صناديقُ الهواء
شعر: علاء نعيم الغول
ومنَ الحقيقةِ للحقيقةِ
من صناديقِ الهواءِ لشرفةٍ
مقفولةٍ من رغبةٍ عمياءَ للفرحِ المنادي
في سرادقَ للغناءِ على ضفافِ النومِ
من هذا الصقيعِ لكلِّ أروقةِ الحكاياتِ
الدفينةِ في أقاصي النفسِ من دنيا
بلا وقتٍ لدنيا تنكرُ الأحلامَ ثانيةً
على مرأى من النورِ المطارَدِ
من هنا لهناكَ للوادي السحيقِ وتلةٍ
مزروعةٍ بالأيهقانِ ومن فراغِ الريشِ للوكُنِ
التي صعدتْ أعالي الشمسِ في
الجبلِ البعيدِ ومن حريقِ الوردِ
بين الحربِ والبحثِ الشهيِّ عن الهدوءِ
ومن كلامٍ لا يزالُ يرددُ المألوفَ
للجُمَلِ التي تخشى الظهورَ على الشفاهِ
من ابتسامتِكِ التي فتحتْ جرارَ الماءِ
في تموزَ للشجرِ الذي ينهارُ من عطشٍ
ومن صوري القديمةِ في دهاليزِ الخيالِ
إلى الجديدةِ وهي تلمعُ في براويزِ التكلُّفِ
من براءتي الأكيدةِ لاتهامي دائمًا
بتساهلي في الردِّ والتعبيرِ عن نفسي
بدونِ توترٍ لأقولَ إني المقتدي بفراشتينِ
وطائرِ الدوريِّ بالوروارِ والعشبِ الذي
غطى الشواطىءَ أجرأُ الأحلامِ أعرفها
وأعرفُ أنها لا تنتهي في لحظةٍ
أو تختفي كفقاعةٍ بين الغصونِ
تدومُ في نفسي العلاقاتُ التي نبتتْ
بلا وجعٍ وأفترشُ المساءاتِ الجميلةَ
بالخشوعِ أمامَ مرآتي الطويلةِ وهي
تعلو في السماءِ فتعكسُ المخفيَّ منها كي
أرى الماضي وقلبي والذين تسكعوا
في الذكرياتِ بدونِ وصفٍ لائقٍ
وهنا يذوبُ الليلُ يصبحُ شهوةً سوداءَ
يصبحُ ملمسًا يغري الأصابعَ بالمزيدِ
من الثراءِ على حدودِ العشقِ
يصبحُ جرعةً ممزوجةً بالريقِ رائحةً
تفوحُ من التصاقِ الدفءِ بالدفءِ المغطى
بارتعاشاتِ الملاءاتِ النظيفةِ
في سكونٍ موجعٍ أعطى الوسادةَ
غربةً مفتوحةً حتى البعيدِ من البعيدِ
إلى الذي ما عادَ منهُ الحالمونَ
ومن هنا حتى الحقيقةِ مرةً أخرى
وقد شاركتُ في تتويجِ نفسي مرتينِ
وصرتُ سيدَ ما لديَّ وليس لي
مما لديَّ سوى الفراغِ تكدستْ فيه الرؤى
وتجمعتْ حولي جماعاتٌ من الطيرِ
الجريئةِ وانشغلتُ بحفرٍ بئرٍ خلفَ سورِ
البيتِ كي تُسقَى الكرومُ وتصعدَ السحبُ
البطيئةُ في ترانيمِ المجازاتِ الوفيرةِ
بابتهالاتٍ تساوي كلَّ هذا الإنتظارِ
ومن هنا للشوقِ للتفكيرِ في معنى البقاءِ
بدونِ شرطٍ مسبَقٍ وبدونِ تدوينِ اتهاماتٍ
معجلةٍ لنفسي والبقاءُ حبيبتي
متوفرٌ كبقيةِ الأشياءِ تنقصُنا المواجهةُ
الجميلةُ مع مرايانا وأنفسنا وتكفينا
القناعةُ أننا بسطاءُ أيضًا نستعيدُ الحبَّ
منهُ ونُستَعادُ من المكانِ بصورةٍ أخرى
سنبقى الأوفياءَ لمغرياتِ الأمسِ
والباقي سيبقى حين يأتي مع صناديقِ
الهواءِ وفي جرارِ الوردِ في الجُمَلِ
التي تتكررُ الآنَ اعترافًا أننا ورقٌ على
ورقٍ ورملٍ لهفةٌ مسكونةٌ بالودِّ أحيانًا
وبالشكِّ الدفينِ وهكذا لا بدَّ من تعطيلِ
ما يؤذي ويمنعنا من استنزالِ ذاكرةٍ
كعنقودٍ من العنبِ الشهيِّ
وفي الظهيرةِ طيبٌ ظلُّ المكانِ
بما يتيحُ من التأملِ في انعدامِ الخوفِ
والقلقِ العميقِ كم الحياةُ بسيطةٌ
وسريعةٌ كمدينةٍ تمتدُّ من بين النوافذِ
في اتجاهاتٍ تثيرُ تساؤلاتي من جديدٍ
أيها القلبُ الصغيرُ تعالَ نقتسمُ الجمالَ
وما يراعي ما توقعناهُ في أيامنا وشتاءِ
عامٍ قد مضى وهي الحياةُ حبيبتي بيضاءُ
غائبةٌ كنومٍ واسعٍ من غير أضغاثٍ
وتأتينا الرؤى من رغبةٍ فينا نلاحقها
ونمنعها من الهربِ الأكيدِ ومن هنا لحقيقةٍ
أخرى أقولُ كم الذي في النفسِ مختلفٌ
وكم أحتاجُ أيامًا وأيامًا وعُمْرًا
من فضاءٍ واشتياقْ.
السبت ٩/٤/٢٠٢٢
أشياء تنفع للفراغ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق