ظهيرةٌ ساخنةٌ الحوضُ يزهرُ مرتينْ
شعر: علاء نعيم الغول
أبدو محقَّا
كلُّ من كانوا معي ذهبوا
وما زال المكانُ مكاننَا والوقتُ
ينتهزُ التحركَ في اتجاهِ الموتِ وانقضتِ
الحياةُ كما ترى وأرى بعيدًا كلَّ
شيءٍ كلُّ شيءٍ من بعيدٍ لا يهمُّ
وليس يعنيني كثيرًا والشواطىءُ
غير واسعةٍ بما يكفي طغى الماءُ الجسورُ
على المدينةِ لم تعدْ بيضاءَ أو حمراءَ
هذا البحرُ يسكنُ في الشقوقِ وفي
هزيعِ الليلِ تتسعُ الظنونُ تصيرُ كالغيمِ
المفككِ ثم يأخذني النعاسُ إلى الوسادةِ
تاركًا قلبي هناكَ كعلبةِ الكبريتِ ليس يحنُّ
للموتى سواي أنا البريءُ من التشردِ
والعتيقُ كما تقولُ البيلسانةُ والبسيطُ
كما أرى نفسي ولكنْ بعدَ نصفِ الليلِ
تنهمرُ النجومُ على النوافذِ أسمعُ
الأصواتَ من خلف الزجاجِ تئنُّ من شكوى
ومن شبقٍ وتأخذني الطيورُ إلى السماءِ
وقد أموتُ مجددا لكنَّ هذا الليلَ يجعلني
قريبًا من بداياتِ المواسمِ من جنونِ البرتقالةِ
واحتراقِ الكستناءِ على الصفيحِ وفي سنا
عينيكِ أبصرتُ المدى وسبحتُ في طيفي
وطيفكِ عاريًا متوسلًا للنور والفوضى
القديمةِ كلنا أسرى ويجعلنا التألمُ قادرينَ
على التفاؤلِ والخلاصِ ونيتي في أن
أحبكِ لا تزالُ قويةً وجريئةً وأنا الغريبُ
عن القرى وصديقُ هاتيكَ الغزالةِ هل لديكِ
الآن ما يكفي لتوريطِ الحمامةِ في الهديلِ
وزجِّ دقاتِ العقاربِ في عيونِ أخِيلَ
هذا ما أراهُ وفي المدينةِ رغبةٌ في الحربِ
والموتى لهم ما ليس للأحياءِ دعني لا أُحبُّ
ولا أُحَبُّ ودعْ على بابِ المحطةِ مقعدين
وقلْ سلامًا للطريقِ أنا المسافرُ والذي
سيكونُ خلف النهرِ لا الأحلامُ كافيةٌ
ولا هذي المحطةُ تعرفُ الحمقى من الغرباءِ
سوف نضيعُ في هذا الضبابِ ونختفي كفقاعةٍ
بين الدخانِ وراءَ مدخنةٍ وبعد الليلِ تتسعُ الرؤى
وأصيرُ أجملَ أو يزيدُ بشمعةٍ تكفي لتبديدِ
المخاوفِ عن وسادتيَ الأنيقةِ كلُّ ما في الأمرِ
أني لا أخافُ من المرايا لا أعيد الآنَ ما قالتهُ
لي عند العناقِ وحين أسدلتِ الستارةَ كانَ
قلبي فارغًا متوحدًا والحبُّ أنتِ وزهرةُ
الليمونِ هذا وقتُ عينيكِ اللتينِ أراهما
حتى اشتعلتُ بما لديكِ من المفاتنِ وانتهيتُ
كما ترينَ أنا الذي فتحَ السماءٍ بوردةٍ
وسقى المدينةَ بالهواءِ وشقَّ رائحةَ
القرنفلِ بالصباحِ أنا أحبكِ والذي بيني
وبينكِ واضحٌ كالزعفرانِ وباردٌ كالعشبِ
مشتاقٌ لهذا الرملِ أركضُ خلفَ أسمائي
القديمةِ هاربًا أو راجعًا ما عدتُ أعرفُ كيف
ترتفعُ الغصونُ وكيف تنهارُ التفاصيلُ
الأخيرةُ ثمَّ تنهزمُ الفراشةُ في النهايةِ بين
صوتِ الماءِ والآهاتِ بين يديكِ تختلفُ المواقيتُ
التي كانت ترتبها الظهيرةُ للطيورِ وقلتُ
في شفتيكِ إني دافىءٌ متوهجٌ لا أستطيعُ
الإنعتاقَ ولا أفكرُ في اتخاذِ اللوزِ أجنحةً
لأهربَ من متاهتكِ الوثيرةِ كالفِراشِ
المنتشي بتوسلاتِ العشقِ هذا ما تبقى
بيننا أن نسبقَ الآهاتِ نختلقَ احتمالاتٍ تقربنا
من الفردوسِ من عبثِ المسافةِ والتشردِ
بين ألوانِ الشراشفِ والملاءاتِ الطويلةِ
إنها لحظاتُ تأنيبِ البنفسجِ لي وترتيبِ الكثيرِ
من الإهاناتِ التي سقطتْ على ورقِ القصيدةِ
من عتابِ الأقحوانةِ إنها الحربُ التي فتحتْ
خوابي الخوفِ والبذخِ المريبِ وأوصدتْ في الوجهِ
أبوابَ العرازيلِ البعيدةِ واختلفنا عند مفترقٍ
وطلقاتُ الرصاصِ تئزُّ من خلفِ البيوتِ وهكذا
نحتاجُ للصمتِ الطويلِ وفكرةٍ عمياءَ أيضًا
ننتهي فيها هناكَ أمامَ كوخٍ ما وقد غزتِ
الطيورُ فنارَنا وموانىءَ الوقتِ البطيئةَ وانتظرنا
ما انتظرنا والحياةُ محطةٌ وحكايةٌ.
سنا العرزالْ