علاء نعيم الغول” يغرق بين اللغة وصياغة الشعر الحديث في ديوان ” قصائد العشق المائة”
التصنيف: فن وثقافة (:::)
ورقة أولى بقلم/ هدلا القصار- فلسطين المحتلة (::::)
في جلسة مبادرة تحت الطبع التي نظمها مركز غزة للثقافة والفنون يوتوبيا وجالري غزة،
أرحب بالحضور الكريم كما أرحب بالزملاء الشاعرة ديانا كمال، والشاعر علاء نعيم الغول، واشكر المسئولين لنيل شرف مشاركتي هذه الجلسة لألقي برؤيتي حول أوراق ” قصائد العشق المائة” للشاعر علاء الغول الذي أثار ذائقتي بأسلوبه غير مألوف على الساحة الشعرية، ضمن متطلبات شروط النهضة الأدبية في نتاجه الأدبي، المكمل لمسيرة أشهر شعراء الشرق والغرب الذين ما زلنا نستشعر بوجودهم.
ولأنني ببساطة أعتبر نفسي من هذه الأسرة أردت من خلال رصيدي المعرفي وتجربتي البسيطة في الشعر والنقد، أحاول ترجمة أو تقييم وليس “تفكيك ” بعض من مائة قصيدة من الجنون الطري / من العتاب والصواب/ من الشغف المخبئ في نصوص تنحني على أريكة عطاءات الشاعر وقدسيته الروحية، والصوفية، في إحقاق الرغبة دون تكلف أو عناء أو ما شابه .
دعوني أولا أن ألبي دعوة أوراق الشاعر التي وجدنا فيها الكثير من الأساليب المختلفة وغير السائد على وجه التحديد .
وبعد ذلك سنتوقف عند بعض النقاط التي نريد أن تستوضحها من الشاعر علاء الغول، من الناحية المعرفية والعلمية، وتقنيات أسلوب الحداثة /والتجديد في تكنيك النصوص التي قد نختلف عليها، أو نتفق بعد تشريح رؤيته وقناعاته، وربما نترك الأمر مفتوحا لنرى مدى استيعاب المتلقي .
لعلنا نصل إلى ما يفتح شهيتنا للبحث عن تلك التقنيات والصياغات المهجنة والمستحدثة .
وبما أن النصوص عامة كالإنسان لها تغيرات، الثوابت والعوامل وتطورات، كما في الشعر له أجناس متنوعة ذات أبعاد ومستويات وأصوات متعددة، ومزايا ومتغيرات، بالطبع لا ريب في ذلك طالما بقي داخل الجنس الشعري الواحد حتى لو حدث فيه تصنيفات وتحديثات مغايرة، وهذا لا يمنع أيضاً من أن يكون للشاعر دورا في التحولات التي تطرأ على بنية هذا الجنس الشعري الحديث الذي يطرح أمامنا نموذج راقياً .
لذا نقول أن لكل نوع من الشعر له هيئته الخاصة من الخارج والداخل فهو يبني صفاته وملامحه الخاصة كما في أوراق الشاعر علاء الغول، الذي حمل في ثقافته المخيلة الخصبة الممتلئة بضجيج حكايات يومياته المحمومة، لتظل كوثائق أدبية أو شذرات مرسومة على جدران الشاعر الذي يدق القلم فوق أوراقه لتنبت حباً وصفاء في أبداع ” قصائد العشق المائة “، حيث لاشيء يلهيه عن همس التلاحم بهرمون الحياة ألا وهي ” الأنثى ” التي منحته البحث المتواصل عن شيء عالق بين السماء والأرض، في صور مفعمة بالرموز والدلالات، في ذهن الشاعر، الأشبه بعقل الفرد الذي يتلقى الوحي من مؤثرات قديمة وحديثة، لينسج موال مفرداته الكاشفة أدق تفاصيل فضاءاته الغنية يمنظومات البوح والصور البلاغية، من خلال تفرده في أوراق العشق الروحي .
يتمتع الشاعر بقدر كبير من التراكيب االكونية المختلفة، والصياغات القائمة على البحث عن جوهر الحكمة في علوم الغرب والشرق، من خلال استحضاره المترصد لجميع اتجاهات الحركة الأدبية، التاريخية، من اجل تطوير تجربته التي مكنته من اكتساب ثقافة العالمين، ابتدءا من صياغة نصوصه “اللولبية أو الدائرية” التي لا تنتهي عند آخر كلمة من السطر الأخير، بل يمكننا أن نأخذ من كل نص الكلمة الأخير، ونضعها قبل الكلمة الأولى من كل نص لنجد أنفسنا نعيد قراءة النص من حيث انتهى دون نهاية .
من هذا المنطلق نقول أنه ليس مهماً أن نكتب شعراً موزوناً، أم منثوراً، وغيره من التصنيفات، المهم أن نحقق التوازنَ بين اللغة المتماسة بعناصر الكلمة الملموسة بالإحساس الصادق و دفء المشاعر المتأرجحة بين الثقافة العلمية وتقنيات المعرفة كما أبدع الشاعر علاء الغول … الذي وضع المعاني في جدليات تدخل بين الهمس والهمس، وبين الروح والروح، حيث تتوالد لحظات الشاعر السكونية الخافتة لتنساب كهمس يعطي الشفاه حياة من رحم الأسارير، إلى أن يمر منها ضوء القصيدة كلحظات الولادة المبهرة .
وهكذا يسعى الشاعر للبحث في أنواع الأدب الشامل، ثم يغربل التشابه ما بين الماضي والحاضر وبين الرجل والمرأة، بما أن المرأة هي مربط فرس الخيال، بعد أن جمع أشكال الروايات التاريخية وتفاصيل الحكايات الأسطورية، التي تضع الأنثى في قالب جميل .
وكأن الشاعر برغب في أن يعود به الزمن إلى عوالم الحب الروحي في قياس لذة الألم، حيث يستحضرنا في هذه اللحظة “الشاعر الاسباني لوركا ” الذي اغتيل تحت شجرة الزيتون، وهو يتغنى بهوى غرناطة……، كما في انهماك الشاعر، بتدوين كل ما يتعلق يومياته العاطفية ضمن تجربة شعرية ممزوجة بماء واللاهوتية والصوفية، باللاوعي مما ساهم في قولبة الأدب الشامل، الذي كان فيما مضى يمثل لغزاً .
لنكتشف زوايا نصوصه …. وطرقه المحملة بأدوات الوصف والتحليل والتفسير، والتخيل، والاستشهاد، والتناقضات، في ثقافته التي وضعت في رسائل “قصائد العشق المائة”
إلى أن تحول هذا العشق الكوني لدي الشاعر ” كهوس الرضيع كلما لامس بنانه مصدر عطر الحبيبة” يذهب في قدسية قصائده الساخنة، حيث يترك للقارئ اكتشاف جوانب ما يخبئه في هذه الأوراق التي تحمل الشكل الشعري الحديث والعصي، الذي يعمل عليه الشاعر بطريقة منفردة …. فمثل هذه العلوم لم نجدها إلا عند القلائل من المبدعين،
لذا وجدنا أن الشاعر يسير داخل نصوصه كالمد والجزر يبحر في الوجدانيات والإنسانية، والعظمة والزوال/ النفور والعدم / الرغبة والألم / الزمان والمكان، والتناقضات في مركبات الحياة ومنغصات الصراخ / ودهشة العالم الذي يتأرحج بين الحاضر وارث الروايات الرومانسية المسكونة في قلب الشاعر ليصبح كشتاء الربيع في مشاعر أفرزت مائة قصيدة دون أن يقطع الحبل السرة بينه وبين ما ستنتجه الرؤية فيما بعد .
في النهاية نعود إلى ما استوقفنا في نصوص الشاعر علاء الغول، أقول لكم وبصراحة، في البدء أربكني أسلوبه الذي يقال عنه النص ” المدور” غير المتداول على الساحة الشعرية إلا فيما لا يذكر حسب بحثنا للتأكد من مصدر “السيد جوجل” لنكتشف أن النقد لم ينفرد بشكل واسع لمثل هذا النوع من النصوص، وربما لم يلفت نظر المثقف بشكل ملحوظ .ان هذا التخمين أتى بناءاً على محاورات طرحت بيننا وبين بعض الزملاء الشعراء بطرق الدردشة والنقاشات بشتى أنواع الشعر في الأدبين. وهذا ما وضعنا في دهشة التساؤل والتعجب والاستغراب بشكل متوازن
أما بالنسبة لمشاهدة النص للوهلة الأولى فهو يوحى أن بين أيدي القارئ نص سردياً أو قصاصات قصصية… بما أن شكل الأسطر الطويلة ليست مألوفة من ناحية الشكل حيث تتراوح كلمات كل سطر ما بين أثنى عشر كلمة وستة عشر، وهذا يدل على أن تلك النصوص الحديثة تحتاج أكثر من قراءة وتأويل للدخول إلى ما يرمي إليه الشاعر بهذا الأسلوب الحديث، لعل شاعرنا أراد أن يقول للمتلقي إن الشعر المعاصر ليس بعيداً عن تقنيات وطرق شكل القصيدة الحديثة .
إذ نكتفي الآن بهذه اللمحات لنترك للشاعر أن يقرأ لنا بعضاً من نصوصه ثم نعود لنستكمل ما فاضت به أغنيات رسائل ” قصائد العشق المائة” .
وان قصدنا من هذه الرؤى أن نورد بعضا من تجربة الشاعر علاء الغول، الذي جمع صوره الكلاسيكية، في رسائله وذهب إلى عنفوان الحب العذري وعقاب الآلهة وملحمة الأقدار باحثا عن صوت مختبئ في ماضي من لوح الوسائد المزخرفة /من ترانيم قصائد العشق لينــقش صخرا جلس عليه ديجور ” قلبان على ضفة ورمل” قصيدة :
الذي هو في الواقع نداء من الأعماق نابع من أغوار القلب الذي يدق العشق كالرهبان بانتظار أن تشرع مراكب تفيض بلحظات البوح بالكلمات متعبة / تحمل الوصال / تفتش عن صهيل العشق /يكتبه على حجر القلوب / يبحر راضيا مستسلما لإناء الحبيبة.
هو في الواقع نداء من الأعماق نابع من أغوار القلب التي مست جنون “قلبان على ضفة ورمل”
قلبانِ على ضفةٍ و رمل
لنا قلبانِ من حبقٍ و خَوْخِ الصيفِ يقتسمانِ هذا البحرَ و الرملَ
البعيدَ و سوسناتِ الليلِ أنتِ بعيدةٌ كالطيرِ تقتربينَ من عيَنَيَّ ضوءاً
في مرايا الانتظارِ و لستُ أعرفُ ما يخيفُكِ هادىءٌ هذا الهواءُ و في
الصباحِ تكونُ رائحةُ المسافةِ بيننا شتويةً و على نوافذِكِ التي لا تنتهي
تقفُ السماءُ بلونِها العفويِّ أنتِ كما تقولُ الطيرُ تختبئينَ بين فراشتينِ
و تسبقينَ الوقتَ حين تدقُّ ساعاتُ المساءِ بأمنياتٍ إنْ تحققَ نصفُها
سيصيرُ هذا الفلُّ أكبرَ و الحياةُ بطعمِ شفتَيكِ اللتينِ أسأتُ في تفسيرِ
معنى الإقترابِ من اللهيبِ عليهما و أنا أصدِّقُ فيكِ ما كذَّبتُ قبلَكِ في
أغاني الحبِّ و الوجعِ المسطٌرِ في رسائلَ لم تصلْ للعاشقينَ و هم قليلٌ
أينَ أنتِ الآنَ يا وهمَ المسافرِ و انهيارَ الثلجِ فوقَ سفوحِ قلبٍ مُتْعَبٍ لا
تعرفينَ لِمَ احتضنْتُكِ أغنياتٍ و اتَّبَعْتُ النهرَ خلفكِ ضفَّتينِ من البنفسجِ
مَنْ أنا يا آخرَ الترفِ الشهيِّ و مُنْتَهى الحلمُ البريءِ و رغبتي في
ساعتيْنِ بدونِ أسئلةٍ و أجوبةٍ مِنْ أين جئتِ و لم أكنْ قد جئتُ كي
أعطيكَ قلبي دقَّةً من قلبِها و أنا البعيدُ كما تَرَيْنَ و لستُ أعرفُ أينَ أنتْ.
السبت ١/٣/٢٠١٤
أما نص مدينة بين قلبك والبنفسج المفعم بالمشاعر الدافئة والأحاسيس المراهقة / وهي النداء والعتاب /وما يشتهيه التباس الروح في مسافة نافذة تاهت في زهد الحبيب …… نص محمل بكثافة التعبير ورنات الشاعر اللغوية الخاصة به لنجد أنفسنا أمام الشاعر البلجيكي ” فكتور هوغو
” الذي ظل يبحث عن استقراره العاطفي في فتاته إلى الأبد :
مدينةٌ ما بين قلبِكِ و البنفسج
قَدَرُ الغريبِ مسافةٌ و معابرٌ مفتوحةٌ يا هادىءَ القلبِ
احترسْ مما توارى خلف هذا الظلِّ خلفَ تشققاتِ الحلمِ
و الليلِ المعلقِ في شفاهِ الحبِّ إذْ أنتِ المدينةُ حين تتركُني
أفَتِّشُ عنْكِ في نيَّاتها و توقعاتِ العابرينَ على رصيفٍ ضيِّقٍ
و أنا أريدُكِ شارعاً تشتدُّ فيه الريحُ حتى نلتقي عند النهايةِ
دافئَيْنِ و مُتْعَبَيْنِ و في الممراتِ المليئةِ بالبنفسجِ قد نرتِّبُ مقعدينِ
من الهواءِ و نقتفي أثرَ الغيومِ و نعتلي ظهرَ القرنفلِ أنتِ هاربةٌ
إلى الدنيا التي في رأسِ ذاكَ النبعِ تغتسلينَ بالنوَّار تحتَ الشمسِ
تقتربينَ من ريشِ الإوَزِّ و تعبرينَ النَّهْرَ ممسكةً بلونِ المِسْكِ أنتِ
هنا و لا زالَ الفَنَارُ هناك يحفرُّ ضوْءَهُ في الموجِ كي تبقى المرافىءُ
مخبأً للطيرِ يا تلكَ التي في قلبِها احترقَ انتظاري تحتَ نافذةِ
المساءِ و بعد عامٍ آخرٍ سيصيرُ هذا البابُ أوسعَ لاجتيازِ مدينةٍ
مدفونةٍ في الوهمِ و الخوفِ القديمِ و أشتهي عَيْنَيْكِ حينَ يلوحُ
لي هذا الصباحُ بأغنياتٍ لا تساومُني على قلبي و ذاكرتي.
الإثنين ٣/٣/٢٠١٤
كما في نص أول السفر وآخر العبث يحلق الشاعر دون أن يتوقف / يلعن العتاب / يبحر في مسافة الغياب / فيما الأمازون يروي اسماك الشوق من ريق عاشق ب ” أول السفر وآخر الغيث :
أول السفر و آخر العبث
لكِ أنْ أحبَّكِ لا شروطَ تقرِّبُ الشفتينِ من عنقِ الوسادةِ و الوسادةُ
وردةٌ أخرى تشي بالعطرِ حينَ يضمُّكِ الليلُ الشهيُّ و ترتخي منكِ
الضفائرُ فوقَ قَدٍّ من رقيقِ العاجِ تصلُ النهرَ قبلَ تساقطِ النوارِ
عن جفنِ الصباحِ قليلةٌ فرصُ الحياةِ و غامضٌ هذا المكانُ و أنتِ
بينَ القلبِ و الورقِ المبعثرِ في هواءِ لا يغادرُ ما أفكِّرُ فيه لا أحتاجُ
من عمري سوى هذا الفراغ و أنتِ فِيهِ كشاطِىءٍ يمتدُ فيَّ بلا حدودٍ
يأخذُ الموجُ العنيدُ الريحَ من أصدافِهِ و أنا أراكِ تمشِّطينَ الضَّوْءَ في
شمسٍ تغيبُ نقيةً مما يُسيءُ و في الطريقِ إليكِ وجعُ الانتظارِ و كلما
فتَّشْتُ عن نفسي أرى وهجَ النهايةِ واضحاً و كما تَرَيْنَ أنا وحيدٌ
أكتفي بفراشةٍ لا تعرفُ المعنى الخفيَّ لدقةِ القلبِ الثمينةِ ثمَّ ألهو
تاركاً وجهي بسيطاً في مرايا أيقنتْ أني أحبُّكِ دونما قلقٍ على
طولِ الرسائلِ و التعلقِ بالذي قد لا يُحَقَّقُ لا يهمُّ ففي الحياةِ
تنازلاتٌ لا تعيقُ العيشَ و الفرَحَ المخبأَ في ابتساماتٍ على
شفتيكِ يا أوَّلَ السفرِ الأخيرِ و آخرَ العبثِ الذي لا بُدَّ مِنْهْ.
الثلاثاء ٤/٣/٢٠١٤
إلى أن يذهب الشاعر علاء الغول دون تردد إلى قياس المسافة المضيئة حيث المسافة ابعد من ضوء الأنا الحاضرة والانا الهائمة في الضفة الأخرى التي تحضن الأنا المتخفية والانا الهاربة من الأنين الخافت :
المسافاتُ المضيئة
أحتاجُها و تغيرت هذي الحياةُ و لم يُغَيِّرْني المكانُ و صارَ
لي في قلبِها ما لم أجِدْهُ غداةَ قالَ لي الحمامُ سنحتمي في قلبِها
مما نخافُ أنا و أنتِ هنا لنهربَ من قيودِ الوقتِ و الجُمَلِ المريضةِ
بالترددِ و الحياةُ توقعاتٌ و انتظارٌ لا يجاملُ حينَ أغفو أنتشي
بالطيفِ منك يلفُّني بدثارهِ الورديِّ يحملني بعيداً حيثُ أنتِ
و مغرياتُ الإلتفافِ على الحقيقةِ كي نرى ما لا نراهُ على مَرايانا
القديمةِ من شحوبٍ مُقْلِقٍ أصحو على صوتِ الهواءِ يذوبُ في أُذُنَيَّ
همساً منكِ يسري في دمي دفئاً يذيبُ الثلجَ عن عُشبٍ تحدَّى الريحَ
معترفاً بأنا مثله نستقبلُ الشمسَ الجميلةَ ممسكَيْنِ ببعضِنا كي نعبرَ
الضَّوْءَ المفاجىءَ سالمَيْنِ من السؤالِ و أنتِ لي كزجاجةِ العطرِ الأنيقةِ
تأخذُ الروحَ النقيةَ للسماءِ المستفيضةِ بالنقاءِ و زهوِ أيلولَ الطليقِ على
تلالِ العُمْرِ يا عمري الصغير هنا أنا متناثرٌ و هناكَ أنتِ بقيتي و القلبُ
ذاكرةُ المسافاتِ المضيئةِ و اتهاماتُ المخاوفِ مَنْ أنا مِنْ غيرِ نبضِكِ يا
بداياتِ المواسمِ و انتهاء الموجعاتِ على طريقٍٍ سرْتُ فيه إليكِ عنْ عمدٍ.
الاربعاء ٥/٣/٢٠١٤
أما نص شهية الألم والصيف ونص ” تحيات رقيقة”
يجتمعان على زوال معاتبة الأحباء الذي يطويهم الورد بعد ارتخاء سيفً يبحث في نقاط كلمات وضعت في إطار جميل وراقي …. ربما بات الشاعر متعب من همس الحروف التي لا تغادر مرآة ظل الآخر :
شهيةُ الألم و الصيف
هما يومانِ كانا لي و كانا مفعميْنِ بطعمِها الشتويِّ رتبتُ النهارَ
لها و كان الليلُ يشبهها و يدفعُني لفتحِ شهيةِ الألمِ الذي يُغري
الشفاهَ بما يزيدُ الموجَ ملحاً و القلوبَ توقعاتٍ لا تريحُ و لم أجربْ
بعدُ وَقْعَ الأغنياتِ بدونِها و أنا الذي أعلَيْتُ سقفَ الأمنياتِ لكي
أعيشَ على احتمالاتٍ تغيرُ من تفاصيلِ الحياةِ بلا مقاومةٍ كما
أني أحبُّكِ مدركاً كم في العيونِ تأملاتٌ لا تناسبُ ما تقيِّدُنا
الحياةُ به ادعاءً للحفاظِ على ثوابتَ غير ثابتةٍ دعيني أرسمُ
اللَّوْنينِ فوقَ الوردِ لونَ النارِ في قلبيِ الصغيرِ و لونَ عَيْنَيْكِ
البريءَ كصورتي أيامَ كُنتُ مُهَدَّداً بالإنقراضِ على حدودِ روايةٍ
مكتوبةٍ بحوافرِ الخيلِ السريعةِ أنتِ آخرُ صدفةٍ و نهايةُ النبضِ
البطيءِ و ما يليقُ بما اتفقنا أن يكونَ بدايةً و تساقطت أوراقُ
هذا الظلِّ أسرعَ و انتهى اليومانِ لكن لا يزالُ الوردُ أجملَ تحتَ
شُرفتكِ التي مرَّ الصباحُ بها قديماً و ارتخى في شمسها صيفاً
و عُدْتُ الآن أبحثُ عنْكِ في نُقَطٍ تلتْ كلماتِ آخرِ جملةٍ في البوْحْ.
الخميس ٦/٣/٢٠١٤
تحياتٌ رقيقة
هي صفحةٌ من سِفْرِ هذا القلبِ لا تُطْوَى و كُنتُ متى أرى
طرفَ الطريقِ أزيدُ في ترتيبِ ذاكرتي لأعرفَ أينَ كُنتُ و ما تبقى
و الحقيقةُ أنها تَرَكَتْ مكانَ الوردِ نَهْباً للهواءِ المرِّ يعبثُ بي على مرأى
من البحرِ الذي أحبَبْتُهُ كُرْهاً و قلتُ لها دعينا نسرقُ الوقتَ القليلَ من
المفاجأةِ الأخيرةِ و ارتأتْ أنْ تقسمَ القلبَ الصغيرَ لشارعينِ تفرقا عِندَ
البدايةِ و البداياتُ الجميلةُ لا تدومُ كما التحيات الرقيقة في عيونِ
العابرينَ و لا أرى بداً من التصديقِ أني أفقدُ الأحبابَ قبل دقائقٍ
من أيِّ وعدٍ و الوعودُ تنازلاتُ القلبِ حينَ يكون هذا القلبُ أضيقَ من
سماءِ الصيفِ ما أخشاهُ أني لا أجيدُ الاحتفاظَ بصورتي في صَفْوِ
مرآتي طويلاً لا أرى نفسي كثيراً و هي تبعدُ كل يومٍ خطوتينِ عن
القرنفلةِ الوحيدةِ فوق نافذةِ انتظاري و انتظرتُ بما يبررُ كل هذا
الخوفِ لا أدري متى سيكونُ لي هذا الفراغُ الحرُّ لا أحتاجُ تفسيراً
يلوثُ من بياضِ الانطلاقِ بلا حدودٍ بين ذراتِ البدايةِ و النهايةِ ناسياً
أن الطريقَ ستنتهي و أنا أحبُّكِ لا لشيءٍ بل لأن الشمسَ أوضح من بعيدْ.
الجمعة ٧/٣/٢٠١٤
ثم يعود ويذهب بنا الشاعر في اليوم في 8/3/2014 إلى صوفية الذاكرة في أغنيات صاخبة ليعود إلى شكل مساحة اقتراب القلب من مخيلة لا تضعف قلباً حاضرا في نبض الحبيب الغائب من الصباحات العليلة . .
أغنياتٌ صاخبة
هرَّبْتُ ذاكرتي بعيداً عنْكِ كيلا تعرفي ألمَ انتظاري و التعلقَ
بالوراءِ و ما سيأتي و اكتفيتُ بأنْ وجدتُكِ لا لشيءٍ بل لأني
مرةً أخرى أرى وجهي على مرآةِ قلبكِ حاملاً ما لم تُفَسِّرْهُ
ابتساماتٌ أجيدُ الاختباءَ وراءها من ضعفِ قلبي و احتميتُ
كما تَرَيْنَ بدفءِ عَيْنَيْكِ اللتين أصابتا مني الكثيرَ و لم أعُدْ
متساهلاً مع لذةِ الجملِ التي في البَوْحِ أعرفُ مَنْ أنا و متى
وجدتُ على شفاهكِ كل هذا الضوءِ لا أدري متى سنكونُ
مختلفينِ عن هذا المكانِ و عن رداءةِ ما تقدمه الحياةُ هنا
لنحيا هادئَيْنِ بلا اشتراطاتٍ و خوفٍ لا يراعي ما تريدُ الروحُ
نسرقُ من دقائقِنا القليلةِ فرحةً ليست تريحُ و غالباً لا بدَّ من
شيءٍ نفرِّطُ فيه كي نُرْضي به مَنْ ليسَ يعرفُ ما نحبُّ و ما
نريدُ و نكتفي بالاحتراقِ كما الفراشة حول نارٍ لا تراعي كم
بنا من حاجةٍ للدفءِ قاتمةٌ مرايا الخوفِ و الأوقاتُ مسرعةٌ بنا
نحو الذي لا بدَّ منه و سوفَ نعرفُ كم بنا من أغنياتٍ صاخبةْ.
السبت ٨/٣/٢٠١٤
وفي 9/3/2014 لم يكتفي الشاعر بجوجلة تبريرات الذات الحاضرة بضمير الموقف فاستكملها بنص آخر بعنوان “مكان واسع” هما نصان يحملان الصوفية الممررة بأحلام اليقين المتأرجح بين ما له وما عليه
تقولُ عنْ عيْنَيْها
عينايَ ذاكَ البحرُ حين تكونُ ذاكرةُ الموانىءِ غير كافيةٍ
لتدوينِ اعترافاتِ الشتاءِ على شراعٍ مزَّقتهُ الريحُ فوقَ المِلْحِ
ذاكَ الحدُّ بينَ الثلجِ و النارِ التي لا تغفرُ التشكيكَ في صهرِ
الهواءِ على شفاهِ الماءِ ذاكَ الغامقُ الأبديُّ في ورقِ الخريفِ
و في قشورِ الجَوْزِ عينايَ النهارُ فلا تَنَمْ و كُنِ القريبَ إليَّ
حتى تعرفَ الألوانَ مني لا تقُلْ عيناكَ أجملَ و اسألِ المرآةَ
ثانيةً لتعرفَ أنَّ نافذةَ الصباحِ تفيقُ من عَيْنَيَّ في طياتِ جفنَيَّ
الهدوءُ و همسةٌ تتعثَّرُ النَّسْماتُ في حرفينِ منها لا كلامَ يفيدُ
حين تمرُّ من بينِ الرموشِ بقيةٌ من عِطْرِ ورداتٍ و في عَيْنَيَّ عمقُ
الغيمِ و الوادي السحيقِ و غابةٍ ممتدةٍ في ظلِّها مِنْ نَظْرةٍ سترى
مكاني في السماءِ تحيطُ بي تلك النجومُ تطوفُ بي فيما أنا لا
شيءَ يُدهشُني ففي عَيْنَيَّ سِحْرُ الكونِ مجتمعا و لا أبغي صفاءَ
بحيرةٍ معزولةٍ خلفَ التلالِ فقدْ وجدتَ كما ترى في مُقْلَتَيَّ الشمسَ
ضوءً باهتاً عينايَ ليلُكَ فاستمعْ لهدوءِ قلبِكَ فيهما و دعِ التوتٌّرَ جانباً.
الاثنين ١٠/٣/٢٠١٤
مكانٌ واسعٌ
البحرُ في آذارَ ماءٌ دافىءٌ و البحرُ أنتِ كما يقولُ العارفونَ
بما تناثرَ من رذاذِ الموجِ فوقَ صخورِ هذا الرملِ أنتِ بقيَّتي
فيما الكلامُ الآن لا يحتاجُ مني البحثَ عن سببٍ لما في القلبِ
من حبٍّ و لا أخشى سوى ضيق الطريقِ و قلة الوقتِ الذي نحتاجهُ
لمسافةٍ مفتوحةٍ تصلُ البدايةَ بالنهايةِ دونَ تصفيةِ الحسابِ مع الذي
عشناهُ في زمنِ التكلُّفِ و المجازفةِ الرخيصةِ كي نعيشَ بلا مقابلَ
حانَ وقتُ الاعترافِ بما خسرتُ أمامَ نفسي حين قلتُ كم الحياةُ هنا
تُطَمئِنُ و اكتشفتُ كم الحياةُ هنا اقترابٌ زائفٌ نحو الحقيقةِ أنتِ صوتٌ
قادمٌ فيه النهارُ بلا ادعاءاتٍ و يُشْبِهُنا هواءُ الليلِ حين نُجَرِّدُ القلبَيْنِ من
عٍبْءِ الظنونِ لمَ التقينا هكذا مَنْ كان يعرفُ أنَّ زهرَ البرتقالةِ دعوةٌ للحبِّ
أنتِ متى أفيقُ أراكِ نافذةً على الدنيا التي فيها المكانُ لنا مكانٌ واسعٌ
يتساقطُ النوارُ فِيهِ على وسائدَ لمْ تنَمْ و وجدتُ أنَّكِ وِجْهتي نحو الشمالِ
البحرُ في آذارَ ذاكرةٌ على أطرافِها نبتَ الفراغُ هلِ التقينا سابقا؟ لا بدَّ
أنَّا مرةً كنا معاً و الشمسُ وجهُكِ يا جميلتيَ التي في القلبِ أنتِ و مَنْ أُحبْ.
الثلاثاء ١١/٣/٢٠١٤
أما في نص ” وداع و نص “محاولة لذلك”
لا يسعنا في هذا النص سوى التدخل السريع لمصالحة الطرفين لتنثر هلوسات الشاعر علاء الغول، كعطر فاكهة الاشتهاء الجميل /وفاتحة الورد /والزنجبيل في كحل العيون المندية على شفاه سارت كما السلسبيل ، ولتبقى كلماته كهسيس الندى فوق صولجان قصائد تنثر بيد عاشق يتجسد في سطور ” قصائد العشق المائة ”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق