتِ الأهلِ والصَّحْبِ الذين فقدتهم في الحربِ ⑦︎حين أشمُّ عطرَكِ فجأةً ينتابني هذا الشعورُ بأنَّ ذائقةَ القواريرِ الصغيرةِ  دائمًا تبقيهِ فيها هل سمعتِ حبيبتي أنَّ العطورَ تُباحُ في غيرِ الزجاجِ  وأنتِ لي معنى التصاقِ المسكِ بالجلدِ الشهيِّ ونحنُ في أرواحنا كلٌّ له قارورةٌ مفتوحةٌ بين الشفاهِ وفي الحروفِ الواسعةْ⑧︎ولأنَّ قلبكِ من زجاجٍ لن تكونَ أظافري بيضاءَ قاسيةً كلونِ الفُلِّ لن يحتاجَ ضوءًا غير ما اعتدنا عليهِ من الشموعِ وأنتِ تنتظرينَ وجهَكِ بين مرآةٍ تحاولُ أنْ تنامَ وقُبلتي قبلَ ارتخاءِ عقاربِ الليلِ الأخيرةِ في أصابعنا حبيبتي البعيدةَ جربي أنْ نقتفي معنى الزجاجِ على شفاهِ الكأسِ رشفاتِ فراباتشينو وفنجانٍ من الموكا أمام النافذةْ⑨︎ والرأس ُ ليسَ كما نرى في الليلِ حين ننامُ نفقدهُ فَراشًا في هواءٍ بعدلحظاتٍ هناكَ يصيرُ  أضغاثًا لحلمٍ ضيقٍ والليلُ ثقبٌ واسعٌ مَنْ مَرَّ منه يمرُّ كالضوءِ الذي  جعلَ الدفيئةَ رغبةً للوردِ كي ينمو سريعًا والزجاجُ مراوغٌ لا يُخْرِجُ الدفءَ الذي قد مرَّ منهُ ⑩︎ معي بطاقاتُ ائتمانٍ لستُ أعلمُ أيها يكفي لأُشبِعَ ليلتي باللهوِ والفوضى وتجريبِ الذي ما زلتُ أجهلهُ و وحدي سوفَ أفعلُ كلَّ ذلكَ لا يرافقني لهاتيكَ الأماكنِ صاحبٌ لا يعرفُ التفريقَ بين  التوتِ من لونِ النبيذِ وتنقضي الساعاتُ ثمَّ أغادرُ المقهى وقد خلتِ الشوارعُ واتخذتُ البحرَ صوتًا مؤنِسًا ⑪︎ يبقى الذي يبقى وتنتحرُ الفراشةُ مرةً أخرى على أسنانِ هذا المِشْطِ في شعرٍ طويلٍ ثم تأْلَمُ لحظةً وتهبُ نسماتٌ لتأخذها إلى ما ليس يُعْرَفُ ثمَّ تنطفىءُ النجومُ كأنها لم تشهدِ التغييرَ في حجمِ الحناجرِ وهي تدعوا للفراشةِ أن تعودَ تحومُ لامعةً على ضوءِ الثريا عاليًا في صالةٍ مفتوحةٍ للقادمينَ من النشيدِ ليشهدوا بعثَ الحياةِ من الحياةِ ومن شرانقَ أنضجَتْهَا فكرةٌ أنَّا جميعًا نشتهي فقطِ النعيمَ ولمساتِ الحريرِ وشهوةَ الألماسِ وهو يضيءُ نصفَ النِّصْفِ من هذا الجمالِ وفي الجمالِ يعودُ نصفُ الحبِّ⑫︎ تنتظرينَ أن آتي صباحًا ربما لو جئتُ بعدَ الليلِ سوفَ أكونُ ممتنَّا لصوتِ نوافذِ السهرِ التي ستطيعُني أيضًا وتفتحُ لي ستائرَها على عزفٍ يناسبُ نبضَ قلبي شَعْرَةٌ بيني وبينَ شفاهنا هل تملكينَ الكشفَ عنها ربما قد أتعَبَتْنا ساعةُ الصفرِ التي ما جاء موعدُها ولن تأتي فقط أوهامُنا أقوى على تحييدِنا والرأيُ ليس لنا في معظمِ الحالاتِ فانتبهي معي خطُّ المشاةُ ممرُّنا حتى وإنْ خلتِ الطريقُ من الطريقِ وحافلاتٍ غير مسرعةٍ⑬︎ تعالَيْ نستحقُ الأنَ بيتًا من زجاجٍ لا ستائرَ فيهِ تحجبُنا نمارسُ فيهِ أطوارَ التشكُّلِ والتبدُّلِ فكرةٌ مجنونةٌ فعلًا فقدْ صرنا عبيدًا للطقوسِ وعادةِ التفكيرِ في ما ليسَ يُرضي أو يوافقُ ما تناقلهُ دهاقنةُ القبيلةِ نحنُ عاداتٌ مكدَّسَةٌ نسيرُ بها ونحملها بلا وعيٍ ونحقنها لمن ضعفتْ مناعتهُ وبيتٌ من زجاجٍ يستطيعُ الكشفَ عن سوءاتِنا وتفاهةِ الأحلامِ حين تكونُ عاريةً كأجسادٍ تلاصقُ بعضَها في مسبحٍ في الشمسِ هذا الخَدْشُ آخرُ ما ستصقلهُ عباراتُ التوددِ والأرقْ.⑭︎
الإثنين ٢٥/٥/٢٠٢٠
واجهات                              









































الثلاثاء، 19 مايو 2020

الواجهة الثانية: خشب




الواجهة الثانية: خشبْ
شعر: علاء نعيم الغول 

هذي مقاعدُ من خشبْ ليستْ لنا بل للفراغِ وظلِّهِ ونهايةِ الماءِ الذي تركَ  الشقوقَ وبلَّغَ الطينَ الرقيقَ بما جرى لا شيءَ يبقى غير رائحةِ السكونِ وما تبقى من عفونةِ ذكرياتٍ آثرَتْ ألا تظلَّ كما المقاعدُ تنتظرْ⓪︎ صدَقَ الماهوجاني حين غطى نفسهُ بالشمسِ  أوهمَنا بأنا نستحقُّ الظلَّ أيضًا فافتتحنا شارعًا وتقاسمتْ خطواتُنا تعبَ المسافةِ واستمرَّ العشقُ في فهمِ العلاقةِ بيننا شجرًا يحاولُ أنْ يرتب ما ترتبَ سابقًا عندَ البحيرةِ أو بيوتٍ من حجرْ①︎ والشَّجْرةُ العجفاءُ شاهدةٌ على أنَّ الحياةَ رفيقُها فقطِ البقاءُ بلا رفاقٍ نستطيعُ الآنَ فهمَ الرملِ وهو يجفُّ تحتَ المانجروفِ وكيف تمتصُّ السماءُ الصفوَ من لونِ الهواءِ  كفكرةٍ عرضيةٍ  والشمسُ تلعَقُ مَنْ يظلُّ كآكلاتِ النَّمْلِ  هذا الحرُّ ينخرُ في اللحاءِ كأنهُ القلقُ الذي في الليلِ أو بعدَ الفراقِ بقُبلتينِ②︎ ألا وتمتدُّ المقاعدُ سُلَّمًا للغيمِ يعبرُهُ بعيدًا ثمَّ أبعدَ ثمَّ لن نقوى على تركِ الطيورِ بدونِ أجنحةٍ ترانا صاعدينَ ولا نراها وهي تنبشُ في اليبابِ وقد تساوى لونُها وغصونِ أشجارٍ تلاشت في  الحضورِ الغائمِ المُخْتَلِّ في هذا الضياعِ المستفِزِّ ولن يعودَ مَنِ ارتحَلْ③︎رأسي ورأسكِ من زجاجٍ ينفعانِ لما اعتقدنا أن يكونا هكذا حوضَيْنِ من ماءٍ وعشبٍ نُطعمُ الأحياءَ كي تبقى  ونبقى قادرَيْنِ على احتمالِ الحرِّ أو دفءِ الأصابعِ أو عناقٍ بيننا متوقَّعٍ ④︎ رأسي ورأسكِ يستطيعانِ التنفسَ من خياشيمِ الخيالِ يصفيَّانِ الملحَ من بين القشورِ  ولونِ أسماكِ الأوراندا⑤︎ ثمَّ هذا مقعدٌ آخرْ تعالَ نرى المدينةَ من هنا من خلفِ وجهٍ من زجاجٍ واضحٍ لا بدَّ أنَّ الماءَ يعطينا فضاءً للمعاني والحقيقةِ والشوارعُ لا تراعي ما على بابِ البنايةِ من رسوماتٍ وأرقامِ الطوابقِ والذينَ يشاركونَ الحيَّ في جمعِ القمامةِ من على هذا الرصيفِ وغيرهِ⑥︎ماذا حبيبتيَ البعيدةَ لو تكشَّفَ أنَّ هذا البحرَ كان زجاجةً زرقاءَ فاندلقتْ بما فيها وأصبحنا وأصبحتِ الغيومُ تحبُّ هذا الطينَ تجعلهُ أقلَّ تأثرَّا بالذكرياتِ وقسوةِ العطشِ الذي يبتزُّ فينا الريقَ في القُبَلِ القليلةِ وانتهى بالماءِ أَنْ صارتْ لنا هذي الشواطىءُ كي نحبَّ النورساتِ  وننتشي قبلَ المغيبِ بموجةٍ⑦︎والأرضُ تحملُها أصابعُ مرأةٍ كانتْ غصونًا شجرةً خضراءَ غامقةً وإنَّ الأرضَ أنثى نَهْدُ كاعبةٍ رأتْ  في نفسها نزقَ النضارةِ فاستدارتْ في فضاءٍ مولَعٍ بالطيفِ واخترنا البقاءَ بما لدينا في ظلالِ الشجرةِ الأولى وهذا الحبُّ ليس سوى وريقاتٍ هوتْ  جفَّتْ  وعادتْ في رسائلِ عاشقٍ ورقًا تبللَ مرةً بالدمعٍ مراتٍ بحبرٍ دافىءٍ أو نفحةٍ من عطرْ⑧︎ إذْ أنتِ شرنقةُ الفراشةِ رغبةُ التغييرِ في قلبِ الذي اعتدنا عليهِ تلونينَ الصيفَ  بالحناءِ ملمسكِ القطيفةُ او قشورُ البندقِ الملأى برائحةٍ من الشمسِ البعيدةِ حين تقتربينَ أكثرَ سوف أفتحُ نافذاتي للهواءِ  وأكتفي بكِ كي نطيرَ معًا بعيدًا حيثُ تنعدمُ الأماكنُ ثمَّ يأخذنا الغيابُ شرانقَ الصيفِ الذي لم يأتِ بعدْ⑨︎أبوابُنا خشبٌ وسقفُ البيتِ من سعفِ النخيلِ وحينَ يختمرُ الشتاءُ تفوحُ رائحةٌ تذيبُ لحاءَ هذا الوردِ تأخذُنا إلى صوتِ الهواءِ وعتمةِ الضجرِ الذي يعطي الغيومَ توقعاتٍ لالتهامِ بقيةِ الصفصافِ هذا في عطونةِ سلمِ البيتِ اختبارٌ للبقاءِ وذكرياتِ الراحلينَ وهكذا في بابنا الخشبيِّ أقرأُ سِفْرَ عمرٍ كان يمكنُ أنْ يكونَ كما أريدْ⑩︎هذي حياضُ الفلِّ بين مقاعدِ الشمسِ التي لم تنتقلْ من ألفِ وقتٍ  لم تقلْ للطيرِ إنَّا نستحقُّ الحبَّ أفضلَ نفهمُ العشبَ الذي ينمو على حجرِ الممرِّ وكيفَ تنتصرُ القلوبُ على الدقائقِ والحياةُ تراكماتٌ غير واعيةٍ وندركها وقد فاتَ الأوانُ ولم نعدْ نقوى على تغييرِ طعمِ الخوخِ واللوزِ الذي غطى الحديقةَ بالبياضِ وزهرةٍ لا تنطفىءْ⑪︎ والشمسُ تتركُ نفسها في كلِّ شيءٍ في احتضانِ السروِ للعبقِ الذي فتحَ الغِلالَ وجففَ الليمونَ في غرفِ الجدودِ ومِجْرَنِ الشوفانِ والقمحِ القديمِ وقبعاتُ القشِّ أحجيةُ الخزامى شهوةُ التفتيشِ عن سببِ اتساعِ العشبِ تبديلِ المسافةِ بالمسافةِ والتلالُ بعيدةٌ خلفَ الصنوبرِ والبيوتِ المستفيضةِ بالهدوءِ وغفوةٍ منعتْ نوافذَها من الهمسِ الخفيِّ وقبعاتُ القشِّ تنفعُ لاستعادةِ فكرةٍ هزليةٍ عن مرأةٍ تعدو لتلحقَ بالفراغِ وحينَ يدركها المغيبُ ترى الحكايةَ صورةً للشمسِ يمحوها الغروبُ وتختفي⑫︎يتشبثُ الموتى بمن ماتوا وتفلتُ في الهواءِ خطى الذين تدافعوا نحو النهايةِ مخطئينَ كتبتُ ما قال الرفاقُ الغائبون عن اعتذارِ الصيفِ للوردِ الذي لم يُعْطَ فرصتهُ ليصبحَ فكرةً أما أنا لا شيءَ يعطيني إجاباتٍ تريحُ وفكرتي عني تغيرتِ الكثير وما يدورُ  الآن في رأسي مسارٌ لولبيٌّ صاعدٌ  حتى إذا بلغَ السماءَ وجدتُ أني لم أصِلْ و وجدتُ رائحةَ الصعودِ مريحةً وتثيرُ رغباتٍ تجددُ لهجةَ البوحِ التي فتحتْ شقوقَ الوجْدِ والتفكيرِ في نفسي قليلًا والتلاشي صورةٌ بيني وبين الوقتِ وانتهتِ الحكايةُ بالفراغِ وإنهُ الصمتُ الذي يبقى ونبقى بعد ذلكَ متعبين⑬︎ وضاقَ بي قلبي وقلبي غرفةٌ بيضاءُ فيها نصفُ نافذةٍ ونصفُ حكايتينِ وشاطىءٌ هربتْ نوارسهُ وبعضٌ من ثقوبِ الليلِ أدعوها نجومًا وانتشلتُ يديَّ من عرقِ الطيورِ ورغوةِ البارودِ وهي تفيضُ من جسدِ المدينةِ رغبةً في الإمتثالِ لما يريدُ الجائعونَ على الحدودِ وفي جنازاتِ الذينَ تخلصوا من وهمهم بالموتِ⑭︎ صوتُكِ شهوةٌ وتريةٌ تزدادُ حينَ يجفُّ ظهرُ العودِ أكثرَ وصلةُ النهاوندِ قبلَ النومِ أو عندَ انتهاءِ مذيعةِ الأخبارِ من ترتيبِ خصلةِ شعرها وتوقعاتٌ للهروبِ معًا هناكَ ألا ترينَ هناكَ في وادٍ على أطرافهِ نبتت رياحينُ الليالي المقمرةْ⑮︎ شيءٌ ولا شيءٌ وهذا كلُّ شيءٍ لا تسلني كيفَ صارَ لكل بابٍ ذكرياتٌ كيف تنبتُ مرأةٌ من نفسها وتصيرُ غيماتٍ وواحاتٍ ومأوى للسنونوةِ الوحيدةِ كيفَ تنقسمُ المسافةُ بينَ جاراتي ورغباتِ الصغارِ وبينَ مَنْ ضحُّوا وتجارِ الحشيشِ وبينَ من ماتوا وأشجارِ النخيلِ وبين قلبي والتسولِ عند مفترقٍ يقودُ لساحةِ (الجنديِّ)⑯︎ غزةُ لوحةٌ خشبيةٌ مرسومةٌ بالنارِ تعرفنا جميعًا ثمَّ ترخي شعرها فوق البيوتِ وبائعاتِ التينِ والنعناعِ وامتلأت رئاتُ الريحِ بالشوكرانِ والكينيا وأشواقِ المواسمِ في قشورِ البرتقالِ وهكذا وحدي أرى كلَّ المدينةِ من وراءِ السورِ واضحةً وعاريةً وقلبي مرةً أخرى يراني من وراءِ قصيدةٍ جربتُ فيها أنْ أكونَ بلا شروطٍ أو قواعدَ غير أني الآن مأخوذٌ بعينيها وبين شفاهها أحلامُها⑰︎ هذي نهايةُ ما اقترفتُ من الخيالِ ونزعةٍ للإنقضاضِ على العباراتِ الطويلةِ والطيورِ على فروعِ الكستناءِ ومغرياتِ الأسكدنيا أيها الورقُ السخيُّ لكَ اعترفتُ بأنني حاولتُ مراتٍ لأفلتَ من هنا ففشلتُ في تغييرِ ذاكرةِ الحواري والنساءِ العابراتِ على الطريقْ.
الثلاثاء ١٩/٥/٢٠٢٠
واجهات          

الخميس، 14 مايو 2020

الواجهة الأولى: رخام


واجهاتْ 

الواجهةُ الأولى: رخامْ
ما لا يُقالُ هو الذي لم يكتملْ هو قطرةُ الماءِ الأخيرةُ في جفافِ الحلقِ ترتشفينَ ماءً لا يبلُّ القلبَ كيفَ لقبلةٍ لا تستطيعُ العشقَ أنْ تأتي بريقٍ دافىءٍ نبدو سرابًا أو لأنا قطرتان من العرَقْ ⓪︎ هذا مصيرُ  الماءِ فينا أنْ يجفَّ وأنْ يراوغَنا وهذي الروحُ تسكنُ في الشقوقِ تريعُنا إنْ مرةً فتحتْ أصابعها لتوهمَنا بأنَّ فراشةً حمراءَ تصبحُ وردةً والقلبَ قبعةُ الفَنارِ وهكذا كلُّ الذي فينا سيكشفُنا على مهلٍ بأنا صورةٌ للحبِّ ①︎ هل كان الخريفُ مناسبًا دومًا لشيءٍ باردٍ أو يستحقُّ البحثَ عنهُ وبين ساعاتِ الهواءِ ولحظةِ المطرِ النقيةِ غيمتانِ وغرفةٌ فيها سريرٌ دافىءٌ فيها انتظارٌ للعناقِ ورغبةٌ مطويةٌ كرسالةٍ مكتوبةٍ بمهارةٍ لونيةٍ وأنا حبيبُكِ منذ أنْ كنا نجازفُ بالشموعِ لليلةٍ فيها اغتسلنا وانعتقنا مرتينِ ②︎ هنا وصوتُكِ غربةٌ أخرى مكانٌ للهروبِ وعادةُ القلبِ القديمةُ في اشتهاءِ الملحِ من ريشِ النوارسِ رسمُ رائحةِ الهواءِ على ظلالِ البيلسانةِ صورةٌ للزنزلختِ أمامَ فوهةِ الظهيرةِ صوتُكِ الوقتُ الذي يروي العقاربَ بالنبيذِ فتثملَ الساعاتُ بين وسادتي والرأسِ ثم أفيقُ أسألُ عنكِ في لونِ النوافذِ والصباحِ المُشْتَهَى والأغنياتِ الواضحةْ ③︎ ما زالَ صوتُكِ يحفرُ القشَّ الذي غطى صناديقَ النبيذِ يسيلُ لونًا ناعمًا في ساعةٍ رمليةٍ وتحاولينَ الإقترابَ من الثقوبِ وخلفَ هذا البابِ تتسعُ الحقولُ وينبغي تغييرُ إيقاعِ الحياةِ لكي تبادلَنا البداياتِ الجريئةَ نَخْبَ أولِ قُبْلَةٍ ستكونُ ④︎ إذْ لا بحرَ بعدَ الآن في عينيكِ تنتظرُ المرافىءُ من بعيدٍ نورساتُ ظهيرتي تغتالها الشمسُ الغنيةُ بالملوحةِ أختفي إنْ شئتِ في جفنيكِ أقرأُ فيهما سفَرَ الرسائلِ في زجاجاتٍ ملونةٍ وأسمعُ وشوشاتِ الرملِ عاريةً كصوتِ الموجِ ⑤︎  ثمَّ أرى الدروبَ تملقاتِ الوقتِ لسنا قادرين على اشتهاءاتِ المسافةِ وهي تأخذنا  بعيدًا أو وراءَ خطى الذين تسببوا في قتلِ أولِ شاعرٍ كتبَ الشفاهَ على سطورٍ من حروفٍ ضيقةْ⑥︎ بين الخريفِ وأولِ المطرِ ادعاءاتٌ وغيماتٌ من العبثِ الطفوليِّ الذي فتحَ الشهيةَ لارتشافِ الليلِ قُبلاتٍ وأسئلةً وما بيني وبينكِ لهفةٌ مسكونةٌ بتوقعاتٍ نصفُها منِّي ونصفٌ من فراغٍ بينناهذا هواءٌ باردٌ هذي منافذُ قلبيَ المفتوحِ كالقطبِ الجنوبيِّ العنيدِ كأنه وجعُ البطاريقِ الصغيرةِ في انتظارِ الشمسِ كالسمكِ الذي في الحوضِ يلمعُ بين جدرانِ الزجاجِ متى تفيقُ على انهيارِ الضوءِ فوقَ ركامكَ المائيِّ  فوقَ أسِرَّةِ التعبِ المدونِ في شقوقِ تنهداتٍ أخمدتْ فيكَ اشتعالَ رسائلِ الشوقِ القصيرةِ ⑦︎  أنتَ وحدكَ في مواجهةِ الصقيعِ وفوهاتِ الثلجِ وحدكَ تنبشُ الماضي المجمدَ في عيونِ الطيرِ وحدكَ تستعيدُ ولا تُعادُ وهكذا ستظلُّ تبحثُ عن ملاذٍ دافىءٍ من ذاكَ يعرفُ أنَّنا في المنتصفْ هل نحنُ بين الوقتِ والوقتِ الذي يأتي بعيدٌ كلُّ شيء كانَ ⑧︎  غائبةٌ تفاصيلُ  الحياةِ وكيف صرنا رغوةً ستجفُّ أيضًا في سخونةِ هذه اللحظاتِ ما الذكرى وما الأحلامُ ما الغيبُ الذي قطعَ الطريقَ على ابتساماتٍ تحاولُ أنْ تجاملَ عجزَنا والضعفَ كلُّ مسافةٍ كانتْ ستبقى مثلما وشمٌ على جلدٍ تقشَّرَ في الظهيرةِ  هكذا نحنُ الذينَ تشعبتْ فينا اشتياقاتٌ ستبقى واضحةْ  ⑨︎ ونحوكُ ما يُحكَى لهذا الطيرِ كي يهبَ السماءَ المفرداتِ ويختفي غيمُ الشتاءِ ويسقطَ الضجرُ الثقيلُ على السطوحِ نحوكُ من هذا الهواءِ نهايةً للعشبِ كي يبدو المدى بحرًا بعيدًا غربةً خضراءَ ثم نفيقُ من تحتِ الحطام مصدقينَ حمامةً تمتدُّ فينا فكرةً للحبِّ ثمَّ نحوكُ من وجعِ السكونِ بدايةً أخرى لأنا نستطيعُ الموتَ والأشواقَ نكبرُ في شقوقِ الريحِ تجعلنا الخيوطُ نسيجها المصبوغَ قبعةً تطيرُ على الشجرْ ⑩︎ وتحوكنا الدنيا عباءاتٍ لهذا الليلِ تنسجنا لأستارِ الوداعِ ومِنشفاتِ المتعةِ البيضاءِ ثمَّ يُصيبُنا وَقْعُ البِلَى ونصيرُ أشبهَ بالبيوتِ وقدْ ترامتْ تحتَ لونِ الغيمِ خائفةً وفيها النائمونَ بدونِ أغطيةٍ وهذا ما يراهُ الطيرُ أيضًا من بعيدْ ونظلُّ ننتظرُ الذي لا يُنتَظَرْ ⑪︎ هذا رداءٌ خِيطَ من صحو الطيورِ وساحةٍ مفتوحةٍ حتى حدودِ الصمتِ هل نحنُ الذي سيدورُ في بذخِ المحاولةِ الأخيرةِ للنجاةِ من الضياعِ الحرِّ فلتقفِ الطيورُ على الحيادِ وتختفي كيلا نطيرَ إلى الوراءِ وتصبحَ الغيماتُ وجهًا للمدينةِ والسفرْ ⑫︎ هذي أظافرُنا مساحاتٌ لعشبٍ ناعمٍ لتكونَ بَرّاً آمنًا للعاشقينَ وجرِّ أخيلةِ الذين يرونَ في الأشياءِ شيئًا ما وراءَ المُدْرَكاتِ أظافرُ العشبِ القصيرةُ تشبهُ الفرحَ الذي يعطي ملامحنا احتمالًا لا يُصَدَّقُ كم غريبٌ أنتَ يا فرحي الذي فيها اكتملْ⑬︎ قالوا قديمًا أو أنا مَنْ قالَ حين نُحبُّ نغرقُ في هدوءِ الزعفرانِ ويختفي ورقُ القرنفلِ في عباءاتِ المساء وبين عينيكِ اختبرتُ القُبلةَ الأولى وبين أصابعي طوَّيتُ دفءَ أصابِعِكْ يا شهوةَ النعناعِ يا ثمرَ الرِّضا والإنعتاقِ من البخورِ  إليكِ نصفُ الشهقةِ الملأى ارتواءً  من مفاجأةِ العناقِ وفي اللقاءِ يذوبُ نصفُ الدَّمعِ في عطرِ القميصِ وأنتِ بينَ البابِ والمَمْشَى وظلِّ البيلسانةِ والصباحِ المُنْتَظَرْ⑭︎ هذا ونحنُ خطىً على جُنْحِ الطيورِ إلى البعيدِ من البعيدِ وكلَّما ارتفعَ الهواءُ  بنا انتهينا في ثقوبِ الغيمِ ضعنا في شقوقِ الصمتِ  هل هذي الطيورُ تعي المسافةَ مثلنا أم نحن نجهلُ ما تراهُ وما لديها  هكذا سنظلُّ نبحثُ عن مكانٍ تنتهي فيهِ الطريقُ ولا نعودْ ⑮︎ نحنُ البذورُ ونبتُ هذا الماءِ نبدو مثلما نبدو عوالقَ في الهواءِ وبين عشبٍ ما على ورقِ الشجرْ دعنا نواجهُ ما نواجهُ حين نكبرُ نختفي أو نسطيعُ الإلتصاقَ بكلَّ شيءٍ والتشابهُ بيننا هو نفسهُ لونُ الخريفِ وقبعاتُ القشِّ نحنُ مصيرُ هذا الرملِ والصَّدَفِ الصغيرِ ونشتهي ما لذَّ من هذا البقاءِ الغامقِ المدفونِ في نياتِنا وقشورِ هذا البندقِ العفويْ⑯︎ في قارَبٍ قبلَ المساءِ وقبلَ أنْ تقفَ السماءُ على حدودِ الغيمِ نقرأُ في الهواءِ حكايةَ الشفقِ البعيدةَ نفهمُ اللونَ الذي يعطي المكانَ بدايةً للحبِّ أو قُلْ  شعورًا ممكنًا للقفزِ عن وجعِ التظاهرِ بانعتاقٍ ليس مفهومًا وفي القلبِ الكثيرُ ولا يقالُ على عجلْ مهما فعلنا لن نعيقَ الوقتَ لن نقوى على سحبِ العقاربِ جرِّها كالثورِ في نزوانهِ كي لا نشيخَ وتنقضي نبضاتُ هذا الماءِ فينا حشرجاتُ الوقتِ في حلقِ الدقائقِ أيقظتْ وجعَ الحياةِ تكسرتْ فيها وجوهٌ من زجاجٍ فوقَ تقويمٍ رخاميِّ السطوعِ وفي خطىً موقوتةٍ ⑰︎ والوقتُ أسرابُ الفَرَاشِ تحررتْ من عقربينِ وساعةٍ رمليةٍ وتناثرتْ دقاتُهُ بين اشتياقٍ باردٍ وتساقطِ النوارِ نحنُ حكايتانِ على ورقْ ⑱︎       
الجمعة ١٥/٥/٢٠٢٠
واجهات




السبت، 9 مايو 2020

درج الخشب




درجُ الخشب
شعر: علاء نعيم الغول 

قالتْ سنغدو طائرَيْنِ
 متى تكهنتِ الحياةُ بما نريدُ
 ولم نُرِدْ شيئًا 
تأمَّلْنا معًا درجَ البدايةِ
 لم يكنْ من مرمرٍ أو قشرةِ الأبنوسِ
 بل من زهرتينِ وشارعٍ وقرَنفلةْ
 صعدَتْ بنا الغاياتُ 
يا شجرَ الطريقِ سألتُ عنها
 وابتكرتُ مسافةً خشبيةً
 تنمو عليها عالياً 
هذا عناءُ الروحِ أو أملُ الخطى
 هذا انتصارُ الذاتِ أو وجعُ التراخي
 كم توقعنا التماهي معْ ردودِ الفعلِ
 حينَ يصيبُنا شغَفُ التحولِ
 من بقايا عاشقينِ لمقعدينِ أمامَ 
هذا البحرِ واتسعتْ صدورُ الريحِ
 واختنقتْ بنا لهفاتُنا صِدْقًا وخوفًا
 هل لديكِ الآن جرعاتٌ من الطَلِّ
 المناسبِ كي نهادنَ لَيْلَجَ النَّفْسِ الجريئةِ
 لن نبدلَ رغبةً مما لدينا الآنَ بالماضي
 وهذا صادقٌ جدَّا.
الثلاثاء ١٨/٢/٢٠٢٠
مذاقٌ مختلفْ    

الخميس، 7 مايو 2020

كل الشراب ولي مذاق مختلف



كلُّ الشرابِ ولي مذاقٌ مختلفْ
شعر: علاء نعيم الغول 

قالت ولم تكشفْ حكاياتُ الهوى
 شيئًا ومَنْ قُتلوا على بابِ المدينةِ
 لم يكونوا الأولين ولن يكونوا الآخرينَ
 وللحقيقةِ ألفُ معنىً واختبارٌ واحدٌ
 ولذلكَ اختارُ الكثيرُ الموتَ مراتٍ على
 أنْ يبدأوا في العيشِ أفضلَ وانغمَسْنا
 في تفاصيلِ الغرامِ وذابَ عنَّا الشمعُ 
وانكشفتْ أصابعُنا ونحنُ نضفرُ
 النعناعَ بين وسادتينِ وحين عدنا
 من ظلالِ التوتِ لم تكنِ المذاقاتُ العتيقةُ
 في الشفاهِ كما اعتقدنا واتخذنا الليلَ
 صهوتَنا الوحيدةَ للهروبِ من انهيارِ
 حكايةِ الورقِ التي اشتعلتْ رسائلَ
 قالَ مَنْ قالَ افترقْنا فجأةً وتجمَّعَ العشاقُ
 عند البحرِ واعترفَ الكثيرُ بجبنِهمْ وتسلقَ
 الباقي السفينةَ واختفتْ خلفَ النوارسِ
 هكذا أو هكذا سأظلُّ أنسى كيفَ
 فسَّرتُ الغروبَ بدايةً وتركتُ ساعاتي
 الثمينةَ في الصناديقِ الصغيرةِ موقنًا أنَّ
 النهايةَ فكرةٌ والحبَّ تسويةُ الخلافِ مع
 المشاعرِ أنتَ مِنِّي يا فؤادي خذْ خطاكَ
 من الطريقِ وخذْ مناديلَ اللقاءاتِ التي فشلتْ
 وهيا نختفي خلفَ القشورِ وفي شرانقَ
 أُوْدِعَتْ سِرَّ التعلقِ بالعناقِ وجاعَ أكثرُ
 مَنْ نسوا طعمَ السفرجلِ في الشتاءِ وضلَّ
 نصفُ العائدينَ من المحطةِ والسماءُ ترى
 الذي فتحَ النوافذَ للعصافيرِ البريئةِ من تلعثمِ
 عاشقٍ بقصيدةٍ كُتِبَتْ لمن لا يحسنونَ
 الكشفَ عن أشواقهمْ هذا نهارٌ من نهارٍ
 وانتهينا وانتهى المطرُ الذي غسلَ السطوحَ 
وجاءَ لونُ الشمسِ مراتٍ بلونِ البرتقالةِ أو أرقَّ
 بزهرةٍ بيضاءَ فيها نلتقي فيها ارتأينا
 أنْ نغيرَ ما علينا من ثيابٍ لم تعدْ 
تقوى على منعِ الهواءِ من امتصاصِ العطرِ
 منها ساعةٌ وتمنياتٌ فرصةٌ وتوسلاتٌ
 غربةٌ وأنا وأنتِ وسائقُ الأحلامِ في أيَّارَ
 والمنفى حبيبتيَ البعيدةَ ليسَ في بلدٍ وبيتٍ
 بل هنا في غرفةٍ فيها انتظرنا كلَّ أغنيةٍ من
 الماضي وما مضتِ الدقائقُ مثلما نحتاجُ
 فاشتعلي معي شبٍقًا ونشوى كي نعيقَ
 تشنجاتِ النفسِ وانعتقَ الضميرُ من الشفاهِ
 وبانتِ الرؤيا ألا هذا الكلامُ نهايةٌ وتأملاتٌ في
 الهوى ولسوفَ تعلمُ يا فتى
 أنَّ الحياةَ هنا مذاقٌ مختلفْ.
الجمعة ٨/٥/٢٠٢٠
مذاق مختلف         

رسائل لم تصل


رسائلُ لم تصلْ
شعر: علاء نعيم الغول 

قالتْ وحاولتُ استعادةَ
 ما كتبتُ ولم يصلْ ساعي
 البريدِ ولم تعدْ تأتي الرسائلُ
 وانتهى زمنُ انتظارِ العاشقينَ
 على المداخلِ والنوافذِ وانتهى 
ما كان يجعلُنا نحبُّ الطيرَ ما
 عُدْنا كما كُنَّا حبيبتي البعيدةَ 
تذكرينَ الصيفَ كانَ كخصلةِ الشَّعْرِ
 الطليقةِ في الهواءِ ونذكرُ الدنيا التي
 حفرتْ أغاني القلبِ في القلبِ
 المعافى من محطاتِ الوداعِ وأنتِ
 ترتحلينَ بين مدينةٍ ومدينةٍ تتوقعينَ معي
 الرجوعَ إلى الحكايةِ يومَ كانتْ فكرةً عفويةً
 عن كلِّ شيءٍ كم حلمتُ بأنني أرسلتُ
 آخرَ ما كتبتُ إليكِ في ورقٍ يطيرُ
 كما الفَراشُ كما اتفقنا أنْ يكونَ
 وفي شفاهكِ قُبْلةٌ تكفي ليصبحَ 
للرسالةِ موعدٌ في الصيفْ.
الخميس ٧/٥/٢٠٢٠
مذاق مختلف   

بسطاء ولكن ،،،



بسطاءُ ولكن ،،،
شعر: علاء نعيم الغول 

ما الوقتُ والتفكيرُ
 ما الفوضى وتغييبُ الضميرِ 
ومرَّ يومٌ كاملٌ
 والقلبُ فيهِ من الأخاديدِ
 الطويلةِ صوتُكِ المنحوتُ من
 وجعِ الصنوبرِ لم يصلْني الآن
 لا تبدو الأمورُ بدونِ وجهكِ
 تستحقُ البحثَ عن سببٍ لفتحِ
 محاولاتٍ للهروبِ من التأففِ إننا 
بسطاءُ يا قلبي ومرهونونَ للعبثِ
 الذي يمتدُّ من هذي السطورِ إلى
 شفاهي وهي تنطقُ بالحقيقةِ إنَّ حُبَّكِ
 وردةٌ بيضاءُ هل هذا سيكفي كي
 نُعيدَ الليلَ هل عيناكِ تحتملانِ
 هذا البُعْدَ يا قلبي الصغيرَ تعالَ نقرأُ 
ما تبقى في المرايا في شقوقِ
 النفسِ حيثُ يُصَبُّ فيها كلُّ هذا الشوقِ
 والآمالُ واحدةٌ وما في الروحِ
 أقوى من تفاصيلِ الغيابِ 
ولهفةٍ مكتومةٍ.
الإثنين ٢٤/٢/٢٠٢٠
حدائق التوت

الأربعاء، 6 مايو 2020

حروف نائمة



حروفٌ نائمة
شعر: علاء نعيم الغول 

بين السطورِ وفي الحروفِ
 وبين أنسجةِ الملاءاتِ الطريةِ
 والشفوفِ ومعطفٍ وتنهداتٍ غير
 مُعلَنةٍ  وصوتٍ خافتٍ  من خلفِ
 هذا المِشْجَبِ الشِّتْويِّ أنتِ هناكَ
 تحتملينَ هذا البردَ تقتسمين ذائقةَ
 الهواءِ وطعمَ هذا البرتقالِ فقط سنحملُ
 ما لدينا من رسائلَ ما علينا من
 ملاماتٍ ونهربُ من ثقوبِ الماءِ يا وجعَ
 انتظاري كيف لي فتحُ الطريقِ إلى
 البحيراتِ التي جعلتْ لهذا الزهرِ 
وجهًا فاتحًا ولنا معًا هذا الشعورُ
 بأننا لا نستطيعُ القفزَ عن هذا الفراغِ
 إلى فراغٍ واسعٍ ومعي الكثيرُ من
 الحياةِ وبعد هذا الوقتِ جاءتْ مفرداتُ
 الحبِّ واسعةً كقلبكِ والمسافةُ
 بيننا ليستْ كلونِ الشمعةِ البيضاءِ
 في هذا المساءْ.
الأحد ٢٣/٢/٢٠٢٠
حدائق التوت    

الثلاثاء، 5 مايو 2020

نوافذ ومدينة ضيقة



نوافذُ ومدينةٌ ضيقة
شعر: علاء نعيم الغول 

حريةٌ بيضاءُ 
هذا ما أردتُ وما قصدتُ 
كأنها دمنا وفي دمنا يسيلُ
 العشقُ نارًا يصبحُ الوطنُ الصغيرُ
 علاقةً غجريةً مفتوحةً كجناحِ
 دوريٍّ يفتشُ عن ملاذاتِ الهواءِ
 لكلٌّ قلبٍ شارعٌ ولكلِّ مرآةٍ ملامحُ
 لا تغادرُ من يراها إننا أسرى
 الحقيقةِ لن يحررنا الوجودُ هو الرحيلُ
 إذاً سيجعلُنا أقلَّ تذمرًا
 حريةٌ تعني انتهاءَ الخوفِ
 كان اللوزُ يعرفنا وكنتُ الهاربَ الغيبيَّ 
والرعويَّ لي قلبٌ كما الشوفانُ 
كالورداتِ في تشرين هذا الحبُّ يفتحُ
 لي مكانًا دافئًا أيضًا وبعد غدٍ يصيرُ
 الوقتُ قافيةً مدلَّلةً وتتسعُ القصيدةُ
 بين سيقانِ المدينةِ والنوافذِ 
هكذا تتحررُ الأحلامُ من أسمائها
 واللوزُ يُزهرُ في الهواءْ.
السبت ٢٢/٢/٢٠٢٠
حدائق التوت  


الاثنين، 4 مايو 2020

خيال من قش


خيالٌ من قش
شعر: علاء نعيم الغول 


ماذا وماذا في خيالي
 إنني ما زلتُ حياً لا ملامةَ فانتصرْ
 يا قلبُ واحملْ زنبقاتكَ في سلالِ
 القشِّ خذْ شمساً معكْ 
أنتَ البقيةُ من بقايا
 لا كلامَ الآن بادرْ ما استطعتَ
 وعشْ خيالكَ والحقيقةَ وانتهزْ
 ما قد أُتيحَ ولا تخفْ دنيا ستمضي
 لن نكون كما يُظَنُّ
 ألا ترى سفنَ الرفاقِ الغائبينَ
 ألا تراني كيف حاولتُ الكثيرَ وقلتُ
 أكثرَ إنها الدنيا أخيرًا صورةٌ 
ومجاملاتٌ والمدى في القلبِ
 أين أنا وقد بدأتْ حكاياتُ القلوبِ بريقَها
 والنارُ في نفسي وآلامي التي تمتدُّ 
من بابِ الحديقةِ للقيامةِ 
من ثقوبِ الرملِ حتى غيمةٍ تركتْ على
 وجهِ المدينةِ صورةً للبرتقالةِ
 والنشيدُ الآن يعلو ثم يصبحُ هادئًا
 والقلبُ صيفٌ دائمًا.
الجمعة ٢١/٢/٢٠٢٠
حدائق التوت


الأحد، 3 مايو 2020

مسافات وزورق وقمر



مسافاتٌ وزورقٌ وقمر
شعر: علاء نعيم الغول 

وجعٌ على وجعٍ
 بعيدٌ أنتَ يا سرَّ احتمالي
 غامقٌ هذا الشعورُ ولم أُصدّقْ
 بَعْدُ كيف تهافتَ العشاقُ خلفَ
 الوهمِ كم في الحبِّ من أشياءَ
 أعرفها وفي نفسي حروفٌ للكلامِ
 ولافتاتٌ للتوددِ والوعودُ مثيرةٌ
 للبحثِ عن ذاتٍ تصاحبُ نفسَها
 وتسوقُ رغباتِ الوصالِ تقطعتْ 
كلُّ الخيوطِ وزاد في شوقي اعترافي
 أننا وردٌ ونارٌ ما الحياةُ الآن كافيةٌ 
ولا الدنيا بواسعةٍ تعالَيْ نقسمُ البحرَ
 السخيَّ ونعبرُ الوادي العميقَ
 ونعرفُ الغرقى ومن ضلوا طريقَ
 الملحِ والمرجانِ في قلبي ردودٌ
 والسؤالُ يعيدُ ذائقةَ التنازلِ للشفاهِ
 كم الندى في الشمسِ يربكُ ما توهجَ
 من صباحٍ عالقٍ بين الهواءِ وموجعاتِ
 الإشتهاءِ لسوفَ تتسعُ العيونُ لكلِّ
 هذا الضوءِ والفوضى ونرجعُ للفراغِ الحُرِّ
 يا وجعي المبادرَ خذْ كلامي وانتقي منهُ
 استعاراتٍ تغيرُ زرقةَ الأطرافِ ألوانَ
 الرسائلِ تحتَ أقمشةِ الوسائدِ إننا
 الطيرُ الأخيرُ على حدودِ النهرِ
 والصورِ التي تعتادُ لونَ الزهرةِ الصفراءِ 
هاتي البريقَ من ارتشافِ الشهدِ من
 شفةٍ بلونِ الماءِ في هذا النبيذِ تألقَ الصمتُ
 المراوغُ وانتزعنا الروحَ من أحلامِنا
 يا زورقَ الأحلامِ لا تشكو المسافةَ لن تخافَ
 البردَ أيضًا فالتعاطي مع نهاياتِ
 الوعودِ هو الوعودُ وطافَ بي قمرٌ
 صغيرٌ قالَ لي ما قالَ قبلَ النومِ وانفتقَ
 الصدى وتراهنَ العشاقُ مراتٍ ولم تأتِ 
المعاني مثلما ظنوا وظلَّ الحبُّ زرعًا
 يانعًا في الروحِ في نظراتِنا وتبادلَ العشاقُ
 ما اتُّهِموا بهِ هذا فراقٌ بينَ ما شئنا وما شاءَ
 المكانُ ولن نفكرَ في ارتكابِ مناوراتٍ
 للتخلصِ من بقايا ما ترسبَ في خبايا
 النفسِ مما مرَّ في أيامِنا هذا الذي
 نحتاجهُ ونحبهُ هذا التمادي والتفاؤلُ
 إننا لا نعرفُ الدنيا كما لا نعرفُ البحرَ
 الكبيرَ وبين قلبي والتفكرِ فيكِ أجملُ
 ما سيجعلني قريبًا من محطاتِ
 البنفسجِ هكذا سأظلُّ محتفظًا
 بأسمائي و وجهِكِ بالتفاصيلِ السريعةِ
 والعميقةِ ربما نحتاجُ أكثرَ من صباحٍ
 واعدٍ والنارُ تكفي لالتهامِ بقيةِ الورقِ
 الذي جعلَ الرسائلَ موجعةْ.
الخميس ٢٠/٢/٢٠٢٠
حدائق التوت     

سيريالية ممكنة


سيرياليةٌ ممكنةْ
شعر: علاء نعيم الغول 

قالتْ وغطانا الذي غطى
 الضمائرَ وانتَشَلْنا وَجْهَنا من
 تحتِ هذا الظلِّ هل يكفيكَ ما
 يكفي الفراشةَ من هواءٍ كي
 تعيشَ بدونِ توقيعِ اتفاقٍ ناقصٍ
 بين المحطةِ والحقيبةِ أَنْ يكونَ
 المقعدُ الخلفيُّ دومًا فارغًا للحبِّ
 ما يجري جرى بالأمسِ نحنُ إعادةٌ
 مكتوبةٌ وشمًا على جلدِ الفقاعةِ قطرةً
 من عطرِ أنثى بين نهدينِ استَعَدَّا
 لاختلاقِ علاقةٍ رغويةٍ بين الشفاهِ وقبلةٍ
 مفتوحةٍ كالبحرِ واقتربَتْ يدانا
 من يدِ البابِ الصغيرةِ كي نمرَّ
 معًا إلى بهوِ الحقيقةِ وانتظرنا ساعةً 
أخرى ولم يأتِ الذي يأتي ليهبرَنا
 عن الآتي وكانتْ نافذاتُ البيتِ تكشفُ
 شارعًا يمتدُّ في جسدِ المدينةِ
 حاملًا ما ليسَ يُحْمَلُ منْ خطىً
 تأتي وتذهبُ مُتْعَبَةْ.
الأحد ٣/٥/٢٠٢٠
مذاق مختلف

السبت، 2 مايو 2020

قلب الغزالة بارد



قلبُ الغزالةِ باردٌ
شعر: علاء نعيم الغول 

لا فرق بين السعي خلف الظلِّ
 أو بين الكلام وزرقةِ الغيماتِ قلبي
 صادقُ النياتِ وجهي باسمٌ أيضًا
 وهذا ديدنُ الشفتينِ أن ألقاكِ ثم تفيقُ
 رائحةُ الخزامى في ضميرِ الموجِ
 أو سرِّ الأطايشِ
 رائعٌ هذا المكانُ وأنتِ في لغتي
 حروفُ المدِّ أسماءُ المدينةِ
 قبل وقتِ الحربِ
 لا الدنيا بباقيةٍ ولا الأحلامُ تجعلنا
 نفكرُ مرتين وعندَما نشتاقُ نتركُ
 نصفَ ذاكرةٍ ونُعطِبُ ما تبقى
 من دبيبِ اللومِ وامتدحَ الخيالُ الموتَ
 في قلبِ الغزالةِ لا لشيء بل لأنَّ
 فراشةً ضاقَ المدى ببهائها فتمردَتْ
 صورُ الضحى هذا مزارُ النافذاتِ
 و جهدُ مَن حبُّوا وذاقوا كيف تتسعُ 
القريحةُ للمزيدِ من القوافي في متونِ 
البوحِ كم من مرةٍ جربتُ تضييقَ السؤالِ
 فلم أجدُ سببًا لتتسعَ الإجابةُ
 لم أعدْ متوقعاً شيئاً يوازي شارعًا
 مرَّتْ به سُحُبُ الرفاقِ الغائبينَ
 هنا أنا وحدي هنا لا فرقَ بين القلبِ 
والناقوسِ بين الهمسِ والدنيا
 التي تهتزُّ فيها الروحُ كالنخلِ المعلقِ
 في هواءِ الشمسِ هذا الحبُّ مُتَّفَقٌ عليهِ
 ودافىءٌ كالنورِ منغمسٌ إلى
 شفتيهِ في ماءٍ يساوي كلَّ هذا 
الوجْدِ في قلبي زوايا للخرافةِ والتفاؤلِ
 للملامةِ والسؤالِ عن النهايةِ هكذا 
نبدو معًا تتقلبُ الأيامُ تجمعنا على
 سهوٍ وتحملُنا على مهلٍ
 وننسى كيف جئنا من محطاتِ
 الرحيلِ إلى الرحيلِ 
وفي ملامحكِ ارتياحٌ باردٌ
 ومسافةٌ تكفي لقلبي كي يدقْ.
الأربعاء ١٩/٢/٢٠٢٠
حدائق التوت 

زمن الفقاعات الجريء


زمَنُ الفقاعاتِ الجريءْ
شعر: علاء نعيم الغول 

قالتْ سنبقى حالمينَ
 نحبُّ من أحلامِنا أحلامَنا
 والذكرياتِ وصورةً فيها 
اختزلْنا الوقتَ والفرحَ القديمَ
 وما تألَّمْناهُ عن بُعْدٍ وقصدٍ لا تعودُ
 بنا الحياةُ إلى الحياةِ فقطْ سنحفرُ
 في مخيلةِ الهواءِ ملامحَ العشقِ التي
 حمَلَتْ معاني الزَّهْرِ في نيسانَ
 والمعنى الذي في الروحِ يبقى دافئًا
 لكَ شوقُكَ المجروحُ يا قلبَ الوداعِ
 وغربةِ الصيفِ البعيدةِ هكذا
 الأحلامُ تقفزُ كالفقاعاتِ النقيةِ
 والوجوهُ كثيرةٌ فيما أنا أستحضرُ
 الماضي من الماضي وفي النياتِ
 نيَّاتٌ لشيءٍ ما وحاجاتٌ مؤقتةٌ 
سنبقى خائفينَ وتائهينَ لنا قليلٌ 
من قليلٍ أو كثيرٌ من كثيرٍ والذي
 يبقى سيبقى حالمًا حتى النهايةِ مرتينْ.
السبت ٢/٥/٢٠٢٠
مذاق مختلف 










الجمعة، 1 مايو 2020

سطور من حروف الجر


سطورٌ من حروفِ الجَرْ
شعر: علاء نعيم الغول 

قالتْ ولا يخفى عن القلبِ
 الذي يخفى عن البحرِ المدوِّنِ
 في قصائدِنا وفي ريشِ السنونوةِ
 القديمةِ في أزقتِنا التي في فكرةِ
 الحبِّ الذي لم يكتملْ في أغنياتٍ
 بالغتْ في الشوقِ في تبريرِ جزءٍ
 من هدوءِ الليلِ في أحلامِنا بين
 الوسائدِ في عناقِ الشمعِ في صُوَرٍ
 من الماضي على جدراننا وقلوبنا
 البيضاءِ في الغرفِ التي امتلأتْ
 رفوفًا من خطاباتٍ موزعةٍ على لونِ
 الحروفِ وأبجدياتِ الوداعِ وفي 
الحكايةِ ما سيجعلُنا نحبُّ بدونِ أسئلةٍ
 وفي هذا الفراغِ مسافةٌ تكفي وتكفي
 للمزيدِ من التساؤلِ لا توقفَ عن 
ملاحقةِ الطيوفِ و وشوشاتِ
 الأمسِ في لغةِ العطورِ وكيفَ
 تكتبُنا رسائلَ من جديدْ.
الجمعة ١/٥/٢٠٢٠
مذاق مختلف      

ظل وقبعات


ظلٌّ وقبعات شعر: علاء نعيم الغول 



ما ظلَّ شيءٌ لم نقُلْهُ
 فقطْ سنختلقُ الحياةَ من الكلام
 ومن حياةٍ أيقَنَتْ أنَّا هواءٌ
 قبعاتُ الشمسِ تفتتحُ الوجودَ هنا
 بذائقةٍ من التوتِ العفيِّ ونختفي
 إنْ شاءَ قلبُكِ خلفَ أسطحِنا كما
 فعلتْ أخيرًا قُبَّراتُ الصيفِ كم هربَ
 المكانُ وماتَ فيهِ الرملُ وانتشتِ الرؤى
 والذكرياتُ وفي الوسادةِ نزعةٌ للماءِ
 كي تمتصهُ أحلامُنا فِعْلَ الشراشفِ
 في ليالي الشمعِ يا قلبي المبعثرَ
 في النسيجِ الأنثويِّ تطايرَتْ فيكَ
 الفضاءاتُ المريحةُ واعتَلَتْنا هالةٌ
 رغويةٌ بكتِ السماءُ لها رجاءً واحتسابًا
 ما بلغنا كلَّ  هذا من فراغٍ ما علينا
 لو قطعنا كلَّ سلكٍ شائكٍ حولَ المدينةِ
 والتقينا في ظلامِ الغابةِ الصماءِ نسكنُ
 في قناديلِ الشتاءِ ونسمعُ الضوءَ المُزَيَّتَ
 وهو يسرجُ في شقوقِ الليلِ في نياتِنا
 والروحُ أسمى من ترابِ الفضةِ
 المتروكِ للعبثِ الفصوليِّ المُشاعِ ولم
 نقلْ كيف اشتركنا في ابتزازِ العُمْرِ
 فاعتصري يقيني واهمسي في القلبِ
 واحتجزي دقائقَ ليلتي في معطفٍ
 أعطاكِ عطرَ الدفءِ أغوى قَدَّكِ المنحوتَ
 كاللبلابِ لن نحتاجَ أكثرَ من سريرٍ
 تحتَ سقفٍ عانَدَتْهُ المغرياتُ فصارَ صفصافًا
 وصرنا نستحبُّ العشقَ ما شئنا
 على هذا الجفافِ وصارَ معنى النومِ
 أشبهَ بالتعلقِ بالحنينِ فقط أحبُّكِ ممسكًا
 قلبي لأني أسمع الوقتَ الذي في
 الشمسِ أيضًا نهجَ حبٍّ وارتياحٍ
 لا يقلُّ ولا يجفْ.
الثلاثاء ١٧/٢/٢٠٢٠
حدائق التوت    

إنزلاقات مرورية

انزلاقات مرورية شعر: علاء نعيم الغول أحميكَ أم أحمي دقائقَ في ضلوعي تحترقْ أنفاسُنا ليست هواءً بل دخانَ الوقتِ مشتعلًا كما فعلت رسائلُنا ...