أفُقٌ رماديٌّ و تقتربُ الغيوم من السطوح، و في ثيابِ الدفءِ
أسمعني أحادثُ هاتفاً يأتي إليَّ من الوراءِ و شرفتي مكشوفةٌ للريحِ،
يبتعدُ الزمانُ و فجأةً تهتزُّ ذاكرتي و ثَثْبُتُ حين تصبح لافتاتُ الأمسِ واضحةً:
(نهارٌ باردٌ و شوارعٌ رمليةٌ تصلُ البيوتَ ببعضها،
و نوافذٌ مقفولةٌ، أجتاز أرصفةً تغطيها المياهُ،
و معطفي الجلديُّ ينتهزُ الشتاءَ
لتنزعَ القطراتُ رائحةِ الخزانةِ عنه . . .)
كنتُ هناك لا أنسى تفاصيلَ البدايةِ، لا أنسى صفاءَ العمرِ،
يذكُرُنا المكانُ بأننا لم نعْطِهِ وعداً بما يكفي؛ خرجنا منه نحو غدٍ،
و ليس غداً يجيءُ بدون ذاكرةٍ. أراكِ الآن في لونِ السماءِ قريبةً منِّي
كأفكارِ الهروبِ الى المكانِ. أنا وحيدٌ أعبرُ الدنيا بأقدامٍ سعت في كلِّ
شيءٍ، غير أني لم أجدْ بعدُ الطريقَ اليكَ يا قلبي.
تعبتُ و آن لي أن تهدأَ الأمواجُ فيكَ على الأقلِّ الى مساءٍ ممطرٍ،
إذ سوف تعبُرُني إليك طيوفها مشدودةً لدمي؛
فافتحْ نوافذَكَ الكبيرة، و ابتكرْ شيئاً من اللغةِ القديمةِ
في جراحِكَ كي يصيرَ البحرُ فاتحةَ الكلامِ.
لمنْ يدقُّ القلبُ و هي بعيدةٌ و يداي تحت الرأسِ غائبتانِ؟
أملأُ حين يندى الجوُّ أوراق القصيدةِ بالضبابِ،
و أفتدي بالشمسِ صوتَ الريحِ كي تجري إلى أجفانها بالفجرِ.
أرجعُ للسؤالِ: لمن يدقُّ؟ و ينبغي ألا تكون إجابتي بالصوتْ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق