إضاءة في قصيدة الشاعرة ثريا نبوي "للقدس معراج"
بقلم: الشاعر علاء نعيم الغول
الشاعرة ثريا نبوي في هذه القصيدة تُظهرُ مدى انتمائها للقضية الفلسطينية المتمثلة بالقدس جوهر الصراع في المنطقة والمحك الذي تختبر عليه انتماءات الشعوب في المنطقة لقضاياهم المصيرية. والقصيدة تتبع أهمية القدس منذ حكايتها الأولى أيام كانت عاصمة ملك سليمان حتى هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ المنطقة التي أعلنت فيها القدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني.
تتسلح الشاعرة بلغتها القوية ومعرفتها غير العادية بقواعد اللغة وصرفها وتقنيات السرد الشعري ذي النفس الطويل الذي نلمسه واضحاً في معظم القصائد العمودية الكلاسيكية والتي اتضحت معالمها مؤخرا بشكل معاصر تقريبا في قصائد شوقي والبارودي والجارم وعلي محمود طه و بشارة الخوري والجواهري وغيرهم.
مواكبة الشاعرة للتغيرات السياسية وحالات التصعيد في المنطقة واضحة في القراءة الأولى وتتخلص من الخطاب السياسي المباشر من خلال الاتكاء على التصوير والمحسنات التي تساهم في فصل القارىء عن اللغة اليومية التي تخلو من الدهشة والجماليات المقصودة التي تميز وتؤثث القصيدة العمودية.
لا تخلو القصيدة في جوها النفسي من المسحة الدينية وكأنها بيان واضح أن جوهر الصراع ديني عقائدي وعدم الاعتراف بذلك يساهم في تضليل الرأي وحرف القضية عن مسارها. والدين في المنطقة محور جميع التجاذبات السياسية والأقليمية حتى وإن تغلفت بطابع مختلف فالصراع على القدس كرمز ديني يشكل الباعث الرئيس للتحديات في المنطقة بأسرها بغض النظر عن الأجندات المتعددة والتي وعمل لصالح قوى غير وطنية ولا تصب في مصلحة الأمة العربية إلا أن الحق لا ينام عنه صاحبه ولا بد من أن تأتي لحظة الحسم التي ترد فيها الحقوق الى أهلها، هذا ما توضحه القصيدة من خلال عبارات التفاؤل والثقة في مقدرة الشعوب على الدفاع عن مقدساتها وحقوقها المغتصبة.
وما لفت نظري في أن الشاعرة ثريا تستخدم الشكل البصري للقصيدة في خلق جسد انسيابي مقصود للنص ينتهي بكلمة واحدة وكأنها تشكل رأس الذنب في الزوبعة وكأن كلمة "المتخاذلين" سواء أكانت مقصودة أم من اللاوعي المعرفي لدى الشاعرة تخدم الواقع السياسي والديني للقصيدة بأن المتخاذلين هم من أوصلوا المنطقة لهذه النقطة. وهذا الشكل البصري يندرج تحت مسمى Visual Poetry والذي عبر Dick Higgins في أواسط الستينيات من القرن الماضي بأنه انفصال عن سطوة اللغة التعبيرية المهيمنة للغة مع ظهور تجارب الشعر الملموس في الخمسينيات من القرن نفسه. ويسهم هذا التزيين بالمفردات في رسم حالة نفسية تساعد القارىء على الاندماج في النص مع أن القصيدة عند الشاعرة ثريا لا تعتمد الشعر البصري بكل تقنياته.
هذه إضاءة سريعة علها تسهم في إعطاء المهتمين بشعر ثريا نبوي نبذة عن الخيوط التي كونت بنية القصيدة.
يمكن للقارىء الرجوع الى القصيدة عن طريق الرابط الذي يقود الى مدونة الشاعرة
http://thorayanabawi266.blogspot.com/search?updated-max=2018-02-10T18:46:00-08:00&max-results=7
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق