أنا أيضاً
كما في غفلةِ التاريخِ لا أشتاقُ للموتى ،
و أمشي والسما خلفي تَرى في عينِها دمعاً
لأني تاركٌ أبراجَها تلهو على مهلٍ
بمن ضلَّت مسافاتٌ على آثارِهم حتى
غدت كلُّ المنافي قطعةً منا لها حقٌ.
ولا ندري
إذا ما الضفَّةُ الأخرى منافيٍ مثلُها أيضا.ً
علاماتٌ و وجهُ الليلةِ المكشوفُ لا زالت
إذا ما الضفَّةُ الأخرى منافيٍ مثلُها أيضا.ً
علاماتٌ و وجهُ الليلةِ المكشوفُ لا زالت
عليه القبلةُ الحمراءُ أشهى من ترانيم ٍ
لأوراقٍ حروفٌ تلتقي في حُضنِها عادت
بأسماءٍ لنا فيها عنادُ الفجرِ في كانونْ .
و أشباهٌ
لنا في جوقةِ الماشين بين الصوتِ و الأجراسْ .
شموعٌ تختفي في الشرقِ أو في الغربِ لا تَنسى
نشيدَ العودةِ المشتاق للجدرانِ والدنيا،
عدا أَنَّ المدى وارى وجوهاً لم نَدعْ فيها
سوى أرجوجةٍ ، و البردُ يأتي فجأةً في الصيفْ .
بقايا منْ
زجاجِ اللوحةِ المتروكِ والمعتادِ عالعتمةْ.
و صفحاتٌ تهاوت في زوايا البيتِ يعلوها
غبارُ الوِحدةِ المقتولُ جنبَ البابِ منذ العصرْ .
و تبقى نبتةٌ جفَّت بها ألوانُها حتى
رأيتُ الثلجَ ينمو فوق أشلاء الألى مَرُّوا .
كما يبدو
سوى ما اعتادتِ الأيامُ لم نُدركْ . لذا باتت
وعودُ الريحِ لا تجُدِي ، سأُفشي كلَّ ما أخفت
و أُغرى صدرَها حتى تجَرَّ الغيمةَ الكُبرى
تجاهَ السدرةِ العجفاءِ حيثُ السيلُ لا يجري
و حيثُ الظلُّ يلوي رأسَهُ بحثاً عن الظَّمأى .
أنا منهم
و لكنْ عزَّتي تأبَى . و هذا مبدأ الأسوارْ.
شقوقٌ في جفونِ السروِ لا تُلقِي لنا بالاً
لأنا مع غوادي الصيفِ أرسلنا تهانينا
لمن فوقَ الذُّرَى عاثوا ، و عاد الوقتُ مشلولاً
عصاهُ من فروعِ التينِ تحوي بقعةً من زيتْ.
وسيانٌ
ُولِدْتُ اليومَ أو بالأمسِ يكفي أنني حيٌ
و أني أصنعُ الأوقاتَ موجاً يرتمي مدَّاً
و جزراً يستعيدُ القاربَ المنهوكَ من غزوٍ
و يقضي ليلَهُ يُصغي لما يحُكَى و لم يعرفْ
خلافَ الشاطيء المملوءِ ريشاً من ضحايا الهمسْ .
لذا تَعوِي
إشاعاتٌ من الأفواهِ عن أشياء كم أودت
بأرواحٍ علمنا أنها تُتْلَى قُبَيْلَ النومْ.
عجوزٌ في بيوتِ الحي يَقوَى سمعُها لما
يحينُ النَّمُّ عن حاكورةٍ في مأتم النُّسوةْ.
و لما تنتهي الساعات يعوي مأتمٌ آخر .
إذاً ماذا
وراء الحاجزِ الوردِيّ غير الشوكِ و الساحاتْ ،
و بئر ماؤها غدرٌ فإما الموتُ أو تشربْ.
و ليس الموتُ يأتي كيفما تهوَى ، و لا حتى
جذورُ الرملِ أقوى من بقايا الروحِ و العوسَجْ.
و سفحِ التَّلَّةِ المرسوم ِفوقَ الرايةِ الأولى .
توارثنا
حدودَ القريةِ المدفونُ في أثوابها شيخٌ .
و مالت شمسُنا للغربِ خوفاً من أعاصير ٍ
تُبيدُ الزهرةِ البيضا، ففي أعيانِنِا هدمٌ
و إن قالوا بأنا واحدٌ دوماً فلي رأيٌ .
أخيلوس عقْبُهُ في كِلْمةٍ أخرى : تقاسمنا .
ثقوبٌ في
جدارِ الظهرِ و الراياتِ و الفوضى و أشياءٌ
يسيلُ الخوفُ منها يُغرِقُ الأوقاتَ و الساحلْ .
كما في قصةِ الجرذانِ حيث الناي أغراهُم
فساروا خلفَهُ حتى تولى النهرُ موتاهُم
و عندي قصةٌ أخرى ثقوبٌ لا تُرَى فيها .
إذاً فاسمع
أفاعٍ مرةً كانت بوادٍ خلفَ مأوانا
حسبنا أنها تلهو فمرت فترةٌ حتى
رأينا قلعةَ الأنياب زَرقا لا تهابُ الصَّيفْ .
و ظَلْنا نستجيشُ الحاجزَ الوردِيَّ و الفوضى .
و أجيالٌ توالت لا تَرى إلا جدارَ الظهرْ .
نسيجٌ من
حديثِ الأمسِ و الذكرى و دمعِ اليومِ و الصُّورةْ.
خيوطٌ نصفُها من ليلِ أيلولٍ و نصفٌ من
شحوبِ الطيفِ لُفَّتْ في ثناياهُ على سهوٍ
سعادٌ بينما حبي لها باقٍ كنجمِ القطبْ 0
خطانا تنتهي بالصمتِ عند الشارعِ الخلفيْ.
لقد بانت
و أضحت غرفتي ملهىً لأشباحٍ أَرى فيها
و أضحت غرفتي ملهىً لأشباحٍ أَرى فيها
شرودَ الحاضرِ المجنونِ فالميناءُ لا زالت
(كأني صخرةٌ منها) تشقُّ الريحَ فوق البرقْ .
سعادٌ يزحفُ الصَّاري جنوباً نحوها كيلا
تظنَّ الأمرَ يُنسَى مثلما تُنسَى حكاياتٌ .
رفحْ .يا مَنْ
بها حبي يضاهِي آبَ في أيامِه ، أَمَّا
أنا فالوقتُ لو يكفي سآتي مرةً أخرى ،
و لكن رحلتي في عامِها الثاني و لم تَرجِعْ.
و قد أَسْلَفْتُ أَنَّ النارَ أَوهَى من دموعٍ لا
تَرى في الزنبقِ البرّيّ غير الصمتِ و الموعدْ .
رفحْ . لا بلْ
وعودٌ أشعلتْ في الماءِ أوراقاً و لم تَرحم
بها عُشَّاقَها ، و الرأيُ في ترتيلةِ الموكبْ .
و دقاتٌ ترجُّ البابَ يبدو أنها تُلقي
سلامَ الراحلِ العجلانِ صوبَ الصيفِ والسوسنْ.
وعودٌ أمسكت بالريحِ و اختارت شفاهَ الشوكْ .
أخيراً مَنْ
أنا؟ فالشرقُ أخلى نفسَه مني و لا جدوى
من التِسآلِ إذ أخفيتُ ما أَهوى لمن راحوا
و راحت معهمُ الأيامُ، لكن من أنا أيضاً ؟
خريفٌ مزقَ الألوانَ يُخفي العيدَ و الزينَةْ .
هدوءٌ يخنقُ الطرقاتِ أنَّى سرتُ و الذكرى .
الأحد1993/1/3
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق