ضحايا الفكرة الأولى
شعر: علاء نعيم الغول
(١)
مِنْ فكرةٍ نشأَ الوجودُ ونحنُ أولُ فكرةٍ في الأرضِ في هذا الفراغِ المستمرِ وسطوةِ الصمتِ الكبيرِ عن الحقيقةِ فكرةٌ بدأتْ وليس مرشحًا أن تنتهي وعليكَ يا قلبي التفاني في التحررِ من مراسيمِ الصعودِ إلى معانٍ لا تفسرُ ما جرى.
(٢)
مَنْ كان أولَ من تملَّقَ في الهوى برسالةٍ وتطايرتْ من ثمَّ أوراقُ الدفاترِ بالنشيدِ على المذابحِ والقرابينِ المليئةِ بالخضوعِ وبالتواجدِ عندَ أبوابِ المعابدِ والسجونِ وفيكَ قلبي المعتَقَلْ أنتَ الذي علَّمتني أنَّ الحياةَ مناسباتٌ للتآمرِ والفناءْ.
(٣)
مَنْ كانَ أولَ مُشْعِلٍ للنارِ أولَ مَشعَلٍ حرقَ البيوتَ وصادرَ الليلَ المسجى في جفونِ النائمينَ وألهبَ النياتِ بحثًا عن مكانٍ آمنٍ والنارُ لونُ الخوفِ رائحةُ البداياتِ الغريبةِ هكذا قلبي الصغيرُ يطيعُ جمرَكِ في الهوى يا نارُ كوني قطرةً من ماءْ.
(٤)
هل مرأةً كانتْ أمِ الرجلَ الذي زرعَ البنفسجَ واهتدى لمذاقِ أولِ خَوْخَةٍ وسقى السفرجلَ بالندى واستزرعَ الرمَّانَ من شفتيكِ كانتْ فكرتي عن أولِ العنبِ الشهيِّ وغربةِ الكرْزِ البعيدةِ في بلادِ الصيفِ يا قلبي احترسْ ليستْ مذاقاتُ الفواكهِ واحدةْ.
(٥)
مَنْ كان أولَ من غرِقْ مَنْ كان صاحبَ فكرةِ الإمساكِ بالوروارِ ترقيمِ الحروفِ بشكلها الحاليِّ مَنْ كانَ المعيقَ لفكرةِ الطيرانِ بين مدينةٍ ومدينةٍ قلبي المحطةُ والبريدُ رسالةٌ مفتوحةٌ بيني وبينكِ صافراتُ الحربِ بعدَ الليلِ أو قبلَ الضحى.
(٦)
مَنْ كانَ أولَ من تعلقَ بالبروجِ ومنزلَ القمرِ الصغيرِ وقال إنا رهنُ ما تخفي لنا الأفلاكُ والنجمُ البعيدُ وفي النهايةِ نحنُ رائحةُ الفراغِ ضحيةُ الفِكَرِ التي طرأتْ على بالِ القدامى كيف نُبْطِلُ كلَّ هذا نُرْجِعُ الدنيا لما كانت عليهِ من البدايةِ هكذا من غير سوءْ.
(٧)
ما قلتُ يكفي كي نعيدَ صياغةَ التفكيرِ في ما قدْ يجيءُ ولا نُحَمِّلُ غيرَنا أوزارَ أفكارٍ من الماضي هنا تتغيرُ الدنيا ونعبثُ باقتدارٍ في تفاصيلِ العلاقاتِ التي لا تنتهي هي هكذا والقلبُ ليس بفكرةٍ مطروحةٍ كحكايةٍ لم تكتملْ.
(٨)
عاداتُنا فينا شظايا لا حياةَ ولا تعايشَ في المدينةِ والقبيلةُ لو نظرتَ عبوَّةٌ للإنفجارِ بفكرةٍ تقضي بأن نختارَ بين نهايتينِ كمن يُخَيَّرُ بين مشنقةٍ وضربٍ بالرصاصِ ولا مكانَ لمن يحبُّ ويستظلُّ بظلِّ أجنحةِ الغرانيقِ الكبيرةِ أيها القلبُ ابتعدْ خلفَ الجدارِ عبوةٌ موقوتةٌ.
(٩)
وردٌ وبارودٌ جمالٌ وانهيارٌ في صروحِ الروحِ رائحةٌ من اللوزِ الذي غمرَ الهواءَ بلونهِ هذي الحياةُ محطةٌ من ألفِ بابٍ كلها مفتوحةٌ للماءِ والنارينجِ فاقفلْ ما تشاءُ ودعْ لغيركَ فرصةً للعيشِ أفضلَ هكذا قلبي يفضلُ أنْ يحبَّكِ مرتينْ.
(١٠)
مَنْ كان أولَ عاشقٍ مَنْ أدرَكَتْ في وقتها أنَّ العناقَ وثيقةٌ والقُبلةَ الأولى سباقٌ مع نهاياتِ الأصابعِ كيفَ كان العشقُ أولَ ما بدا وتناثرتْ من ثَمَّ أسرابُ الفراشاتِ الجميلةِ أيها القلبُ الفتيُّ هي الحياةُ ونحن عشناها ضحايا الفكرةِ الأولى.
الأربعاء ١٠/٧/٢٠١٩
لا ينبغي أن تكون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق