مناديلُ وغزةُ واحدة
شعر: علاء نعيم الغول
في شَعْرِها طارتْ مناديلُ الوداعِ
وهبتِ الريحُ التي دعتِ المراكبَ للمرافىءِ
وانتشتْ فيه الليالي العاطراتُ وأغرقَتْهُ منافحُ
الطيبِ المليئةُ بالقرَنفُلِ أو مزيجِ الصندلِ الهنديِّ
بالكافورِ إذ نحتاجُ يقْظَتَنا لتأخذنا معاً
للفجْرِ مقتولَيْنِ تحتَ العشبِ ملتصقينِ بين
الوردِ محتاجينِ للدفءِ الطبيعيِّ الشهيِّ
هي المُلاءةُ تعرفُ المكتوبَ أفضلَ والشراشفُ
قد يطولُ كلامُنا فالليلُ مفتاحُ الصدى تترددُ
الآهاتُ فيهِ تطيرُ موجاتٍ تخلخلُ في الأثيرِ
مدارَهُ وأنا و أنتِ مجازفانِ كقطةٍ في الماءِ تركضُ
خلفَ فأرٍ غارقٍ من مدةٍ كرغيفِ خبزٍ ناضجٍ
سيجفُّ في هذا الركودِ وقسوةِ الفقْرِ الذي ضربَ
المدينةَ منذُ أَنْ قالَ المُعيلُ تحسسوا من ريحِ صيادٍ
رمى غَزْلاً ولمْ يرجعْ
عُبابُ البحرِ يبتلعُ الذين يرتبونَ رحيلهم موجاً
وبعضَ موانىءٍ والليلُ يبتلعُ الأماني وهو يشربُ
من قواقيزِ السكارى المُجْبَرينَ على اقتسامِ مرارةِ
الصحوِ القليلةِ والنهارُ يقطِّعُ الظلَّ الأكولَ
وبالتساوي بين عابرةٍ برأسٍ حاسرٍ وصبيةٍ أخرى
تغطي وجهها من لفحةِ الشمسِ المدينةُ يا حبيبتي
الجميلةَ تحتها صنوقُنا الأسودْ
فمن يأتي ليفتحهُ على مرأى من العبثِ
المنظمِ والطيورِ وزهرةِ الخشخاشِ كنا آمنينَ
لنا نساءٌ من صباحٍ باردٍ ولنا صغارٌ دافئونَ
وبيتُنا يستقبلُ المطرَ العفيَّ كما شفاهُ الماندالينا
والحبَلَّقِ أذكرُ الدنيا البعيدةَ وهي تكبرُ
في ملامحنا وتعطينا خطىً أخرى وفاتحةً
لكلِّ مدينةٍ لجأَتْ لها أسَرُ الشتاتِ وضيَّعَتْنا
بعدها في الذكرياتِ كم البلادُ حبيبتي ملأى
بنا هي شَعْرُكِ المجدولُ بالنوارِ بالحبقِ النديِّ
وغربةِ الوروارِ والخُضَّيْرِ أين كراكزُ الصيفِ الصغيرةُ
والسنونو والحياضُ المستفيضةُ بالبذورِ وصبوةِ
النعناعِ صُفْرَةُ رملِنا جعلت لنا بحراً وغطتنا
برائحةِ السماءِ وزنبقاتٍ شِلْحُها رسمَ الحكايةَ نفسها
من ألفِ عامٍ حيثُ كانتْ غزةُ القَدَرَ الذي جلبَ
الغزاةَ المارقينَ إلى قرانا والشواطىءِ ثمَّ عادَ الكَرْمُ
يُعصَرُ واكتفينا بالحكايةِ في كتابٍ ليس يقرأهُ أحدْ.
الجمعة ٢٣/٢/٢٠١٨
توقعات محايدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق